افراسيانت - السفير - ما زالت الأراضي الفلسطينية المحتلة تغلي بهبّة شعبية غير مسبوقة منذ الانتفاضة الثانية، مدفوعة بغضب متصاعد بات خارجاً عن أي سيطرة، ولم تخفف منه كل الإجراءات القمعية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية، ولا محاولات الاحتواء التي انتهجتها سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية خلال الساعات الماضية.
وفي تطوّر لافت للانتباه، توسعت دائرة الهبّة الشعبية الفلسطينية، للمرة الاولى، الى مناطق كانت بمنأى عنها، حيث سجلت يوم امس اربع عمليات طعن، الاولى في البلدة القديمة للقدس المحتلة نفذتها فتاة، والثانية في كريات جات جنوب فلسطين المحتلة نفذها شاب استشهد برصاص الشرطة الاسرائيلية، والثالثة في بتاح تكفا قرب تل ابيب، فيما اعتقلت قوات الاحتلال فتى كان يحاول طعن اسرائيليين في احد احياء القدس.
واستشهد شاب فلسطيني برصاص الشرطة الاسرائيلية في كريات جات في جنوب فلسطين المحتلة بعدما طعن جندياً إسرائيلياً، وأخذ سلاحه. وقالت الشرطة الاسرائيلية إن الشاب طعن الجندي في ذراعه بسكين، وأخذ سلاحه ثم لجأ الى بناية سكنية حيث قتلته الشرطة. وبحسب مصادر امنية فلسطينية فإنّ الشاب يدعى امجد حاتم الجندي (17 عاماً) من بلدة يطا في الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة. وحاصر الجيش الاسرائيلي منزل دويات في بلدة يطا، بحسب شهود عيان.
وكانت فتاة فلسطينية تدعى شروق دويات (18 عاما) اقدمت على طعن يهودي في ظهره في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة على مقربة من المسجد الأقصى، قبل ان يتمكن الرجل (35 عاما) من سحب سلاحه وإطلاق النار عليها وإصابتها بجروح خطيرة.
ولاحقاً اعلنت الشرطة الإسرائيلية ان فلسطينياً هاجم بسكين يهودياً أمام مركز تجاري في بتاح تكفا قرب تل ابيب قبل ان يُعتقل. وقالت اجهزة الاسعاف إن الجريح (25 عاما)، وهو من اليهود المتدينين، نُقل الى المستشفى مصاباً بجروح متوسطة. وأشارت الشرطة الى عمل «قومي» وهو مصطلح يتضمن عادة دلالات أيديولوجية.
والمهاجم فلسطيني في الثلاثين من العمر يعيش في منطقة الخليل، جنوب الضفة الغربية، واعتقلته الشرطة بعدما تغلب عليه المارة، وفقاً لمتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية، الذي اوضح ان الشاب الفلسطيني وصل بحافلة الى مركز تجاري، وطعن الشاب اليهودي فور نزوله منها.
من جهة اخرى، اعلنت الشرطة الاسرائيلية ان عددا من عناصرها اعتقلوا فتى (15 عاما) كان يحاول طعنهم في حي ابو طور اليهودي العربي في القدس.
وفي موازاة عمليات الطعن اليومية، شهدت مناطق الضفة الغربية والقدس مواجهات بين المتظاهرين وقوات الاحتلال الاسرائيلي.
وأصيب شاب فلسطيني بجروح خطيرة بعد إطلاق مستوطنين إسرائيليين النار عليه في الضفة الغربية المحتلة، بحسب الهلال الاحمر الفلسطيني وشهود عيان. وأصيب الشاب البالغ من العمر 18 عاما قرب بيت ساحور ونقل الى قسم العناية المكثفة في المستشفى وحالته مستقرة، وفق مصادر طبية. وأوضحت الشرطة الاسرائيلية ان الفلسطينيين ألقوا الحجارة في المنطقة ما دفع المستوطنين الى إطلاق النار.
كما اصيب ثلاثة فلسطينيين، احدهم بجروح خطيرة، بعدما اطلق عليهم عناصر من وحدة المستعربين الاسرائيلية النار اثر تسللهم الى صفوف تظاهرة قرب الحاجز العسكري في بيت إيل. وروى شهود عيان ان اربعة رجال ملثمين، احدهم يحمل علم حركة «حماس» كانوا يلقون الحجارة مع آخرين خلال التظاهرة، وبعدها انفصلوا عن باقي المتظاهرين، وأخرجوا مسدسات وأطلقوا النار على شبان فلسطينيين. وأصيب أحد الشبان في مؤخرة جمجمته. ووصل بعدها جنود إسرائيليون كانوا على مسافة عشرات الامتار لمساعدة مطلقي النار على سحب الشبان الثلاثة عبر سحلهم من أيديهم باتجاه المركبات العسكرية الاسرائيلية.
وفي تطور لافت للانتباه، تظاهر المئات من فلسطينيي العام 1948 في مدينة يافا الساحلية داخل الخط الاخضر.
وطلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الاسرائيليين ان يكونوا «في حالة تأهب قصوى» والتحلي بضبط النفس حيال اعمال العنف التي تهز القدس والضفة الغربية وامتدت الى داخل الخط الاخضر.
وقال نتنياهيو بعد زيارة لمقر عام الشرطة في القدس المحتلة «شهدنا فترات أصعب وهذه الموجة الجديدة من الإرهاب سنتخطاها بتصميمنا ومسؤوليتنا ووحدتنا».
الى ذلك، كشفت صحيفة «يديعوت» النقاب عن أن نتنياهو، وفي محاولة منه لصد طلبات الجهات الأشد يمينية في الحكومة والمستوطنين بتوسيع الاستيطان، أبلغ وزراءه وكذلك قادة المستوطنين أنه لا يمكنه الإعلان عن توسيع الاستيطان بسبب إنذار أميركي.
وأوضح نتنياهو أن الأميركيين أنذروه بأن مبعوثهم في الأمم المتحدة لن يستخدم حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن الدولي إذا ما وسعت إسرائيل البناء الاستيطاني.
ونقلت «يديعوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن نتنياهو قال في الاجتماع الوزاري المصغر الأخير الذي عقد لمناقشة تطورات الهبَّة الشعبية الفلسطينية أن «الأميركيين أوضحوا بشكل لا لبس فيه أنه إذا اقرت أي خطة للبناء في المستوطنات، او اعلن عن مثل هذه الخطة، فإنهم لن يستخدموا حق النقض الفيتو ضد المشروع الفرنسي في مجلس الامن، والذي يقرر أن المستوطنات غير قانونية». وأضاف نتنياهو: «اريد أن امنع هذه الخطوة، وعليه لا يمكن دعم حث وتسريع البناء في المستوطنات الآن».
وأشارت الصحيفة نقلاً عن مصدر بارز قوله إن «نتنياهو أوضح انه لن يخاطر بفقدان الدعم الاميركي من اجل اعلان ما عن بناء او توسيع في إيتمار. وعلى حد قول رئيس الوزراء مطلوب هنا مناورة سياسية واعية لا عمل هواية. وفي التغريدات على تويتر لا تُبنى الخطوات السياسية».
تجدر الإشارة إلى أن موقع «بوليتيكو» الأميركي كان نشر قبل أيام أن إدارة أوباما رفضت مساعيَ قام بها رئيس الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ لإقناع الرئيس الأميركي بالتعهد باستخدام الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي. ومعروف أن العلاقات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية تردَّت جراء محاولة بنيامين نتنياهو وضع العصي في دواليب سعي الإدارة لتمرير الاتفاق النووي مع إيران.
من جهة اخرى، اعلن مسؤول اسرائيلي ان نتنياهو ارجأ زيارة كانت مقررة اليوم الى ألمانيا بسبب الوضع الامني. وكانت الزيارة المقررة ليومين تأتي في اطار اللقاء الوزاري السادس بين اسرائيل وألمانيا. وقرر نتنياهو في بادئ الامر تقصير مدتها قبل تأجيلها تماماً. وقالت وزارة الخارجية الاسرائيلية انها قد تنظم مجدداً في تشرين الثاني المقبل.