غزة - افراسيانت - بعدما توعدت حماس برد قويّ على اغتيال مازن فقها، يتحدث خبراء عن احتمال حصول مواجهة جديدة بين الحركة وجيش الاحتلال في قطاع غزة، لكنّ المسألة تكمن في معرفة نوعية الردّ وزمانه.
واغتيل مازن فقهاء على أيدي مجهولين بأربع رصاصات قرب منزله في مدينة غزة في 24 آذار/مارس، واتهمت حركة حماس إسرائيل بتنفيذ العملية. وتوعدت كتائب القسام بالثأر. وكانت إسرائيل أفرجت عن فقهاء ضمن صفقة تبادل في 2011، وأبعدته لغزة.
ويعني أيُّ رد لحماس من قطاع غزة تعريض القطاع إلى تصعيد جديد، في وقت لم ينته بعد من تضميد آلام الحرب الاخيرة في 2014 التي خلفت دمارًا هائلاً وزادت الأوضاع بؤسًا.
ويرجح الخبير في شؤون الفصائل الفلسطينية حمزة ابو شنب أن تسعى حماس إلى "استهداف عسكري ينطلق من الضفة الغربية إلى داخل اراضي 48، كونها ساحات مفتوحة للمعركة"، مشيرًا إلى أن هذا الفعل "سيجنب" قطاع غزة المواجهة.
ولكن إذا خرج الرد عن هذا الإطار، وفق أبو شنب، فإنّ الوضع "سيتدحرج لتصعيد أو حرب رغم أنّ حماس وإسرائيل لا تريدان حربًا".
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر مخيمر ابو سعدة أن "الأمور تتجه نحو مزيد من التصعيد، وانطلاق رد حماس المتوقع من الضفة أو حصوله في الخارج لن يمنع حدوث مواجهة عسكرية وحرب في غزة".
ورفضت إسرائيل التعليق رسميًا على مقتل فقها، الذي تتهمه بأنه العقل المدبر لعدد من العمليات خلال انتفاضة الأقصى.
وبحسب مسؤول في حماس، فإنّ الحركة "لن تكون انفعالية" في تعاملها مع تداعيات الاغتيال، لكنّها "ترفض بقوة أي تغيير في قواعد اللعبة: كل عدوان إسرائيلي سيواجه برد بالمثل سواء مباشر أو غير مباشر".
ووضعت كتائب القسام لافتة ضخمة على طريق صلاح الدين الرئيسي في وسط القطاع كتب عليها "الجزاء من جنس العمل"، بجانب صورة لفقهاء وهو يحمل مُسدّسًا، ولافتة أخرى عليها صورة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل كتب عليها بالعربية والعبرية والانكليزية "قبلنا التحدي".
واعتبر مشعل في كلمة عبر الفيديو ألقاها خلال مهرجان تأبين الفقها في غزة، أنّ الاغتيال "تحديًا كبيرًا ودَينا في أعناقنا يضاف إلى ديون سابقة".
وقال "إذا كان العدو يغيّر قواعد الصراع، فإن قيادة الحركة بكل مكوّناتها العسكرية والسياسية قبلت التحدي مع الاحتلال، والجواب ما سيرى الاحتلال، لا ما سيسمع".
إلّا أنّ أبو شنب يلفت إلى أنّ الفكر العسكري لحماس "تطور كثيرًا، وباتت الحركة تدرك أنّ أيّ معركة يجب ألّا تُبنى على ردّات الفعل أو العواطف، لا سيما أنّها تعتبر نفسها في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال".
ويعتقد أبو سعدة أنّ "نموذج حزب الله في الردّ على إسرائيل سيكون حاضرًا في ردّ حماس"، مضيفًا أنّ الرّد سيتمثل في "عمل عسكري في الوقت المناسب والمكان المناسب، وليس كما حصل ردًا على اغتيال أحمد الجعبري" القائد العسكري لحماس في 2012.
وأدّى استشهاد الجعبري في غارة إسرائيلية على مدينة غزة إلى اندلاع حرب، إذ ردت حماس بإطلاق عشرات الصواريخ على المدن الإسرائيلية.
وغالبًا ما ترد حماس على الهجمات التي تستهدفها بإطلاق قذائف أو صواريخ على البلدات الاسرائيلية. لكنّها هذه المرة تتريث، ما يثير قلق إسرائيل، بحسب المحلل مصطفى صواف الذي يقول إن حماس "تركت الأمور في منتهى الغموض والحيرة للعدو كي لا يفهم ماذا تريد حماس وكيف يمكن أن تنفذ ردها".
ويتحدث الصواف عن احتمال عودة حماس إلى أسلوب "العمليات الاستشهادية أو اغتيال شخصية عسكرية أو سياسية إسرائيلية".
ويشكل الاغتيال اختبارا للقيادي البارز يحيى السنوار الذي انتخب رئيسًا للمكتب السياسي لحماس في القطاع، والذي يؤشر وصوله الى صعود نجم العسكريين في الحركة.
في الجانب الاسرائيلي، يتحدث المحلل في صحيفة "معاريف" يوسي ميلمان عن "تغيير في النهج" اذا صح "الافتراض أن اسرائيل تقف وراء العملية".
ويقول "اذا نجحت اسرائيل بالفعل في اغتيال قادة او خبراء في حماس دون ان تترك بصمات، سواء في غزة او في الخارج، فهذا يعني ان اسرائيل قررت اتخاذ نهج اكثر عدوانية".
ويرى ابو سعدة من جهته ان اسلوب اسرائيل "جديد قديم، لكنها المرة الاولى التي تضرب بهذه الطريقة في غزة، ساحة حماس القوية، وهذا ما صدم حماس".
ويتوقع ابو سعدة "مرحلة جديدة من المواجهة الاستخباراتية الهادئة وغير العلنية" بين حماس واسرائيل.