افراسيانت - تشي جميع التصريحات والتقارير الصادرة من مراكز القرار العسكرية في الغرب أن التدخل في ليبيا ضد الجماعات المتطرفة أصبح أمراً محتوماً، قد لا ينتظر طويلاً.
بعض الدول، كالولايات المتحدة، تريد أن تأخذ وقتها، بينما تبدو دول أخرى كفرنسا، أكثر استعجالاً. ولكن في المحصلة، تتجه الأمور نحو تدخل عسكري قد لا ينتظر تمكن «حكومة وحدة» من العمل، فالوقت الضائع يبدو أنه يخدم «داعش» والجماعات المسلحة الأخرى، التي تمكنت حتى من طرد مجموعة «كومندوس» أميركية من مطار معيتيقة، في حادثة شكلت تحدياً لطريقة تدخل القوات الأميركية في هذا البلد المعتمدة حتى الآن.
ويسعى الأميركيون حالياً، بحسب قولهم، إلى دراسة الأوضاع لتحديد القوات الليبية التي بالإمكان العمل معها. وبعدما أعلن «البنتاغون» أمس الأول أنه يدرس الخيارات العسكرية في ليبيا امام تصاعد قوة «داعش»، حتى وان كان ما زال «من المبكر جدا» معرفة كيف ستتطور الأمور، أكد في الوقت ذاته أنه «من الضروري أن نكون متحضرين في حال استفحل التهديد».
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك يوم إن واشنطن أرسلت بالفعل «عدداً صغيراً من العسكريين» إلى ليبيا لمحاولة «اجراء محادثات مع قوات محلية للحصول على صورة أوضح لما يحدث هناك على وجه التحديد».
وأمس، أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما أن بلاده مستعدة لملاحقة عناصر «داعش» حيثما وجدوا وصولاً الى ليبيا اذا لزم الامر، وذلك بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الامن القومي خصص لبحث الوضع في ليبيا.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن قائد الجيوش الأميركية جوزيف دانفورد قوله الأسبوع الماضي «نحن نبحث اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في ليبيا»، وعن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن هذا التدخل «قد يحدث في غضون أسابيع، وأنه سيتم بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا وإيطاليا».
وفي روما، كررت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي أن الدول الغربية مستعدة لقتال «داعش» في ليبيا حتى إذا أخفق الليبيون في تشكيل حكومة موحدة قريباً، فلا يمكننا تصور أن يبقى الوضع في ليبيا على ما هو عليه مع مضي الوقت».
وكانت بينوتي قد اعتبرت في اجتماع لوزراء دفاع الدول الغربية المشاركة في التحالف ضد «داعش» في باريس إن هناك اتفاقا كاملاً على أن أي حكومة موحدة تتشكل في ليبيا ستطلب المساعدة في قتال المتشددين لتفادي إذكاء «الدعاية الجهادية» بحدوث غزو غربي جديد.
لكنها اعتبرت أن «داعش» يزداد قوة في هذا الفراغ السياسي، الأمر الذي دفع إيطاليا وحلفاءها للاستعداد «لوضع طارئ».
واضافت أنه «في الشهر الماضي، عملنا بدأب أكبر مع الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، لن أصفه بأنه إسراع، وهو بالتأكيد عمل غير أحادي».
وكانت وزارة الدفاع الإيطالية قررت، في 15 كانون الثاني الحالي، تحريك أربع مقاتلات من طراز «أي أم اكس» وطائرة من دون طيار من طراز «بريداتور» إلى قاعدة «تريباني - بيرجي» الجوية في صقلية. وذكر بيان هيئة الأركان العامة الإيطالية أن هذا القرار اتخذ بسبب الأحداث الأخيرة في شمال إفريقيا وما ترتب عليها من تدهور الوضع الأمني في المنطقة.
أما فرنسا، فذكرت الـ «فيغارو» أنه برغم تكتم القيادة العسكرية حول خططها، إلا أن المرحلة الزمنية الفاصلة حتى موعد التدخل بدأت تتكشف. ففي وزارة الدفاع، يقولون إنه «لاستئصال داعش من ليبيا، لم يعد هناك مفر من عملية عسكرية يجب أن تبدأ في غضون ستة أشهر، إذا لم يكن في بداية الربيع المقبل».
في هذه الأثناء، لا تبدو الزيارة المفاجئة لقائد عملية «الكرامة» الليبية خليفة حفتر لمصر أمس الأول بعيدة عن هذه الأخبار. حفتر، الذي يواجه جبهتين في بنغازي، «داعش» و «انصار الشريعة»، تعرض لانتكاسة الأسبوع الماضي بعدما انقلب عليه المتحدث باسمه محمد حجازي وأعلن الانشقاق عنه، متحدثاً عبر قناة تتخذ من القاهرة مقراً لها عن فساد قائد الجيش الليبي المعترف به.
وترفض مصر حتى الساعة علناً التدخل الدولي في هذا البلد، وتفضل فك الحصار عن الجيش وتزويده بالعتاد. وتزامنت زيارة حفتر للقاهرة مع زيارة رئيس الاستخبارات الأميركية لها، ومغادرة فايز السراج رئيس «حكومة الوفاق» العاصمة المصرية إلى تونس لبحث تشكيلة مصغرة لحكومته بعدما اعترض عليها برلمان طبرق. كما يجول ممثل الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر على عدد من العواصم الأفريقية سمع من بعضها نصائح حول عدم قدرة الغرب على معرفة الوضع الليبي في شكل جيد.
(«السفير»)