افراسيانت - نشرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" مقتطفات مهمة من مقالة تحليلية للاقتصادي الأمريكي المشهور جيفري ساكس، كتبها لموقع "جدلية" الدولي. جاء فيها:
تشكل السياسة الخارجية الأمريكية خطرا على الولايات المتحدة نفسها وعلى العالم أجمع. وهي على هذه الحال منذ زمن ليس بالقصير. فقد قال الرئيس دوايت أيزنهاور عام 1961 إن المجمع الصناعي العسكري يتفوق على الأحزاب السياسية وعلى الإدارة، مجبرا البلاد على خوض الحروب دائما. هذه المغامرات الحربية، وخاصة العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، قد قوضت الاستقرار السياسي في الأمريكيتين وفي إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى. لقد أججوا الإرهاب، والآن يكافحونه ويمنعون انتشاره. وفي النتيجة، أصبح مواطنو الولايات المتحدة أكثر فقرا وبغير حماية. ولكن هذا لا شيء يذكر مقارنة بما حصل لشعوب البلدان الأخرى مثل أفغانستان والعراق واليمن.
لقد وقف كل الرؤساء بدءًا من أيزنهاور بوجه المجمع الصناعي العسكري وبوجه تناسب دور الدبلوماسيين والعسكريين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
لكن أوباما – محارب سيئ الحظ. فقد كان مرغما على الدخول في عمليات مكشوفة وسرية في الشرق الأوسط وإفريقيا؛ وهو يقاوم الدعوات المتكررة إلى توسيع العمليات العسكرية، وخاصة البرية في سوريا أو في أي مكان آخر.
أما هيلاري كلينتون، فهي محامي المجمع الصناعي العسكري. إذ دعمت وساندت مغامرات وكالة الاستخبارات المركزية بوصفها سيناتورا، كذلك عندما كانت تشغل منصب وزير الخارجية، في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا. ومن الصعوبة تذكُّر أنها رفضت أي مقترح للقيام بعملية عسكرية ما.
وقد ظهرت نية الولايات المتحدة للتوسع بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بشكلين أساسيين. الأول – بتوسيع الحكومة الأمريكية حلف شمال الأطلسي، وقبول جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في الحلف، والاقتراب من حدود روسيا؛ حيث دُعيت جورجيا وأوكرانيا إلى الانضمام إلى "الناتو" عام 2008، وكانت الخارجية الأمريكية تنوي إنشاء قاعدة بحرية في سيفاستوبل (القرم). الثاني – بإطاحة الحكومة الأمريكية حلفاءَ روسيا في الشرق الأوسط ووضع موالين لها بدلا منهم. وهذه الخطة أُقرت بعد حرب الخليج الأولى عام 1990.
ويتذكر الجنرال ويسلي كلارك لقاءه عام 1991 ببول ولفوفتس، الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب وزير الدفاع الأمريكي، والذي أوضح للجنرال، قائلا: "شيء واحد كسبناه من هذه الحرب – سنتمكن من استخدام القوة في الشرق الأوسط، ولن يستطيع السوفييت منعنا.. ونحتاج إلى 5- 10 أعوام لكي نسقط الأنظمة السوفييتية في سوريا وإيران والعراق قبل أن تهددنا الصين كدولة عظمى".
وعلى الرغم من مخاوفه، يمضي أوباما خلف وكالة الاستخبارات المركزية والمملكة السعودية وتركيا بشأن الحرب في سوريا.
أوباما يستعرض الغطرسة الأمريكية التقليدية بشأن زعامة الولايات المتحدة، التي بغيرها لن يحدث شيء جيد ما في العالم.
ويقول أوباما: "في الحقيقة لم تكن هناك قمة واحدة من تلك التي اشتركت فيها منذ أن شغلت منصب الرئيس، دون أن يتضمن جدول عملها أننا نتحمل مسؤولية أساسية عن نتائجها، سواء بالنسبة إلى الأمن النووي وإنقاذ النظام المالي العالمي أو المناخ".
وما يجعل هذا التصريح من دون معنى تماما، هو أن الولايات المتحدة بالذات كانت السبب الأساس للأزمة المالية، والمعرقل الرئيس لحل مشكلات المناخ خلال السنوات العشرين الماضية.
ولذا، على الحكومة الأمريكية التوقف عن المغامرة واللعب في كل بلد، والمباشرة باستخدام الدبلوماسية، والبحث عن استراتيجية للتعاون المتبادل مع القوى الأخرى والتحذير من الحرب. إن مصالح الولايات المتحدة وروسيا في مجالي الأمن والاقتصاد تتطابق في أوروبا والشرق الأوسط، لأن السلام يفتح أمامهما أسواقا جديدة. وهما عرضة للإرهاب من جانب المتطرفين. كما أن استفزاز توسيع الناتو من قبل الولايات المتحدة باتجاه الشرق، والحروب التي أشعلتها في الشرق الأوسط، أعادت الحرب الباردة مع روسيا.
لقد حان الوقت لتلعب الحكومة الأمريكية وفق القواعد الدولية.
ملاحظة: موقع "جدلية" - موقع دولي يكتب فيه العلماء والصحافيون ورجال الدولة وممثلو الثقافة موضوعات مختلفة باللغات الإنجليزية والعربية والفرنسية والإسبانية.