افراسيانت - رغم الدعم الدولي اللافت للمجلس الرئاسي منذ تمكنه دخول العاصمة طرابلس في مارس الماضي إلا أن مستقبله لا يزال يواجه صعوبات جمة داخلياً.
فبعد ستة أشهر من الانتظار أعلن مجلس النواب الأسبوع قبل الماضي عن عدم منحه ثقته للحكومة المقدمة من المجلس الرئاسي، مطالباً الأخير بتقديم تشكيلة مصغرة جديدة في فرصة ثالثة وأخيرة، بحسب نص قرار المجلس.
ويعتبر مراقبون للشأن الليبي أن زيارة فايز السراج ومرافقيه في عضوية المجلس الرئاسي أول من أمس إلى مدينة سرت تأتي ضمن بحثه المستمر لدعم مستقبل وجوده لاسيما أن المهلة التي منحها لها مجلس النواب وهي 15 يوماً شارفت على الانتهاء.
وقام رئيس المجلس فايز السراج أول أمس الأربعاء بزيارة لمدينة سرت التي تدور فيها معارك ضد مقاتلي "داعش" منذ أشهر، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي عدداً من ضباط قيادة عملية "البينان المرصوص"، كما زار عدداً من المواقع المحررة من سيطرة "داعش" ومنها "قاعات واغادوغو" التي كانت تمثل الإدارة الرئيسية للتنظيم.
وتمكنت قوات "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي من تحرير آخر حيين بالمدينة يسيطر عليها "داعش"، الحي السكني 3 و1 بعد معارك دامت لعدة أيام ليحصر وجود مقاتلي "داعش" في عدد من العمارات السكنية أقصى شمال المدينة في حي 600 وحدة سكنية.
ويرى مراقبو الشأن الليبي أن الزيارة جاءت في الوقت الذي ينتظر فيه أن يعلن "الرئاسي" عن تشكيلته الجديدة في ظل تصاعد الخلافات بينه وبين خصومه السياسيين في شرق البلاد وتراكم الانتقادات التي وجهت لـ"الرئاسي" لفشله في حلحلة المشاكل الحياتية التي يعاني منها المواطن الليبي وفشل مساعيه الأخيرة في فرض سيطرته على مؤسسات الدولة الحيوية كمؤسسة النفط والبنك المركزي.
ورغم الانتصارات الكبيرة التي حققتها قوات "البنيان المرصوص" في معركتها في سرت والتي طالما سعى محللون للمقارنة بين سرعة إنجازها وبين تباطؤ المعركة التي يقودها الجيش في بنغازي ضد الإرهاب، إلا أن ذات الآراء ترى أن "الرئاسي" لا يسيطر فعلياً على القوات التي تتألف منها "البينان المرصوص" مكتفياً باستثمار مكاسب معاركها سياسياً.
وتساءل كثير من المتابعين عن جدية سيطرة "الرئاسي" على الأوضاع في سرت، فـالسراج لم يطرح حتى الآن أي خطط لإعادة إعمار المدينة جراء الدمار الذي لحقها من الحرب رغم قرب مشارفتها على الانتهاء.
وتعالت أصوات مسؤولي بعض المجالس البلدية لعدة مدن غرب البلاد محتجة على "الرئاسي" في عدم تقديمه أي خدمات لإعانة النازحين من سرت كما لم يتحدث عن خطط إرجاعهم لمدينتهم حتى الآن رغم أن أجزاء كبيرة من المدينة تمت السيطرة عليها.
وبحسب المتحدث الرسمي لعملية "البنيان المرصوص" محمد الغصري فإن الخطوة التي ستلي تحرير المدينة ستكون بتعيين "حاكم عسكري" لها يشرف على سير الأوضاع فيها، نافياً أن يكون "الرئاسي" ناقش الأمر.
وفي خضم المشهد التزايد في الغموض أعلن "السراج" عقب زيارته لسرت عن تعيين قادة عسكريين لقيادة "الحرس الرئاسي" الذي كان قد أعلن عن تشكيله في مايو الماضي، في خطوة يراها البعض أنها لن تزيد إلا لتشتيت المشهد بشكل أكبر.
ويتخوف الخصوم السياسيون والعسكريون للمجلس الرئاسي في شرق البلاد من تمكين عناصر متشددة تشارك في القتال الحالي من السيطرة على المدينة، إذ اعتبر أعضاء بمجلس النواب إعلان بعض الفصائل المسلحة ضمن عملية "البنيان المرصوص" عن تأسيس "مجلس شورى المدينة" مطلع الاسبوع الماضي خطوة مريبة قد تمكن متشددون مقربون من تنظيم "القاعدة" من السيطرة على المدينة على غرار مسلحي مجالس شورى بنغازي ودرنة.
وبين كل هذه التكهنات يعتبر موعد يوم الاثنين القادم الموعد المحدد لتقديم التشكيلة الجديدة لحكومة الوفاق حداً فاصلاً في إزالة الغموض، الذي يكتنف المرحلة السياسية الجديدة في ظل الاتفاق السياسي الذي لم من المفترض أن يقود البلاد في غضون عامين إلى المرحلة الدائمة بعد التصويت على الدستور الدائم للبلاد.