افراسيانت - تحوّلت اللقاءات بين تركيا والولايات المتحدة حول اتفاقية قاعدة انجيرليك إلى حكاية كذب. وفي كل مرة كانت أنقرة تطلق تصريحاً حول طبيعة المنطقة التي ستكون خالية من «داعش» على الحدود مع تركيا، كانت واشنطن تُطلق تصريحاً يكذّب ما يقوله الأتراك. التصريحات المتبادلة هذه كانت تشير إلى أزمة ثقة بين العاصمتين.
بعد طول اعتراض وافقت أنقرة على فتح قاعدة إنجيرليك وقواعد أخرى في تركيا أمام الولايات المتحدة. ولقد نظر إلى الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه على أنه نقطة تحوّل في الحرب ضد «داعش». لكن التكذيبات المتبادلة كانت تشير إلى أنه لم يتم الاتفاق على مضمون الاتفاقية. الأميركيون يقولون إن الطائرات الأميركية استخدمت انجيرليك في عمليات قصف جوي ضد «داعش». فيرد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأنه لم تحدث عمليات قصف بل استطلاع. فتردّ المتحدثة باسم البنتاغون لورا سيل بأن الطائرات قامت بغارات، مكذّبة بذلك جاويش أوغلو.
الخلاف الأكبر بين الطرفين هو حول المنطقة التي ستكون نظيفة من «داعش». وتمتدّ على مسافة مئة كيلومتر وبعمق 45 كيلومتراً بين أعزاز وجرابلس. أنقرة تصف هذه المنطقة وبإصرار على أنها «منطقة آمنة»، لكن الرئيس باراك أوباما تهرّب حتى الآن من وصف هذه المنطقة بالآمنة، لأن تعبير المنطقة الآمنة له أبعاد حقوقية دولية. والمتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر صرّح بأن المنطقة المشار إليها ليست آمنة بل منطقة يفترض أن تكون خالية من مسلحي «داعش».
إن إقامة منطقة آمنة يتطلّب وضعها تحت الحماية الجوية والبرية. ونتحدّث هنا عن 4500 كيلومتر مربع. ويقال في أنقرة إن مسلحي المعارضة سيضمنون حمايتها من البر والطائرات التركية والأميركية من الجو. أما الولايات المتحدة فكان موقفها هو الرفض لهذا الطرح. فهناك شكوك في قدرة المعارضة السورية على حماية هذه المنطقة. وفي حال قامت طائرات نظام الأسد بهجمات جوية فإن الطائرات التركية والأميركية ستتصدى لها. وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة.
خلاف آخر بين واشنطن وأنقرة وهو موضوع «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي في سوريا الشقيق لـ «حزب العمال الكردستاني». واشنطن ترى أن الطائرات التي تقلع من إنجيرليك ستساهم في دعم مقاتلي الأكراد السوريين الذين تعتبرهم واشنطن القوة الأكثر تأثيراً في محاربة «داعش». أما أنقرة فإنها تريد ألا يدخل المسلحون الأكراد السوريون إلى المنطقة الآمنة، وتقول إنها اتفقت مع الأميركيين على ذلك. لكن واشنطن كذّبت ذلك فوراً.
«زمان»