الإدارة الأميركية تقرر إسناد قيادة العمليات في العراق إلى وحدات خاصة من مقاتلي العشائر بعد انسحاب الحشد الشعبي من خطوط المواجهة مع داعش.
افراسيانت - لندن - العرب - سلام سرحان - تزايدت المؤشرات على أن الإدارة الأميركية قررت أخيرا استعادة تجربة “الصحوات” التي تمكنت خلالها قوات العشائر في الأنبار من القضاء على الحركات الإرهابية في عام 2008، وتمتد تجربتها إلى أجزاء واسعة من العراق في ذلك الحين.
وتشير الأنباء إلى تزايد وتيرة هبوط الطائرات الأميركية المحملة بالعتاد المتطور، وبأعداد غير مسبوقة من الجنود والخبراء العسكريين الأميركيين في قاعدتي الحبانية وعين الأسد في البغدادي خلال الأيام الماضية.
وأشار بعض سكان ناحية الخالدية الواقعة بين الرمادي والفلوجة، إلى أن دوريات جنود أميركيين قامت في الأيام الماضية بجولات استطلاعية في الناحية وفي مشارف الرمادي والفلوجة، لأول مرة منذ انسحاب الجيش الأميركي في 2011.
وأكدوا أن مقاتلي الحشد الشعبي ومعظم القوات العسكرية الحكومية انسحبوا من مشارف مدينتي الرمادي والفلوجة وابتعدوا حتى عن ناحية الكرمة القريبة من بغداد، ليحل محلهم مقاتلو العشائر الذين دربتهم القوات الأميركية، والذين وصل عددهم إلى 8 آلاف مقاتل. وذكرت أنباء صحفية أن القوات الأميركية اشترطت المشاركة في المعركة بانسحاب كامل لقوات الحشد من الأنبار.
إلا أن العميد يحيى رسول، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة (تابعة للجيش)، أكد عدم وجود مشاركة عسكرية برية لقوات أميركية في معركة استعادة السيطرة على مدينة الرمادي، من سيطرة تنظيم داعش.
وقال رسول إن “القوات التي تتولى قيادة العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، وكافة قواطع المسؤوليات الأمنية الأخرى هي القوات المسلحة العراقية، وبإسناد من الحشد الشعبي وأبناء العشائر في المنطقة الغربية، أما مستشارو التحالف الدولي فيتواجدون حاليا في قاعدة الحبانية الجوية، ومهمتهم ليست قتالية، وإنما إعطاء الاستشارات العسكرية، والتنسيق لضرب أهداف منتخبة لتنظيم داعش”.
ونفى كريم النوري المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي الأنباء التي تحدثت عن انسحاب فصائل تابعة لها من القتال بالأنبار، مؤكدا أن “قوات الحشد لن تشارك في أي معارك تشارك فيها قوات أميركية برية”.
وقال النوري لوكالة أنباء “الأناضول”، إن “فصائل الحشد الشعبي لا تزال متواجدة في محافظة الأنبار، وتتولى قتال تنظيم داعش مع قوات الجيش العراقي، وأبناء العشائر السُنية، ولا صحة للأنباء التي تحدثت عن انسحابنا من الأنبار”.
ويرجح مراقبون أن تكون واشنطن أخبرت الحكومة العراقية بأنها غير راضية عن سير العمليات في المحافظة، بعد أن ظلت تراوح مكانها على مشارف مدينتي الفلوجة والرمادي، مركز المحافظة، خلال الأسابيع الماضية دون إحراز أي تقدم يذكر.
ويبدو أن واشنطن طلبت من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي السماح لها بتنفيذ خطتها الجديدة التي تستند إلى تجربة الصحوات السابقة، لكن ذلك لم يعلن عنه بسبب الحساسية السياسية.
ورغم خسارة داعش للكثير من المناطق، التي سيطر عليها العام الماضي في محافظات ديالى (شرق)، ونينوى وصلاح الدين (شمال)، إلا أنه ما زال يسيطر على أغلب مناطق الأنبار، وتحاول القوات العراقية والميليشيات التابعة لها، إضافة إلى قوات البيشمركة، استعادة تلك المناطق، وطرد مقاتلي التنظيم منها.
وأصبحت الإدارة الأميركية على قناعة بأن تحرير الأنبار يمكن أن يحدث تحولا نوعيا حاسما في مقاتلة تنظيم داعش، وأنها ترى أن قوات العشائر أقدر على استعادة المدينتين، بعد إمدادها بالسلاح النوعي وإسنادها بطائرات التحالف الدولي والمعلومات اللوجستية التي توفرها الأقمار الصناعية.
ويعد “قرار” الإدارة الأميركية بإسناد قيادة العمليات إلى وحدات خاصة من مقاتلي العشائر، أكبر نقلة نوعية في التدخل العسكري الأميركي في العراق منذ سيطرة تنظيم داعش على نحو ثلث مساحة العراق في يونيو 2014.
وأكد بعض سكان المحافظة أن القرار أصبح في مرحلة التنفيذ، بعد انسحاب القوات الحكومية والحشد الشعبي من خطوط المواجهة مع داعش، رغم نفي بعض الجهات الرسمية العراقية خشية إثارة جدل بين الأطراف السياسية المتصارعة.
وحاول نائب محافظ الأنبار مهدي صالح النومان أمس في لقاء تلفزيوني التقليل من شأن القرار الأميركي بالتحرك بمعزل عن القوات العراقية، مؤكدا أن ما يجري يتم بالتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة. وكان النومان قد أكد وجود 15 ألف مقاتل من المحافظة ينتظرون التسليح، وطالب بعرض نتائج تحقيق سقوط الرمادي.
وكان الرئيس الأميركي أوباما قد عقد اجتماعا مع القادة العسكريين ومستشاري الأمن القومي في مايو الماضي لتسريع تدريب وتسليح مقاتلي العشائر في الأنبار، وهي نقطة التحول في السياسة الأميركية.
ولم تخف واشنطن قرارها، حيث أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن الإدارة الأميركية تركز جهودها على دعم مقاتلي العشائر في الأنبار، من خلال تسريع التدريب والتسليح لاستعادة الرمادي.