افراسيانت - تناولت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" مسألة شراء روسيا قاعدة سرية لغواصات الناتو، مشيرة إلى أن ذلك أصاب الغرب بصدمة.
جاء في مقال الصحيفة:
ثمة مناحة حقيقية في وسائل الأعلام الغربية وشبكات التواصل الاجتماعي، لأن الروس استولوا على قاعدة بحرية-حربية سرية، بناها الناتو في خضم الحرب الباردة في ستينيات القرن الماضي لمواجهة الاتحاد السوفيتي، وكلفته مبلغا ضخما بمعايير ذلك الوقت - 500 مليون دولار. والشيء الذي يزعج ممثلي الناتو، هو أن السفن الحربية الروسية يمكنها استخدام القاعدة، وليس في وسع أي محكمة طردهم منها. لذلك يعُدُّون ذلك "خيانة" على أقل تقدير.
وقد أنشأ الناتو هذه القاعدة في منطقة نائية في الشمال بالقرب من مدينة ترومسو النرويجية، بحفر أنفاق في الصخور، أنشأ فيها أرصفة محشوة بالمعدات اللازمة لاستقبال الغواصات؛ ما كان يسمح لها بالاختفاء هناك، وإجراء عمليات صيانة بسيطة والتزود بالوقود والمؤن.
إن موقع القاعدة الجغرافي جعل قاعدة "أولافسفيرن" هذه نقطة مهمة جدا لمراقبة واعتراض سفن الأسطول السوفيتي في بحار القطب الشمالي، حيث كان بإمكانها سد الطريق إلى بحر النرويج ونصف الكرة الغربي.
ولكن حلف شمال الأطلسي، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، لم يعد يستفيد منها، لذلك قرر بيعها في مزاد الانترنت العلني عام 2009، معتقدا أن روسيا لم تعد تشكل خطرا عليه، ومن السهولة الانتصار عليها.
وحين لم يرغب أحد في شراء هذه القاعدة خلال عدة سنوات، جرى تخفيض قيمتها من 12 مليونا إلى 4.4 ملايين يورو، فاشتراها رجل الأعمال النرويجي غونار ويلهيلمسون.
والمثير في الأمر أن الأمين العام الحالي لحلف الناتو ينس ستولتينبيرغ، هو الذي وقع صفقة البيع والشراء، حين كان يشغل منصب رئيس وزراء النرويج. ومن المؤكد أنه فرح لتخلصه من هذا الإرث الثقيل. ولكن عندما بدأ يظهر العلم الروسي عند المرسى ثاب ستولتينبيرغ إلى رشده. فقد كانت هنالك سفينتا البحث العلمي "الأكاديمي شاتسكي" و"الأكاديمي نيمتشينوف".
وكان ستولتينبيرغ في هذا الوقت قد انتقل للعمل في بروكسل، أما السكان المحليون فكانوا مسرورين بوجود السفن الروسية، لأنه سيساعد على نمو اقتصاد القرى القريبة. في حين أن الأمر أقلق العسكريين؛ لأن روسيا بدأت تستعيد قوتها وتعيد بناء أسطولها الحربي، وسيكون بإمكان الغواصات الروسية الظهور في المضايق النرويجية.
ويقول الفريق البحري إينار سكورغين القائد السابق للقوات الشمالية النرويجية: "ببيعنا قاعدة الغواصات الوحيدة والمهمة، فقدنا أهم رأس جسر.. إنه جنون تام".
وقد حاولت السلطات التحقيق في الموضوع، ولكن ويلهيلمسون أبرز الأوراق الثبوتية كافة، والتي تؤكد شراء رجل الأعمال هذه القاعدة وسداده قيمة الصفقة بالكامل. ووقعت السلطات النرويجية في فخ قرارها بألا أهمية تذكر للقاعدة. وفي النهاية، اعترف الناتو بأن استعادة القاعدة عبر المحاكم غير ممكن.
ووفق المستشار السياسي لوزير الدفاع النرويجي أودون هالفورسين، فإنه يحق لصاحب القاعدة استخدامها بالصورة التي يراها مناسبة، لذلك "ليست لدينا صلاحيات لمنع دخول السفن المدنية إلى القاعدة".
وبعد مضي سنة على شراء ويلهيلمسون القاعدة أي عام 2013، بدأت تظهر السفن التي ترفع العلم الروسي، وهذا يعني أن روسيا اشترت من رجل الأعمال القاعدة كاملة أو قسما منها، أو انه أجرها لروسيا.
هذا افتراض. ولكن ما حاجة روسيا إلى هذه القاعدة؟ وكيف ستستخدمها؟ لا يمكن التكهن بهذا. غير أن حصول روسيا على هذه القاعدة من دون إطلاق رصاصة واحدة أمر مهم جدا، وإذا استمرت الأمور على هذه الشاكلة، فسيكون بالإمكان شراء البنتاغون ومقر الناتو في بروكسل وآخر من يعلم بذلك سيكون جنرالات الناتو.
مساحة القاعدة – 25 ألف متر مربع.
مساحة الأرصفة – 3000 متر مربع.
عدد غرف النوم – 124 غرفة مجهزة بكل مستلزمات الحياة.
والطبع، فإن روسيا تمتلك قاعدة مشابهة في شبه جزيرة القرم. وكذلك تملك مثلها السويد وألمانيا.
بيد أن الصفقة النرويجية – الروسية مثيرة، إذا نظرنا إليها من وجهة نظر ضيقة. ولكن الغرابة في أن هذه القاعدة البحرية السرية تستخدمها سفن البحث العلمي الروسية منذ عدة سنوات. لكن الضجة لم تظهر إلا هذه الأيام.
هذا يشير إلى أن الأمين العام للناتو ينس ستولتينبيرغ يطالب أوسلو برفع النفقات الدفاعية إلى 2.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وهناك سبب آخر. هو أن القاعدة كانت تستخدمها الغواصات الأمريكية حتى بداية القرن الحالي. والآن بعد أن أعلنت روسيا عن برنامج البحث العلمي في القطب الشمالي، أدرك البنتاغون الخطأ الذي اقترفه بتركه هذا الموقع. لذلك بدأ يحرض النرويج على إخراج روسيا منه.