تل أبيب: عبّاس يؤمن بمُواصلة التنسيق الأمنيّ ونجاحات أجهزة السلطة الأمنيّة منعت استنساخ الفلسطينيين أنماط عمل “حزب الله” خلال احتلال جنوب لبنان
افراسيانت - الناصرة -“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:أجمع المعلّقون للشؤون الأمنيّة والعسكريّة في إسرائيل على أنّ الاحتجاجات التي عمّت الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة منذ إعلان الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الشهر قبل الماضي عن القدس عاصمةً لإسرائيل، لم ترتقِ إلى مُستوى الحدث، وفي هذا السياق، نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر وصفتها بأنّها رفيعة جدًا في تل أبيب، قولها إنّ السبب في ذلك يعود إلى التنسيق الأمنيّ المُكثّف بين الجيش الإسرائيليّ والأذرع الأمنيّة المُختلفة وبين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة.
وساقت المصادر عينها قائلةً إنّه خلال أحداث الأقصى، عندما أقدمت إسرائيل على وضع البوابات على مدخل المسجد الأقصى المبارك، لم يكُن هناك أيّ نوعٍ من التنسيق الأمنيّ مع السلطة الفلسطينيّة، الأمر الذي أدّى إلى تعاظم التظاهرات والاحتجاجات، والتي أدّت بدورها إلى تراجع إسرائيل وإزالة البوابات نظرًا للضغط الجماهيريّ الشديد من قبل المُحتّجين الفلسطينيين، على حدّ تعبيرها.
علاوةً على ذلك، وبالرغم من البطش والوحشيّة في تعامل قوّات الأمن الإسرائيليّة مع المُحتجّين الفلسطينيين، إلّا أنّ المصادر في تل أبيب زعمت أنّ الجيش كان مُنضبطًا للغاية، وامتنع عن إطلاق الذخيرة الحيّة بهدف الامتناع عن سقوط شهداء، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ سقوط الشهداء، وإجراء مراسم التشييع بعد ذلك، ستؤدّي بطبيعة الحال إلى ارتفاع منسوب الـ”عنف” لدى الفلسطينيين.
وعلى الرغم من التفاؤل الحذر الذي أبدته المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، فقد استمرّت المواجهات في كافة مناطق التماس بالقدس والضفة المحتلتين وقطاع غزة، تزامنًا مع فعاليات تضامنيّة في عواصم عربيّةٍ وغربيّةٍ، رفضًا للقرار الأمريكي الظالم بشأن القدس.
مُضافًا إلى ذلك، يستمّر الإعلام العبريّ الاهتمام بنجاح الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة في العثور على عبوات ناسفة جانبية زُرعت على طرق يسلكها جيش الاحتلال في الضفة الغربية وتفكيكها. وقد امتدحت وسائل الإعلام عينها نجاح أمن السلطة في تفكيك عدد من العبوات الجانبية التي تم زرعها، أواخر الأسبوع الماضي، على طرق يسلكها جيش الاحتلال شمال مدينة طولكرم.
وفي هذا السياق، لفتت إذاعة جيش الاحتلال إلى أنّ النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة حالت دون استنساخ الفلسطينيين أنماط العمل التي كان يعتمدها “حزب الله” أثناء فترة الاحتلال الإسرائيليّ لجنوب لبنان، مُشدّدّةً على أنّ العبوات الجانبية التي كان يزرعها “حزب الله” أدّت إلى مقتل عددٍ كبيرٍ من جنود الاحتلال.
إلى ذلك، كشفت صحيفة “هآرتس″ العبريّة النقاب عن أنّ المؤسسة الأمنية في تل أبيب حذّرت صنّاع القرار من المُستوى السياسيّ في كيان الاحتلال من التداعيات الخطيرة لأيّ قرارٍ يتخذّّه ترامب، بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية أوْ تقليصها.
وأكّدت الصحيفة، أنّ قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، قالوا للمستوى السياسيّ، إنّ تقليص المساعدات الأمريكيّة أوْ وقفها سيؤدّي إلى تهديد قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على مواصلة التعاون أمنيًا مع إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مصدرٍ أمنيٍّ لرفيع في تل أبيب قوله إنّ قادة الجيش والاستخبارات في الدولة العبريّة يرون في التعاون الأمنيّ مع السلطة الفلسطينية لبنةً مهمّةً في الإستراتيجيّة الهادفة إلى منع تنفيذ عمليات ضدّ الأهداف الإسرائيليّة، مُوضحًا أنّ الهدوء النسبيّ الذي تشهده الضفّة الغربية حاليًا يعود بشكلٍ أساسيٍّ إلى التعاون الأمنيّ، بحسب تعبيره.
وحذّر المصدر عينه، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، من أنّ جولة جديدة من القتال قد تندلع بين إسرائيل وغزة، بسبب قرار ترامب تقليص المساعدات المالية المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتابع قائلاً إنّ وقف المساعدات الأمريكيّة يزيد من خطر انفجار الأوضاع الاجتماعية والأمنية بشكلٍ سيفضي إلى تهيئة الظروف أمام اندلاع مواجهة جديدة، على حدّ قوله.
على صلةٍ بما سلف، قال الجنرال احتياط عاموس غلعاد، الذي تولى منصب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، إنّ غياب رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس، عن مشهد الأحداث، سيُؤدّي حتمًا إلى المسّ بالتعاون الأمني القائم بين إسرائيل والسلطة، وأضاف أنّه لولا إيمان عباس بضرورة تواصل التعاون الأمنيّ، لما استفادت إسرائيل من عوائد التعاون الأمني مع أجهزة السلطة، مُشدّدًا على أنّ الهدوء الأمنيّ في الضفة مردّه المفصليّ يكمن في مواقف عباس.
ولفت غلعاد إلى أنّ انفجار الأوضاع في الضفّة، بسبب توقّف التعاون الأمنيّ، لن يضرّ بالأمن الإسرائيليّ فقط، بل إنّه سيؤدّي إلى تقليص قدرة تل أبيب على الاستفادة من تعاون الدول العربيّة في المواجهة ضدّ إيران، مُشيرًا إلى أنّه سيكون من الصعب جدًا على الدول العربيّة التعاون بشكلٍ موسّعٍ مع إسرائيل، على خلفية انفجار الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب أقواله للتلفزيون العبريّ.