افراسيانت - واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - يحاول أنصار إسرائيل في الكونغرس الأمريكيّ وعلى وجه السرعة، إضافة قانون يجرّم "مقاطعة إسرائيل بدوافع سياسية"، من خلال إلحاقه خلسةً بمشروع "قانون الإنفاق"، وذلك مع اقتراب نهاية الدورة الحاليّة للكونغرس الأمريكي، وبداية الدورة الجديدة في الثالث من الشهر المقبل.
وأصدر "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" بيانًا تحذيريًا أشار فيه إلى أن قادة في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين يخططون لـ "تهريب" قانون يجرّم مقاطعة إسرائيل بدوافع سياسية، وإدخاله خلسة إلى مشروع قانون الإنفاق الشامل قبل نهاية العام.
وفي حديث مع "القدس" قال المكتب الإعلامي للاتحاد المعروف اختصارًا بـ "ACLU"، إنّ من الواضح أنّ قادة الكونغرس الحاليين يخشون إجراء مناقشة مفتوحة حول هذا التشريع، باعتبار أنّ ذلك "يثير موجة احتجاجات شعبية بسبب نيله من التعديل الأول للدستور وحرية التعبير، ولذلك يحاولون تهريبه خلسة كجزء من حزمة الاعتمادات (الصرف المالي للحكومة الأميركية من أجل مزاولة أعمالها)، في اللحظة الأخيرة قبل انتهاء دورة الكونغرس الحالية، ولكننا سنفشلهم".
والداعم الأصلي لمشروع القانون، هو السيناتور الديمقراطي من ولاية ميريلاند، بن كاردن، المقرّب من اللوبي الإسرائيلي "إيباك"، والذي يضغط من أجل أن يقوم الديمقراطيون بإدراج القانون الذي لم يقدّم حتى الآن بشكل رسمي، نظرًا لأنه ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي.
والمشروع الذي تجري المحاولات لإقراره في الأيام الأخيرة لسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، يلقى تأييدًا كاسحًا من زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر، وزعيمة الأقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي من ولاية كاليفورنيا، لتمرير النص في "قانون الإنفاق".
وتجدر الإشارة إلى أنّ "ايباك" وهي لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، تعد من أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي لصالح إسرائيل، هي من صاغ مشروع القانون.
ولطالما عارض اتحاد الحريات المدنية الأميركي، القانون المسمى بقانون "مكافحة مقاطعة إسرائيل" الذي تمت محاولات ملتوية عديدة وبصيغ مختلفة تمريره خلال العام الماضي، باعتبار أنّ مشروع قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل سيجعل من المشاركة في المقاطعة السياسية التي يحميها التعديل الأول من الدستور الأميركي جريمة"، بحسب بين إي.سي.إل.يو.
ويشير الاتحاد إلى أنّ الجهات التي تقف خلف مشروع القانون تحاول تجنّب التدقيق العام عن طريق إدراج العقوبات الجنائية غير الدستورية في القانون في التشريع اللازم تمريره للتصويت، قبل أيام فقط من عطلة الكونجرس، لأنه سيكون من الصعب تمريره في الكونجرس الجديد.
وكان من شأن الصيغ السابقة لمشروع قانون "مكافحة مقاطعة إسرائيل" أن تجعل من مقاطعة إسرائيل أو المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة جرائم تؤدي لسجن المشاركين في المقاطعة وفرض غرامات مالية ضخمة، وعقوبات قوية على الشركات أو الجامعات الأمريكية التي تمارس المقاطعة السياسية لإسرائيل ومستوطناتها.
واطلع "اتحاد الحريات الأميركية المدنية ACLU" الأسبوع الماضي على نسخة محدثة قيد النظر لإدراجها في "قانون الإنفاق"، رغم أن هذا النص غير متاح للجمهور. وبينما تزعم مكاتب "كابيتول هيل-الكونغرس" أنه تم حل المخاوف بشأن المساس بالتعديل الأول من الدستور، وقد تم بالفعل حذف المطالبة بسجن المشاركين كعقوبة محتملة، إلا أن "مشروع القانون" لا يفعل شيئًا حيال مسألة حرية التعبير، بالإضافة للعقوبات المالية والجنائية التي تصل إلى مليون دولار "للمنتهكين" أي هؤلاء الذي يمارسون مقاطعة إسرائيل.
ويحذر "اتحاد الحريات الأميركية المدنية" أنه "لو تم تمرير هذا التشريع، فسيكون لدى المسؤولين الفيدراليين سلاح جديد تحت تصرفهم لقمع حرية التعبير وهو ما يرفضه الشعب الأميركي، ولذلك يتحايل دعاة مشروع قانون "مكافحة مقاطعة إسرائيل" لإدخاله خلسة وبشكل مموّه".
ورأى الاتحاد الأمريكي في مشروع القانون هجومًا واسع النطاق على الحريات"، مبيّنًا أنّ المقاطعات السياسية، بما فيها مقاطعة دول أجنبية، لعبت دوراً محورياً في التاريخ الأمريكي، ابتداءً من مقاطعة البضائع البريطانية خلال الثورة الأميركية، إلى مقاطعة حافلات مونتغومري أثناء النضال ضد العنصرية في ستينات القرن الماضي، وإلى حملة مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، كما أوضحت المحكمة الأميركية العليا أن التعديل الأول في الدستور يحمي الحق في المشاركة في المقاطعة السياسية".