افراسيانت - أقام المركز العربي للأبحاث – عمّان، ندوة بعنوان "محاكمة بلفور" استضاف فيها الموثق والمؤرخ الفلسطيني الدكتور سلمان أبو ستة، وتضمنت الندوة عرض مادة فيلمية لمحاكمة رمزية أجراها أبو ستة سابقا ضد آرثر بلفور، في جامعة إدنبرة عام 2022، وأظهر العرض تسلسلا تاريخيا لتداعيات الانتداب البريطاني على فلسطين، وما تلاه من دعم للصهيونية أفضى إلى إقامة دولة إسرائيل وانتهاك حق الفلسطينيين في الحياة على أرض وطنهم.
وتضمنت المحاكمة تحقيقا قانونيا واصطلاحيا بنص وعد بلفور، وبين أبو ستة أن الوعد كان مجرد بيان في الأصل قبل أن تتلقفه الحركة الصهيونية وتحوله إلى "وعد" تطالب بالوفاء به، وهو وفاء تحقق في نهاية المطاف بالنكبة الفلسطينية.
كما وقفت المحاكمة على مفاصل تاريخية مهمة، أظهرت بالوثائق ضلوع حكومة الانتداب البريطاني بجرائم في حق الفلسطينيين، وتغاضيها عن مجازر نفذتها عصابات الهاغاناه، المدعومة من الانتداب، وأثبتت الوثائق التي عرضها أبو ستة في المحاكمة، الحق القطعي لعائلات فلسطينية في أراض صادرتها دولة الاحتلال لاحقا من قضاء بئر السبع، بذريعة خلائها من السكان، فجاءت الوثائق لتدحض هذه المزاعم، وتوثق الحق المغتصب لأهالي القضاء.
وحاجج أبو ستة اللورد بلفور بخطاب له، وصف فيه الفلسطينيين بالهمجيين، مذكرا إياه بأن الشعب الفلسطيني أنجب إدوارد سعيد وإسماعيل شموط وغسان كنفاني وناجي العلي وغيرهم من المفكرين والفنانين والكتاب، إضافة إلى علماء كبار مثل الأخوين نايفة، ومخترعين ومخترعات ورواد فضاء، كما سخر منه إذ أبلغه بأن الشعب الفلسطيني الذي أريد له الفناء حين كان تعداده 700 ألف، أصبح تعداده اليوم نحو 14 مليونا، وما زال متمسكا بأرضه وحقوقه.
وفي نهاية المادة الفيلمية، ظهر الحضور الأسكتلنديون مبهورين بالوقائع، وأطلقوا هتافات مناصرة لفلسطين، ومطالبة بحرية الشعب الفلسطيني.
وبعد العرض كان هناك مساحة للنقاش أدارها الدكتور نظام بركات، فتحت بابا للحضور الكبير أيضا، وسط تفاعل كثيف تضمن أسئلة عن جدوى المحاكمة وأثرها في زمن الإبادة، وهو ما اعتبره سلمان أبو ستة جهدا لا بد منه في حشد التأييد، الذي سيتمكن في النهاية من إحقاق الحقيقة، مرددا عبارة كان قد افتتح بها المحاكمة نفسها: لا يخاف من الحقيقة سوى المجرمين.
يذكر أن المركز العربي للدراسات – عمّان، يقيم ندوات وفعاليات بشكل دوري، تتناول قضايا ثقافية وفكرية متنوعة.