افراسيانت - سلام مسافر - يلجأ المتخاصمون إلى جنيف، يفرشون مشاكلهم فوق طاولات أروقة المقر الأوربي للأمم المتحدة الممتد على مساحة 1800 هكتار تحيط به الحدائق وتترقرق على جوانبه بحيرة جنيف بمياهها العذبة.
وتتجول في جنائنه الطووايس التي ورثتها بلدية جنيف من صاحب القصر Revilliod de La Rive المتبرع به للدولة السويسرية أواسط القرن الماضي؛ واشترط الحفاظ على الطيور المعروفة بأنها تنشر ريشها متباهية تماما مثلما يفعل الفرقاء العرب المتخاصمون، مع الفارق أن الطواوويس وديعة!
العرب يجدون في جنيف، ديوانا للمفاوضات غالبا ما تنتهي بتعميق الخلافات، ونادرا ما يتوصل الفرقاء إلى تسويات. ولم يكن حظ الحوار السوري-السوري أفضل من غيره في جولتين من مباحثات جنيف بين وفود المعارضة ووفد الحكومة السورية على قاعدة تنفيذ قرارات بيان جنيف الصادر في حزيران من العام 2012 الذي تفسر الدول الكبرى بنوده وفقا لمصالحها؛ مع أن هذه الدول صاغته وصادقت عليه.
لكن مدبجي البيان تركوا عبارات حمَالة أوجه أصابت في البيان مقتلا، كما أصيبت قبلها قرارات الأمم المتحدة بشان الصراع العربي الاسرائيلي .
في جنيف 3 المزمع أواخر الشهر الجاري، سيفرش السوريون مجددا ملف التراجيديا المتواصلة للسنة الخامسة على مائدة المقر الأوربي للأمم المتحدة. وسينفش المتحاورن ريشهم ويسمعون، ربما، بعضهم البعض أقسى العبارات، والأمل في أن يتوصلوا إلى نتائج تنهي الحرب الأهلية قبل أن يصل ضحاياها إلى المليون.
مرة اعترضت طواوييس المرحوم ريفيليو دو لا ريف طريق السفير الأمريكي في المقر الأوربي للأمم المتحدة وجعلته يتأخر عن الاجتماع أكثر من نصف ساعة، قبل أن تبتعد، بإرادتها، عن طريقه، ولم تعتذر بالطبع لأنها لا تجيد الكلام؛ بل السير بخيلاء.
المتحاورون المتوجهون نحو جنيف يقبلون بالإملاءات الدولية والإقليمية، لكنهم يعاندون ويرفضون التنازل أمام أبناء جلدتهم. أليس في ذلك مفارقة؟ وهل تصلح جنيف ما أفسد الدهر؟