الدعم الأمريكي يدفع إسرائيل لارتكاب المزيد من المجازر في غزة ويجعل ترامب مسؤولا عن استمرارها

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - رائد صالحة - يعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل على الدعم الأمريكي في حربه الدامية على قطاع غزة، وفق اعترافات كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين. فقد أكد الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك أن «كل الذخائر والطائرات دقيقة التوجيه التي يستخدمها الجيش مصدرها الولايات المتحدة»، مضيفًا أنه «بمجرد وقف هذا الدعم، لا يمكن لإسرائيل مواصلة الحرب». فيما شدد رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت على أن سلاح الجوّ الإسرائيلي «يعتمد كليًا على المعدات الأمريكية»، مؤكدًا أنّ إسرائيل لا تمتلك أي مصدر آخر موثوق لتزويدها بالأسلحة والذخائر المتقدمة.


ويعكس هذا الاعتماد الكلي أن القرار الأمريكي هو العامل الحاسم في استمرار المجازر أو إنهائها. فالرئيس الأمريكي يمتلك، بقرار واحد، القدرة على إنهاء الحرب، وهو ما يدركه الإسرائيليون بوضوح. وفي هذا السياق، نشر ستة أسرى إسرائيليين سابقين وأرملة أحد الأسرى مقطع فيديو باللغة الإنكليزية ناشدوا فيه الرئيس دونالد ترامب دعم اتفاق شامل لتحقيق السلام في غزة وإطلاق سراح الأسرى المتبقين، مؤكدين أنّ له القدرة على «صنع التاريخ وإنهاء المعاناة وإعادة جميع الأسرى إلى منازلهم».


كما أرسل أكثر من 600 مسؤول أمني إسرائيلي سابق من الموساد و«الشاباك» رسالة إلى ترامب طالبوه فيها بالضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإحلال السلام في غزة، مؤكدين أن الرئيس الأمريكي وحده قادر على وقف المجازر عبر إنهاء الدعم العسكري لإسرائيل. ويشير خبراء إلى أن الكثير من الأمريكيين يعتقدون خطأً أن الحرب «حرب إسرائيلية» لا سلطة لواشنطن عليها، بينما الواقع يظهر أنّ إنهاء التدخل الأمريكي وحده كفيل بإيقاف القتل الجماعي في غزة.


وفي المقابل، تشير تقارير صحافية إلى أنّ إدارة ترامب منحت نتنياهو حرية غير مسبوقة في اتخاذ القرارات العسكرية في غزة، بدون ضغوط أو قيود من واشنطن. فقد استدعت إسرائيل نحو 60 ألف جندي احتياط تمهيدًا لاحتمال اجتياح القطاع، مع العلم أن البيت الأبيض لا يفرض أي خطوط حمراء على تل أبيب، بل يسعى إلى حسم سريع يفتح الباب أمام صفقات إقليمية أوسع للسلام.


وصعّد ترامب من دعمه العلني لنتنياهو، إذ وصفه مؤخرًا بـ«بطل الحرب»، وأكد أن تحرير الرهائن الإسرائيليين لن يتحقق إلا عبر «تدمير حماس بالكامل»، كما أيّد المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف الموقف ذاته، داعيًا إلى اتفاق شامل يعيد جميع الرهائن دفعة واحدة، متخليًا عن المقترحات السابقة بالإفراج الجزئي عن الرهائن.


هذا التحول في الموقف يمثل تباينًا واضحًا عن تصريحات ترامب في تموز/يوليو الماضي، حين أبدى تعاطفًا مع المدنيين الفلسطينيين وناقض إنكار نتنياهو لانتشار المجاعة، مؤكّدًا أنّه شاهد صورًا لأطفال «يبدون جائعين جدًا». لكن سرعان ما غيّر البيت الأبيض نبرته بعد انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار في قطر.


ويشير محللون إلى أن أي ضغط أوروبي على إسرائيل، مثل المواقف الأخيرة لفرنسا وأستراليا، يزيد من عزيمة البيت الأبيض على دعم نتنياهو، ويهدف إلى تحقيق «نصر حاسم» في غزة يُمكّن من الانتقال سريعًا إلى مفاوضات إقليمية أوسع.


ويعكس هذا الدعم الأمريكي تغيّرًا واضحًا في ديناميكية الصراع. فقد أصبح هدف العمليات الإسرائيلية غامضًا، وفقاً للعديد من المحللين الأمريكيين، حيث يتناقض هدف تحرير الرهائن مع السعي للقضاء على حركة حماس أو السيطرة الدائمة على غزة، وهو ما يؤدي إلى استمرار الحرب وإطالة المعاناة الفلسطينية.


ويشير محللون إلى أن تدخل ترامب المباشر عبر محادثات مع نتنياهو وحوار عسكري بين الجيش الإسرائيلي والقيادة المركزية الأمريكية قد يوفّر تقييمًا واقعيًا للمخاطر ويقدّم بدائل للعمليات، كما يمكن أن يعزز مفاوضات صفقة نهائية للرهائن بمشاركة أمريكية كاملة واستغلال جهود تركيا وقطر ومصر مع حماس لقبول التسوية.


وفي الوقت نفسه، تتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بشكل كبير، فيما تعمّق إسرائيل عزلة دولية متزايدة. فقد أشار الكاتب جيفري د. ساكس إلى أن استمرار المجازر يقوّض أي أفق لحلّ الدولتين ويضعف فرص السلام، موضحًا أن الحكومة الإسرائيلية تعتمد سياسة تجويع متعمّد للفلسطينيين، وهو ما يمكن اعتباره دليلًا على النية المبيتة لارتكاب إبادة جماعية وفق القانون الدولي.


ويضيف ساكس أن الحلم الإسرائيلي بإقامة «إسرائيل الكبرى» بين البحر والنهر يرتبط بجرائم ممنهجة، مدعومة أمريكيًا بالمال والسلاح والغطاء السياسي، ما يضع إسرائيل في مواجهة غير مسبوقة مع المجتمع الدولي. وأظهرت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة تحولات واضحة، إذ أيد 58 في المئة من الأمريكيين الاعتراف بدولة فلسطين مقابل 32 في المئة فقط عارضوا، ما يعكس تراجع التأييد الشعبي للسياسات الإسرائيلية التقليدية.


ويخلص العديد من الخبراء إلى أنّ الإسرائيليين يدركون تمامًا اعتمادهم الكلي على الدعم الأمريكي، وأن الرئيس الأمريكي يمكنه إنهاء المجازر في أي لحظة، فيما يشدد الخبراء على أن «السلام في الشرق الأوسط ممكن إذا تخلت واشنطن عن تغطية العنف العسكري ودعمت دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967».


ويطرح المحللون الأمريكيون مجموعة من الحلول العملية لتخفيف المعاناة: تعزيز تدفق المساعدات الإنسانية، وإشراك الدول العربية لضمان الإبعاد النهائي لمقاتلي حماس وإعادة إعمار غزة بشكل آمن، وتوجيه الاستراتيجية الإسرائيلية لضمان تسوية سياسية عملية، ما يمكن أن يمنع تمديد مأساة غزة إلى عام 2026.


ويشيرون إلى أن الرئيس الأمريكي يمكنه إحداث تغيير جذري في الأزمة عبر خطوات محددة: الحوار المباشر مع نتنياهو، والاجتماع بالقيادة العسكرية الإسرائيلية لتقديم تقييم واقعي للعمليات، والتفاوض على صفقة شاملة للرهائن مع مشاركة وساطة دولية نشطة، إلى جانب الضغط على حماس لقبول تسوية سريعة، وهو ما قد يوقف استمرار المجازر ويخفف من التدهور الإنساني المتسارع.


وفي نهاية المطاف، يخلص الخبراء إلى أن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، مع غياب أي ضغوط على نتنياهو، يجعل ترامب شريكًا مباشرًا في استمرار المجازر، بينما الحلّ الفعلي يكمن في إعادة التوازن الاستراتيجي والسياسي الذي يمكن أن يوفر فرصة للسلام ويعيد الأمل إلى سكان غزة في ظل ظروف إنسانية مستقرة وآمنة.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology