الكتل الحزبية في البرلمان تناور 'ليس فقط من أجل إسقاط حكومة العبادي بل بهدف قطع الطريق أمام أي محاولة لإصلاح النظام السياسي القائم على المحاصصة'.
افراسيانت - بغداد - تحوّلت "حكومة التكنوقراط" التي أراد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يجعل منها عنوانا لرغبته في إجراء إصلاحات لا تستثني ثوابت العملية السياسية القائمة على المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية، إلى ورطة تهدّد بنهاية “مأساوية” لمسيرته السياسية بعد أن لاحت عوائق كثيرة أمام تشكليه تلك الحكومة المنشودة، في مقدّمتها ممناعة الأحزاب والكتل السياسية، بما في ذلك التحالف الشيعي الذي ينتمي إليه، لأي تغيير ينتزع السلطة من يدها ليضعها بين يدي تقنيين غير متحزّبين.
وفيما تتواتر المؤشرات على عدم إمكانية تمرير الحكومة التي وضع العبادي قائمة بأسماء وزرائها المقترحين بين يدي البرلمان المشكّل بحدّ ذاته من القوى والكتل الممانعة للتغيير والإصلاح، تلوح بالتوازي إشارات إلى إمكانية أن تعمد القوى السياسية الشيعية بما في ذلك حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون اللذين ينتمي إليهما العبادي إلى التخلّص منه تحت عنوان فشله في الإصلاح.
وكشف القيادي في اتحاد القوى الوطنية عبدالعظيم العجمان، الثلاثاء، أن تقييم اللجان النيابية لمرشحي الوزارات سلبي، مشيرا إلى أن خمسة من المرشحين سحبوا ترشيحاتهم.
ونقل موقع السومرية الإخباري عن العجمان قوله إنّ “الكثير من أسماء المرشحين بالقائمة التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي لمجلس النواب ستسقط”، مبينا أن “بعضهم عليهم ملفات لأنهم يشغلون مناصب مدراء عامين، وهذا ما يحتّم إعادة النظر بشأنهم”.
ويبدو أمرا طبيعيا أن تعمل اللجان البرلمانية المشكّلة من أعضاء كتل سياسية متضررة من التغيير الوزاري، على إسقاط قائمة الوزراء المرشحين لأخذ أماكن المنتمين لذات الكتل.
وقال مراقب سياسي عراقي “إنه ليس مفاجئا أن يقوم ممثلو الكتل السياسية في مجلس النواب برفض لائحة الأسماء التي تقدم بها العبادي، معتبرا أنّ المفاجئ فعلا لو أنهم وافقوا عليها، لا لأن الاشخاص المرشحين للحقائب الوزارية مستقلون كما ادّعى رئيس الوزراء، بل لأن الكتل الحزبية تمتلك مرشحيها البدلاء الذين تثق بهم أكثر من مرشحي العبادي”.
وأضاف في تصريح لصحيفة “العرب”، “إن الكتل الحزبية تناور في هذا المجال، ليس فقط من أجل إسقاط حكومة العبادي بشكل قطعي، وهو ما تخطط له فعلا، بل أيضا من أجل قطع الطريق على أي محاولة لإصلاح النظام السياسي القائم على مبدأ المحاصصة الحزبية”.
وفي إشارة إلى إمكانية الإطاحة بالعبادي من رئاسة الوزراء على يد أقرب منتسبي عائلته السياسية، نُقل، الثلاثاء، عن حُـنين القدو النائب عن ائتلاف دولة القانون بقيادة زعيم حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي أن الائتلاف أصبح منقسما على نفسه بخصوص بقاء رئيس الوزراء على رأس التشكيلة الحكومية من عدمه، متوقّعا عدم تمرير التشكيلة الجديدة المقترحة بعد انتهاء الأيام العشرة التي حددها مجلس النواب.
وفي إشارة أخرى إلى ما يخترق العائلة السياسية لحيدر العبادي من خلافات بشأن مصيره السياسي، دعا إبراهيم الجعفري وزير الخارجية ورئيس التحالف الوطني الذي يضم أحزابا وكتلا شيعية من بينها حزب الدعوة الإسلامية، إلى ضرورة مضاعفة الجهود للحفاظ على وحدة التحالف.
والجعفري أحد المتضرّرين البارزين من التغييرات المقترحة من قبل العبادي الذي رشّح الشريف علي ابن الحسين لقيادة وزارة الخارجية خلفا للجعفري، وهو ما قاد الأخير إلى التقارب مع زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم الذي لم يخف استياءه من مقترحات العبادي التي لا تضم أي اسم من المنتمين للمجلس، متقدّما بمبادرة “إصلاح” بديلة لمقترحات العبادي.
العرب اون لاين