افراسيانت - العرب - الجمعي قاسمي - تضغط الجزائر على تونس من أجل مدها بمعطيات حول الأسلحة القطرية التي تم إدخالها إلى ليبيا إبّان سقوط نظام القذافي وسط مخاوف من استعمالات هذه الأسلحة للقيام بهجمات إرهابية.
فقد كشف مصدر دبلوماسي عربي عن ضغوط جزائرية وصفها بـ”الجدية” على تونس من أجل مدها بكشوفات الأسلحة القطرية التي تم تسريبها إلى ليبيا عبر الأراضي التونسية خلال العامين 2011 و2012، وذلك في الوقت الذي عاد فيه خطر الصواريخ أرض/ جو المحمولة على الكتف، ليطفو على السطح من جديد في دول المنطقة المغاربية وبعض العواصم الأوروبية.
ويسود قلق كبير في الجزائر وتونس في أعقاب عثور الأمن الجزائري على عدد من قاذفات صواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات في جنوب البلاد، والإعلان عن ضبط كمية كبيرة من صواريخ “ستريلا” قرب صبراتة الليبية، تركها أفراد تنظيم داعش خلفهم بعد انسحابهم من المدينة.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ”العرب”، إن الجزائر التي باتت تخشى حدوث تطور نوعي في الأعمال الإرهابية لتنظيمي داعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كثفت من ضغوطها على تونس باتجاه معرفة حجم شحنات الأسلحة التي يُعتقد أنها دخلت إلى ليبيا عبر تونس من قطر.
وأوضحت أن زيارة وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب إلى الجزائر التي تمت بطلب من السلطات الجزائرية، ارتبطت بهذا الموضوع المثير للقلق، حيث يُعتقد أن صواريخ ستينغر التي عثر عليها الأمن الجزائري في جنوب البلاد، تم تهريبها إلى التراب الجزائري عبر تونس.
وقام وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب، الخميس الماضي بزيارة إلى الجزائر، أرجع مراقبون في تونس والجزائر أسبابها إلى التطورات الأمنية المتلاحقة ارتباطا بالملف الليبي، وذلك على خلفية الكشف عن صواريخ ستينغر في الجنوب الجزائري.
وقبل هذه الزيارة، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن ضبط ست قاذفات صواريخ ستينغر بمنطقة “قمار” التابعة لمحافظة الوادي الحدودية مع تونس.
وفيما تبدو معرفة المنشأ والجهة التي حصلت على تلك الصواريخ سهلة من خلال تتبع الأرقام التسلسلية التي تحملها، يُرجح الخبراء أن تكون تلك الصواريخ قد وصلت إلى ليبيا عبر دولة خليجية قامت بتسليح مناوئي القذافي سنة 2011، وذلك في إشارة إلى قطر.
وبحسب الجنرال أحمد شابير المدير السابق للمخابرات العسكرية التونسية، فإن كل الفرضيات واردة، وحذر في تصريح لـ”العرب” من خطورة هذا التطور الذي قال إنه يُشكل تهديدا خطيرا على أمن الطائرات العسكرية والمدنية من شأنه ضرب المصالح الحيوية في دول المنطقة.
وأكد أنه خلال العامين 2011 و2012 تسربت كميات هائلة من السلاح من ليبيا إلى تونس وبقية دول الجوار الليبي، حيث لا يُستبعد أن تكون ضمنها صواريخ أرض/ جو محمولة على الكتف، وهو تهديد جديّ يتعين تضافر جهود دول المنطقة لتفكيك شبكات تهريب مثل هذا السلاح الخطير.
ورغم أن السلطات الجزائرية والتونسية تكتمت عن حقيقة ما دار بين وزير الداخلية التونسي والمسؤولين الجزائريين، فإن المصدر الدبلوماسي العربي أكد لـ”العرب” أن الجزائريين طلبوا من الوزير التونسي كشفا بالسلاح الذي أدخلته قطر إلى ليبيا عبر التراب التونسي، حتى يتمكنوا من ضبط قاعدة بيانات تُمكنهم من تتبع ذلك السلاح.
ولم يستبعد أن تكون زيارة وزير الخارجية القطري لتونس التي بدأت الأحد، لها صلة بالضغوط الجزائرية على تونس، حيث يُنتظر أن يكون هذا الملف على طاولة المحادثات بين الوزير القطري والمسؤولين التونسيين.
وفي مارس 2011، أقامت قطر جسرا جويا لنقل الأسلحة إلى مناوئي القذافي، عبر المطارات التونسية، كما رست في ذلك الوقت العديد من السفن القطرية في موانئ تونسية، وفي خضم عودة هذا الملف إلى الواجهة، يرى مراقبون أن التطورات المحيطة به مرشحة للمزيد من التفاعلات في قادم الأيام، مع تزايد قلق المسؤولين في تونس والجزائر، ليس فقط من صواريخ ستينغر، باعتبار أن التقديرات تُشير إلى أن ترسانة النظام الليبي كانت تضم نحو 20 ألف قطعة سلاح أرض/ جو محمولة على الكتف روسية الصنع، أبرزها صواريخ “سام”، وستريلا”، و”إيغلا”.