واشنطن - افراسيانت - كتب إيلان غولدنبرغ، وهو زميل أقدم ومدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد مقالاً نشرته مجلة (فورين بوليسي) الخميس تحت عنوان "لا داع لزيارة مايك بنس إلى الشرق الأوسط"، استهله قائلاً "إنه من الصعب العثور على زيارة واحدة في تاريخ الزيارات الخارجية لكبار المسؤولين الأميركيين تعادل تلك التي سيقوم بها نائب الرئيس مايك بنس يوم الجمعة إلى مصر والأردن وإسرائيل من ناحية الضرر الذي سينجم عنها؛ فبعد قرار الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أقر مسؤولون في البيت الأبيض بأن الفلسطينيين سيحتاجون لفترة زمنية يهدأون فيها قبل استئناف المناقشات البناءة. ولكن بدلاً من الانتظار بصبر حتى يهدأ الفلسطينيون، مضت الإدارة الأميركية إلى تأجيج غضبهم".
ويقول كاتب المقال: "كانت زيارة بنس المخطط لها هي أحدث خطوة في سلسلة من الخطوات التصعيدية. إذ أعلن عن أن بنس سيزور المنطقة قبل ما يزيد على شهر تقريباً، ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إعلان أنه لن يجتمع مع نائب الرئيس، وقد رد مكتب بنس ببيان حاد اللهجة اتهم فيه الفلسطينيين بإهدار فرصة أخرى للسعي وراء السلام، وبعد ذلك نشر ترامب تغريدة هدد فيها بقطع المساعدات عن الفلسطينيين إذا لم يشاركوا في المفاوضات فيما طالبت نيكي هايلي، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، بحجب المساعدات الأميركية المقدمة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم الدعم لجميع أنواع البرامج التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين، ما لم يوافق الفلسطينيون على استئناف المفاوضات".
ويقول غولدبرغ في مقالته : "لم يكن رد الفعل الفلسطيني حميداً؛ حيث ألقى عباس، في وقت سابق من هذا الأسبوع، خطاباً ينفي فيه صلة اليهود بفلسطين ويوضح فيه أنه لن يتفاوض مع ترامب، وفي الوقت نفسه، يرى اليمينيون في إسرائيل ما يحدث كفرصة لوضع مسمار جديد في نعش حل الدولتين عن طريق الضغط لضم أجزاء من الضفة الغربية أو لخلق عقبات سياسية من شأنها أن تجعل من المستحيل على أي حكومة مستقبلية التفاوض بشأن الوضع النهائي للقدس".
ويوضح الكاتب "وتأتي زيارة بنس، وهو أسوأ مسؤول أميركي يمكن إرساله إلى إسرائيل في هذا التوقيت، في ظل هذا المناخ المحتدم، حيث أن بنس هو المسؤول الأكثر ارتباطاً بقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأن هذه الخطوة تعتبر إلى حد كبير بمثابة مكافأة لمؤيدي ترامب من الإنجيليين المهتمين بهذه المسألة، كما تجمع بنس صلات قوية بهذه الطائفة، وغالباً ما يُنظر إليه على أنه المدافع الرئيسي عنها في إدارة ترامب".
ويستطرد الكاتب "كما أن بنس كان هو المسؤول الآخر الوحيد الذي ظهر على الشاشة بجانب ترامب عندما أعلن عن تحركه بشأن القدس، وبهذا ليس من الغريب أن يرفض الفلسطينيون لقائه".
ويرى الكاتب "إن ما يزيد الطين بلة هو خطة بنس للذهاب إلى الحائط الغربي (البراق) المتنازع عليه بشدة بين اليهود والمسلمين، وهي خطوة استفزازية لا داع لها" إلى جانب أن "بينس سيلقي كلمة أمام (الكنيست) الإسرائيلي، حيث من المحتمل أن يدلي بتصريحات مشجعة للسياسيين الإسرائيليين الذين يدعون بالفعل إلى إصدار تشريع يلغي إمكانية تحقيق حل الدولتين، ولا شك أن مشهد وقوفه أمام (الكنيست) وعدم اجتماعه بأي مسؤول فلسطيني لن يلقى استحسان أحد في العالم العربي ولا في أي مكان خارج إسرائيل".
ويضيف الكاتب أن إحدى أبرز أولويات بنس خلال هذه الزيارة هي التواصل مع طوائف المسيحيين في الشرق الأوسط، و"لكن زعماء الأقباط في مصر يرفضون لقائه أيضاً بسبب معارضتهم لقرار القدس بينما قوبل طلب بنس بزيارة بيت لحم وكنيسة المهد بالرفض من قبل الزعماء الدينيين".
ويعتقد الكاتب "إن هذه الزيارة ستضع كلاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في موقف صعب، حيث يخطط بنس لزيارة هذين البلدين أولاً، فلن يرغب الزعيمان العربيان في إهانة نائب الرئيس الأميركي، ولكنهما لن يرغبا أيضاً في أن يرتبط اسمهما علناً ببنس قبل أيام معدودة من زيارته المثيرة للجدل إلى إسرائيل ومن المواجهة الدبلوماسية الكبرى المرتقبة مع الفلسطينيين".
ويخلص الكاتب "بكل بساطة ليس هناك أي سبب ملح لأن يزور بنس الشرق الأوسط في هذا الوقت، حيث إن النتائج السلبية المحتملة لهذه الزيارة عديدة للغاية بينما لا يوجد سوى القليل من النتائج الإيجابية التي يمكن أن يحققها دون تأجيج الوضع المتأزم بالفعل. ولذلك، ينبغي ألا يغادر بنس أرض الوطن".