افراسيانت - زكريا شاهين - منذ اعلان برلمان شبه جزيرة القرم، في مارس/آذار 2014 عن قيام جمهورية القرم واستقلالها عن أوكرانيا، بموجب استفتاء عام أمّنته روسيا في شبه الجزيرة.
ورغم المحاولت الحثيثة لمنع مواطنوا القرم من المشاركة في الاستفتاء . ان كان ذلك من خلال الترهيب او تلفيق المعطيات الكاذبة , او الدعوة المكشوفة لمقاطعة الاستفتاء كما طالب مصطفى جميليف بذلك , فقد صوت 96،77% من السكان لصالح العودة إلى قوام روسيا,وبعد الاستفتاء وقبول جمهوريتهم كيانا فدراليا جديدا في روسيا الاتحادية، تقدم برلمان الجمهورية إلى البرلمان والقيادة الروسيين بطلب عودة القرم إلى روسيا، وصادق مجلسا "الدوما" و"الاتحاد الروسي" في الـ18 من مارس/آذار 2014 على انضمام القرم واعتبراها جزءا لا يتجزأ من أراضي روسيا الاتحادية.
منذ ذلك الحين , لم يتوقف الجانب الاوكراني عن محاولاته القيام بعمليات تخريبية في شبه الجزيرة الروسية .
التوجه الاوكراني المدعوم من الغرب ولو كان ذلك دون اعلان مباشر , يحاول بطريقة او باخرى احداث الفتن في القرم مضافا الى ذلك محاولة القيام بعمليات تخريبية , على غرار ما حدث مع جورجيا في أوسيتيا الجنوبية سنة 2008, دون ان يتعلم الدرس الروسي وما حدث مع جورجيا .
محطات كثيرة تدل على مؤشرات واضحة على الفعل الاوكراني , فمثلا .. سبق وان كشف ما يسمى بـ"جيش المتطوعين الأوكرانيين" عن أنه " سوف ينقل نشاطه "الفدائي" إلى جمهورية القرم فور استعادة كييف سيطرتها على "دونباس" جنوب شرق أوكرانيا.
ومن المعلوم أن المخابرات الروسية استطاعت مؤخرا فك شبكة تخريبية مكونة من ثلاث خلايا إحداها في شبه جزيرة القرم الروسية واثنتان في أوكرانيا تستر عناصرها بحجاب التنظيمات الإرهابية.
وخلص الأمن الفدرالي الروسي، إلى أن المخابرات الأوكرانية، قد حشدت ثلاث خلايا تخريبية واحدة في شبه جزيرة القرم الروسية، واثنتان على الجانب الأوكراني من الحدود، حيث كان من المقرر للخلية المنتشرة في القرم إشغال الأمن الروسي، لتتسلل الخليتان الأخريان من الجانب الأوكراني وينفذ عناصرهما سلسلة من التفجيرات والأعمال التخريبية لشل شبه جزيرة القرم والنيل من أمن روسيا واستخباراتها.
عناصر الشبكة التي انتشرت في القرم، ولم يقضوا برصاص الأمن الروسي، أدلوا باعترافات وافية، فضحوا فيها نشاطهم والجهات الأوكرانية التي كانت وراءهم، والغاية من أعمالهم التخريبية التي لم يكتب لها النجاح.
من المحاولات التخريبية التي لم يكتب لها النجاح ايضا , قيام الجهات الاوكرانية بقطع التيار الكهربائي بشكل كامل عن شبه جزيرة القرم في 22 نوفمير/تشرين الثاني, لكن ذتك لم يفلح , اذ حصلت شبه جزيرة القرم في 2 ديسمبر/ كانون الأول، اي بعد عشرة أيام من الحصار الطاقوي من قبل أوكرانيا، على أول شحنات من الطاقة الروسية بعد أن أطلقت المرحلة الأولى لكابل يمر تحت الماء يربط شبه الجزيرة مع برّ روسيا الرئيس عبر مضيق كيرتش.
ويسمح جسر الطاقة هذا، بعدم اعتماد نظام الطاقة في شبه جزيرة القرم على أوكرانيا.
وسوف يزوّد أول كابل تحت مائي شبهَ الجزيرة بما لا يقل عن 200 ميغاواط من استطاعة الطاقة الكهربائية. وهو ما يسمح، بالإضافة الى التوليد المحلي للطاقة ومحطات توليد الطاقة التوربين – غازية المتنقلة، بتغطية ما يقرب من نصف متطلبات الذروة في شبه الجزيرة.
سياسة العبث المستمرة
مؤخرا ايضا .. وبدعم اوكراني بالطبع اعلن عن تشكيل ما يسمى إدارة مسلمي القرم في أوكرانيا, مما يدل على استمرار لسياسة العبث التي تمارسها سلطات كييف.
في هذا السياق , أوضح زاور سميرنوف، المسؤول عن العلاقات بين القوميات في حكومة القرم، أن إدارة "مسلمي القرم" التي تم تشكيلها مؤخرا في أوكرانيا لها صلة بفتح الله غولن، رجل الدين والداعية التركي المتهم من قبل أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا ليلة 15 إلى 16 يوليو/تموز الماضي.
وأكد سميرنوف أن انتخاب أيدار روستاموف، المفتي الجديد الذي ترأس إدارة مسلمي القرم (المنبثقة من كييف) جاء بمشاركة رادكاليين ومتطرفين، بمن فيهم مسلحون شاركوا في أعمال قتالية بسوريا وشمال القوقاز، إضافة إلى أنصار "حزب التحرير الإسلامي" المحظور في روسيا وعدد من البلدان الأخرى، باعتباره منظمة إرهابية.
وكانت وسائل إعلام أفادت في وقت سابق بإجراء مؤتمر لمسلمي أوكرانيا والقرم في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث تم تشكيل في ختامه إدارة مسلمي القرم وانتخاب المفتي الجديد لها. علما ان مثل هذا المجلس لا يمثل المسلمين في شبه الجزيرة , اذ ابد تتار القرم فكرة الإستقرار في المنطقة و لهم الآراء الودية لروسيا و هم دعموا إجراء الإستفتاء العام في القرم.
من المهم هنا القول بان المسلمون في روسيا أفضل من المسلمين في أوكرانيا. إن الجمهوريات الروسية حيث أغلبية السكان مسلمين كما تتارستان و باشكورتوستان و شيشان تملك الحقوق الكثيرة في اطار الجمهورية الذاتية. وتتوفر عندهم الحقوق المتساوية لحقوق الأشخاص من الأديان الأخرى.
تقدم حكومة روسيا المساعدات المالية الكثيرة لإنجاز البنية التحتية في الجمهوريات المسلمة ضمن روسيا فيما بين ذلك يتم تقديم المال من أجل بناء المساجد و المدارس الدينية. في أكتوبر عام 2008 إنتهى بناء مسجد قلب الشيشان في مدينة غروزني و يعتبر هذا المسجد من أجمل مساجد في العالم كله. و تعتبر جمهورية روسية تتارستان مثالاً ممتازاً حيث يعيش المسلمون و المسيحيون معاً في السلام و الصداقة. يقع مسجد مشهور /قول شريف/ قريباً من كنيسة مسيحية /بلاهوفيشينسكيا/ و يؤكد هذا الموقع وجود المعيشة السلمية في المنطقة.
ومن الامثلة الاخرى للحرية الدينية التي يتمتع بها المسلمون في روسيا وبدعم من الدولة الروسية , أكد نائب رئيس حكومة جمهورية القرم الفيدرالية الروسية روسلان بالبيك، "26 آب/ أغسطس الماضي "، أن حصة مسلمي شبه جزيرة القرم من الحجاج، قد زادت في هذا العام بنسبة 20 مقعداً، ليصبح عدد حجاج القرم لهذا العام 320 حاجاً. وقال روسلان بالبيك، لوكالة نوفوستي: "لكي يتمكن أكبر عدد من المسلمين الراغبين، من أداء فريضة الحج في الأماكن المقدسة، تقرر زيادة حصة شبه جزيرة القرم ضمن بعثة الحج الروسية، وبلغ إجمالي طلبات الحج التي قدمت نحو 450 طلباً، لذلك ذهبنا لتلبية رغبة الحجاج، وقمنا بزيادة الحصة المخصصة لشبه جزيرة القرم من 300 إلى 320 حاجاً". والجدير بالذكر أن المسؤول المفوض بأمور الحج في الحكومة الروسية ونائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي إلياس أوماخانوف، كان قد صرَّح في وقتٍ سابقٍ من العام الماضي، أن روسيا قد طلبت رسمياً من المملكة العربية السعودية منح مسلمي القرم إمكانية أداء فريضة الحج .
من ناحية اخرى , فقد ظهر جليا في ان روسيا ترغب بمساعدة لتتار القرم بالشكل الثقافي و بالشكل المالي أيضاً. فقد قررت جمهورية روسية تتارستان الإستثمار في مجال السياحة في القرم. وأكد رئيس تتارستان رستام مينيحانوف مساعدة تتارستان للشعب الشقيق في القرم واهتمام المسلمون الروس في مصير شعب تتار القرم.
في كل الاحوال .. لم تنجح اي من المحاولات التحريضية السابقة ولن تنجح ايضا المحاولات العبثية الجديدة , فشعب شبه جزيرة القرم بكل مكوناته سبق وان قال كلمته ولن يعود الى الوراء. ولن ينفع النفاق الغربي بتغيير ما حدث.