افراسيانت - مادونا سمعان - السفير - أطلقت «منظمة العفو الدولية» تقريراً جديداً عشية الاحتفال باليوم العالمي للاجئين (20 حزيران)، اتهمت فيه دول العالم بإهمال اللاجئين والتآمر ضدّهم، فحمّلته عنوان: «أزمة اللاجئين العالمية: مؤامرة الإهمال»، واختارت نقابة الصحافة يوم أمس لإطلاقه، فكان الحاضرون يمرّون بمرأب المبنى حيث تقطن عائلة سورية نازحة قبل الولوج إلى قاعة المؤتمر. من هناك كانوا يتلمسون الإهمال والحرمان، يسمعونه بصراخ وضحكات أطفال تلك العائلة المبعدين عن المدرسة، ويشاهدونه من خلال الغرفة الصغيرة التي تشكّل لهم بيتاً، والتي لا يجد النور إليها سبيلا.
استهلّ الأمين العام للمنظمة سليل شتي تصريحه بالمناسبة بوصف النزوح السوري بأسوأ أزمات اللجوء في عصرنا، لا سيّما في ظلّ «حرص حكومات على تحقيق مكاسب سياسية أنانية عوضاً عن إبداء شيء من أبسط ملامح التعاطف الإنساني». وقد وصف استجابة المجتمع الدولي لتحديات اللجوء بالتقاعس المخزي، داعياً إلى «إعادة رسم السياسات والممارسات من أجل التوصّل إلى استراتيجية عالمية متماسكة وشاملة».
انطلاقاً من هذا الواقع، كشف تقرير المنظمة أنه «على الرغم من تدفق اللاجئين بأعداد واضحة، فإن معظم البلدان المضيفة لم تتلقّ دعماً دولياً حقيقياً». وبرهنت عن ذلك بالأرقام، مشيرة إلى أن المناشدة الإنسانية من أجل اللاجئين السوريين، لم تحظ الّا على نحو 23 في المئة من التمويل اللازم. كما أن الدول المتقدّمة لم تفتح أبواب إعادة التوطين على مصراعيها، فظلّ عدد الذين استقبلتهم تلك الدول أقلّ بكثير من المطلوب. وقد استعادت المنظمة كلاماً للمفوض العام لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس بهذا الخصوص، فال فيه: «لا يمكننا مناشدة بعض الدول لفتح حدودها بينما تبقي دول أخرى حدودها مقفلة. فمن الضروري جداً أن تبقى جميع الحدود مفتوحة بوجه اللاجئين السوريين، وأن يصار إلى فتح معابر شرعية أمامهم في أوروبا».
وتحدث التقرير عن مصرع الآلاف في البحر جراء محاولات الهجرة غير الشرعية. فروى خلال المؤتمر كل من رئيس قسم اللاجئين والمهاجرين في المنظمة شريف السيد علي والباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين خير النساء دهالا، عن اجتياز نحو 219 ألف شخص البحر المتوسط عام 2014 في ظلّ ظروف بالغة الخطورة، فيما لقي نحو 3500 شخص حتفهم غرقاً خلال اجتيازه.
وكشف التقرير أن «السلطات الإيطالية تمكّنت في العام نفسه من إنقاذ نحو 170 ألف شخص، قبل أن تضطر بضغط من باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء عملية الإنقاذ البحرية المعروفة باسم «بحرُنا» في تشرين الأول 2014. وحلّت مكانها عملية «ترايتون» المحدودة جدّاً». فبحسب التقرير «لم يكن لدى ترايتون تفويض واسع ومناسب للقيام بمهام البحث والانقاذ، إذ كان لديها عدد أقل من السفن والزوارق، وتمّ تقليص مساحة المنطقة التي تغطّيها. وساهم هذا الإجراء في حصول زيادة مأساوية في عدد الذي قضوا غرقاً. فمنذ مطلع العام 2015 وحتى شهر أيارغرق 1865 شخصاً أثناء عبورهم المتوسط، مقارنة بوفاة 425 شخصاً في الطريقة ذاتها وفي الفترة ذاتها من العام 2014، وفق أرقام المنظمة الدولية للهجرة».
هذا الواقع، أدّى بالاتحاد الأوروبي إلى زيادة الموارد المخصصة لعملية «ترايتون»، وإعادة توسيع نطاق البحث. لتقوم دول أروبية أخرى مثل ألمانيا وايرلندا وبريطانيا بإرسال سفن وطائرات لدعم العملية. بيد أن «منظمة العفو الدولية» التي ترحّب بمثل تلك الخطوة، طالبت بزيادة فرص إعادة التوطين، كاشفة أنه تمّ رفعها بالفعل «لكنّ الرقم بقي متواضعاً إذ لم يتخطّ الـ 20 ألف فرصة».
واستخلص التقرير أن مبدأ تحمّل المسؤولية وتقاسم الأعباء الذي أرسته معاهدة اللجوء، يتمّ انتهاكه بشكل فاضح، ليتحدث عن «انهيار النظام الدولي لحماية اللاجئين». وكشف أن 86 في المئة من اللاجئين في العالم لجأوا إلى بلدان نامية، إذ يستضيف بعضها مئات الآلاف منهم مثل لبنان وتركيا وباكستان. كما اوضح أن هناك قرابة المليون لاجئ ممن هم بحاجة إلى إعادة توطين، بينما الالتزامات الدولية على هذا الصعيد تقدّر بأقل من عشر هذا العدد.
وأصدر سلسلة توصيات شملت إلى أزمة اللجوء السورية، أزمات أفريقيا وجنوب شرق آسيا، أبرزها: عقد مؤتمر قمّة دولي حول أزمة اللاجئين العالمية، التصديق على اتفاقية اللاجئين على المستوى العالمي، وضع نظام محلّي متطور للاجئين، الالتزام المطلق بإنقاذ أرواح البشر، مكافحة الاتجار بالبشر، تلبية جميع احتياجات إعادة التوطين ومكافحة ظاهرة كراهية الأجانب بالإضافة إلى إنشاء صندوق عالمي للاجئين.
قيود لبنانية
قدّمت «منظمة العفو الدولية» تقريراً عن أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، بعنوان «مدفوعون إلى الحافة: اللاجئون السوريون يواجهون قيوداً متزايدة في لبنان».
كشفت التقرير أن المعايير الجديدة التي استحدثها لبنان في كانون الثاني 2015 الخاصة بحصول السوريين على تصاريح وإقامات، تحمّلهم أعباء وتكاليف باهظة تؤدّي ببعضهم إلى تجاهلها ما يعرّض وضعهم القانوني للخطر، ويجعل السبيل مفتوحاً أمام سيل من الانتهاكات.
وأشار إلى أن السلطات اللبنانية أوعزت إلى «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» بالتوقف مؤقتاً وبدءاً من شهر أيار الماضي عن تسجيل اللاجئين السوريين، سواء كانوا من القادمين الجدد أو ممن يتواجدون على الأراضي اللبنانية.
وإذ تؤكد المنظمة على الأعباء التي يتكبّدها لبنان من خلال استضافته لنحو مليون ومئة ألف نازح سوري، يشكّلون خمس عدد سكّانه، تشير إلى القصور الدولي في دعم لبنان وتأثير ذلك على النازحين إليه. إذ لم يتلق لبنان إلا 18 في المئة من قيمة النداء الإنساني الذي أطلقته المفوضية لمساعدته على التعامل مع أزمة النزوح. وأدى هذا العجز إلى تقليص قيمة القسائم الغذائية التي يتلقاها الفرد في الشهر من 27 دولاراً إلى 19 دولاراً، أي ما يعادل 63 سنتاً للفرد في اليوم، علماً أن سعر ربطة الخبز يبلغ دولاراً واحداً.
أما حصّة إعادة التوطين من لبنان فبلغت نحو 4500 فرصة، ما لبّى احتياجات 0.04 من مجموع اللاجئين المتواجدين على أراضيه فقط.