افراسيانت - واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - تعمل مجموعة من المنظمات الموالية لإسرائيل (اللوبي الإسرائيلي) في واشنطن بهدوء، من اجل دفع المشرعين في الكونغرس الأميركي بشقيه النواب والشيوخ والمسؤولين الرئيسيين في البيت الأبيض، لتبني خطة من شأنها أن تدفع الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية إلى الرحيل خارج بلادهم.
وتهدف الخطة إلى إعادة تشكيل تركيبة السكان العرقية والدينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس الخاضعتين للسيطرة الاسرائيلية، وفقا لرئيس المجموعة، التي تدعى بـ "التحالف من أجل إسرائيل".
وبحسب خطط هذه المجموعة (وإذا ما سارت الأمور وفقا لمخططها)، فانه سيتم إصدار تشريع في شهر كانون الثاني 2019 المقبل، عندما يعقد الكونغرس دورته الجديدة، وسيعيد (الكونغرس) توجيه أموال الولايات المتحدة التي كانت تمنح للأمم المتحدة والمخصصة كمساعدات إنسانية للفلسطينيين إلى "برنامج قسائم" تديره الحكومة الإسرائيلية.
وينص مشروع ملخص للاقتراح على أن "هذه الأموال ستساعد في تمويل تهجير الفلسطينيين بشكل دائم (نهائي) من الضفة الغربية إلى دول اخرى مثل تركيا والسويد والإمارات العربية المتحدة أو الولايات المتحدة".
ويدعم هذه الجهود ما يسمى بـ "التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل"، وهي جماعة ضغط شكلها "التحالف اليهودي الأميركي التبشيري" ، وهي منظمة غير ربحية تمثل اليهود الذين تحولوا إلى المسيحية، ولكنهم ما زالوا يمارسون بعض العادات اليهودية. ويشترك ما يسمى بـ "اليهود التبشيريين" على نطاق واسع في العديد من المعتقدات الروحية للإنجيليين المسيحيين.
ولم تتمكن "القدس" بشكل مستقل من الحصول على ردود المشرعين الأميركيين الذي يجري التواصل معهم من قبل "التحالف من أجل إسرائيل"، ورفض المشرعون الذين ادعت مجموعة "التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل" بأنها تواصلت معهم الرد على ما ذكرته نشرة "إنترسبت" التحقيقية التي كشفت هذا المخطط المتعلق بترحيل الفلسطينيين من الضفة والقدس، ولكن بول ليبرمان، المدير التنفيذي لمنظمة التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل، أوضح لنشرة "انترسبت" بأن هناك خطوة سياسية، وأنه يقف خلف ما يدعيه بهذا الشأن، كما قال في مقابلة له مع الموقع.
وبحسب "إنترسبت"، قال ليبرمان "تدافع منظمتنا، ونحن نقول في تشريعاتنا المقترحة، بأننا سنقدم الرعاية، إذا كان هناك أي فلسطيني مقيم في الأراضي الفلسطينية ويرغب بالمغادرة والذهاب إلى دول أخرى، فسنقدم له الأموال اللازمة للمغادرة، خاصة وأن الحقوق الوحيدة التي يتمتع بها الفلسطينيون هي حقوق الإقامة وليس الملكية لهذه الأراضي".
وتابع ليبرمان في مقابلته مع إنترسبت "إذا كان هناك أي فلسطيني مقيم يرغب بالمغادرة ، فسوف نوفر له الأموال اللازمة للمغادرة، على أمل أن تتغير ديمغرافية الضفة الغربية خلال 10 سنوات على طريق ضمها بشكل كامل لإسرائيل في نهاية المطاف".
ويقول ليبرمان بأنه استلهم ذلك من الكتاب المقدس لبناء دولة يهودية واحدة في ما يسمى بـ "إسرائيل الكبرى"، حيث تعتقد منظمته بأن "معظم الفلسطينيين يجب أن يغادروا البلاد، وأن أولئك الذين بقوا يجب أن يعيشوا تحت عقيدة الغريب"، حسب قول ليبرمان، بمعنى أنه "لن يكون لديهم القدرة على التصويت أو التملك أو ممارسة السيادة على الأرض".
وتتفادى منظمة "التحالف من أجل إسرائيل" الأضواء في الوقت الذي استغلت فيه بهدوء الدعم من مسؤولين رفيعي المستوى (في البيت الأبيض والكونغرس ومراكز الأبحاث)، ومن الجمهوريين المحافظين، والزعماء الإنجيليين، والمسؤولين الإسرائيليين. وحين تحدث ليبرمان إلى "الآنترسبت" فانه كان ينوي وضع خطة في "مجلس السياسة الوطنية" ، وهو تجمع للمانحين ذوي القوة الكبيرة والناشطين من اليمين الديني، وتضمن الحديث الخاص الذي تم بسرية مشددة مع سفيرة الولايات المتحدة المنتهية ولايتها نيكى هالى، ولكن أحد الصحفيين تمكن من اختراق الاجتماع دون أن ينكشف.
يشار إلى أنه وفي كتابه الذي صدر هذا العام (2018 ) "ما بعد هزات ترامب.. الأثر الزلزالي للرئيس على الثقافة والإيمان في أميركا" فان المؤلف المسيحي اليميني المتطرف ستيفن سترانغ، الذي قام بتأريخ العلاقة بين ترامب والإنجيليين، قال بأن ليبرمان قد قدم اقتراح التحالف من أجل إسرائيل في البيت الأبيض. وكتب سترانغ ، "تمت دعوة ليبرمان إلى ثلاثة اجتماعات في البيت الأبيض لمناقشة خطتهم الجريئة والقابلة للحياة".
وتم تعميم ملخص للتشريع الذي اقترحه ليبرمان في العديد من مكاتب الكونغرس، وفقا لروايته. ويقترح مشروع القانون بأن توجه الأموال التي تخصصها الولايات المتحدة عادة لصندوق الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "الأونروا" كمساعدات للاجئين الفلسطينيين، والأموال المقدمة للسلطة الفلسطينية، وللمنظمات غير الربحية للإغاثة، وللعائلات التي تعيش في الضفة الغربية، ان توجه كل هذه الاموال الى صندوق يخصص لإعادة توطين الفلسطينيين في دول في جميع أنحاء العالم.
وفي عام 2017 ، قدمت الولايات المتحدة 364 مليون دولار إلى "الأونروا"، على الرغم من أن التمويل انتهى في آب/أغسطس من هذا العام، عندما أوقف الرئيس دونالد ترامب فجأة كل المدفوعات للوكالة الدولية.
وقد فوجئت منظمات حقوق الإنسان بسماع اقتراح "التحالف من أجل إسرائيل" وأدانت بسرعة هذا الجهد.
وصرح مايك ميريمان- لوتز ، مدير برنامج الشرق الأوسط للجنة خدمة الأصدقاء الأميركية (الفرندز) ، في رسالة إلكترونية رداً على مخطط اللوبي الإسرائيلي "التحالف من أجل إسرائيل" بان "أي إعادة لتخصيص التمويل المقدم من الولايات المتحدة كمساعدات للأمم المتحدة من أجل العمل الإنساني نحو نظام القسائم التي أنشئت لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة منازلهم سوف يمثل دعمًا من الولايات المتحدة للتطهير العرقي" في اشارة الى "اقتراح التحالف من أجل إسرائيل".
بدورها قالت ديبرا شوشان، مديرة السياسة في مجموعة "الأميركيون من أجل السلام الآن" ، انه "في ظل الظروف العادية، لن يحصل أي مقترح من هذا القبيل على قوة دفع، وسيُنظر إليه على أنه متطرف ومضحك، ولكن في عهد ترامب ، أصبحت المطالب التي لم يكن من الممكن تصورها بسرعة سياسة الإدارة تجاه إسرائيل وفلسطين" محذرة من أن اقتراح "التحالف من أجل إسرائيل" لترحيل الفلسطينيين "قد يكون أكثر من مجرد فكرة هامشية".
وقالت شوشان "إن خطة إعادة توجيه المساعدات الخارجية الأميركية من دعم اللاجئين الفلسطينيين من خلال الأونروا إلى دفع الفلسطينيين لمغادرة الضفة الغربية حتى يتمكن اليمين الديني الإسرائيلي المتطرف من ضم الأراضي المحتلة هو أمر شائن أخلاقياً ومصيره الفشل".
وفيما يبدو "التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل" غامضاً، الا ان هذه المنظمة تفتخر بوجود اتصالات رفيعة المستوى مع مختلف اذرع إدارة ترامب.
وقال ليبرمان، إنه التقى بشخصيات رئيسية في إدارة ترامب، بما في ذلك توم روز ، وهو مستشار مقرب لنائب الرئيس مايك بينس، وجيسون غرينبلات، كبير مستشاري الرئيس الاميركي في القضايا المتعلقة بإسرائيل، وفكتوريا كوتس ، وهي مسؤولة في مجلس الأمن القومي، وآخرين.
وتكشف نشرة "إنترسبت " ان ليبرمان، قال من وراء الكواليس بأن لوبي "التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل" قد حث الإدارة الاميركية باتجاه الخطة الشاملة لإعادة تشكيل وتوجيه المساعدات الأميركية المقدمة للفلسطينيين. كما ادعى ليبرمان بأن منظمته كانت مؤثرة في تمرير قانون "تايلور فورس" الذي وقع في شهر آذار الماضي، والذي تم بموجبه وقف المساعدات الاميركية المقدمة للسلطة الفلسطينية طالما أنها تدفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين، كما يدعي ليبرمان بأن منظمة "التحالف من أجل إسرائيل" نجحت أيضا بالضغط على قرار ترامب الأخير بإنهاء تمويل "الأونروا".
وتظهر السجلات العامة، بأن "التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل" احتفظ بخدمات العلاقات الحكومية لـ "فيداليس" ، وهي شركة ضغط يديرها شخص يدعى بيل سميث ، أحد أقرب مساعدي نائب الرئيس الأميركي مايك بينس (وهو إنجيلي تبشيري عقائدي طالما عمل مع مختلف منظمات اللوبي الإسرائيلي من أجل حق اليهود الحصري في امتلاك الضفة الغربية).
وقال ليبرمان، إنه التقى بعدد من قادة الكنيست الاسرائيلي (البرلمان)، بمن فيهم تساحي هنغبي، وهو شخصية بارزة في حزب الليكود. وان هنجبي قام بتوجيه ليبرمان للقاء نفتالي بينيت، رئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني، وهو شريك في ائتلاف الليكود. وقال ليبرمان بأن بينيت شجعه على الاجتماع مع مسؤوليين إسرائيليين ، ومع عضو الكنيست موطي يوجيف ، رئيس اللجنة الفرعية لـ"يهودا والسامرة" (الضفة الغربية المحتلة) ، التي تشرف على الضفة الغربية المحتلة.
وتدعي منظمة "تحالف من أجل إسرائيل" بأنها نظمت استطلاعا في العام الماضي بمشاركة 650 فلسطيني في الضفة الغربية لقياس الدعم لمقترح تهجير الفلسطينيين من الضفة والقدس، وان الاستطلاع اظهر بأن حوالي ثلث الشباب يعيشون دون وظائف دائمة، وان نصفهم فكروا بالفعل بالانتقال إلى الخارج بحثاً عن فرص اقتصادية. وتشير الدراسة إلى أن المستجيبين سيكونون مستعدين لإعادة التوطين في الخارج مقابل 1000 دولار إلى 100000 دولار، مع متوسط المبلغ عند حوالي 4.040 دولار، حسب ما ذكرت منظمة اللوبي الاسرائيلي سالفة الذكر.
ويعتقد ليبرمان أنه "بمرور الوقت، يمكن أن تكون هناك العديد من العائلات الفلسطينية المهتمة ببداية جديدة برأس مال قدره 50.000 دولار لحياة جديدة" ، حسبما جاء في المذكرة التي نشرتها منظمة "التحالف من أجل إسرائيل".