افراسيانت - نابلس - "القدس" دوت كوم - عماد سعادة - تصاعدت وتيرة اعتداءات الاحتلال في الآونة الاخيرة على بلدة سبسطية (12 كم) شمال نابلس، والتي تعتبر الموقع الاثري الاضخم في فلسطين، وذلك في محاولة من الاحتلال لتزييف التاريخ وطمس الحقائق المتعلقة بهذا المكان الذي تمتد جذوره لاكثر من اربعة آلاف عام مضت.
آخر هذه الاعتداءات، كان فجر أمس، حينما استيقظ الاهالي على وقع قوات الاحتلال التي اقتحمت البلدة برفقة حافلة للمستوطنين شقت طريقها نحو منطقة الاثار، بحجة إقامة صلوات تلمودية، فتصدى لهم الاهالي، واندلعت مواجهات عنيفة؛ الشبان العزل بحجارتهم، وجنود الاحتلال برصاصهم الحي والمطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع التي تسللت غازاتها السامة الى داخل المنازل، موقعة حالات من الاختناق بين الاطفال والنساء وكبار السن، فيما تم استهداف مصابيح الانارة العامة بالرصاص، بهدف اغراق البلدة في ظلام دامس، ما يسهل تنفيذ المستوطنين لمآربهم.
وقال رئيس بلدية سبسطية، معتصم عليوي لـ"القدس" ، ان هذا الاعتداء ليس الاول ولن يكون الاخير، مرجحا أن تتصاعد سلسلة الاعتداءات على البلدة وآثارها خاصة في ظل وجود نوايا اسرائيلية لتغيير وجه المكان والاستيلاء بالامر الواقع.
تكثيف الاعتداءات .....
وأوضح رئيس البلدية، بأن الاسابيع الاخيرة شهدت تكثيفا للاعتداءات على البلدة واهلها وممتلكاتها وآثارها، حيث جرى هدم مزرعة ومطعم سياحي ومشغل لاعمال الخزف والسيراميك، تلاه اقتحامات مستمرة وشبه يومية بحجة ازالة علم فلسطين الذي دأب شبان القرية على تعليقه في منطقة الاثار تأكيدا على فلسطينيتها.
تجدر الاشارة الى أن قصة علم سبسطية ، حظيت خلال الاسايع الاخيرة بإهتمام اعلامي واسع، وقد تحولت في احداثها الى ما يشبه لعبة القط والفأر، فما أن يقوم نشطاء من البلدة بتثبيت العلم الفلسطيني فوق سارية طويلة في منطقة الآثار داخل البلدة، حتى تأتي قوات الاحتلال لازالته، فيقوم النشطاء باعادة تثبيته، ليقوم الاحتلال بازالته مجددا، وتكرر ذلك مؤخرا مرات كثيرة . ويترافق ذلك عادة مع اندلاع مواجهات عنيفة بين الطرفين، اسفرت في احدى المرات، عن اصابة شابين من البلدة بالرصاص الحي.
منطقة الاثار .....
وقال عليوي بلهجة غاضبة: " الاحتلال يدعي أن منطقة الاثار تقع في المنطقة (ج)، ونحن بدورنا نقول اننا لا نعترف بهذه التقسيمات، فسبسطية بلدة فلسطينية من ألفها الى يائها، ولا حق للاحتلال بشبر واحد فيها ".
وأضاف رئيس البلدية، بأن الاحتلال يحاول شرعنة الاستيطان وتحويله الى أمر واقع في سبسطية، كما يفعل في القدس والخليل، وغيرها من الاراضي الفلسطينية، مضيفا ان اصطحاب قوات الاحتلال للمستوطنين الى آثار سبسطية، بمناسبة ومن دون مناسبة، يصب في هذا الاتجاه، وهو ما يستدعي منا جميعا الوقوف في وجه هذا المخطط الاستيطاني وافشاله.
وحذر عليوي من خطر آخر يهدد آثار البلدة، ويتمثل في لصوص الاثار، الذين ينتهزون فرصة تواجد قوات الاحتلال في المنطقة للخروج والتنقيب عن الاثار وتدميرها، وهذا عادة ما يحصل بتشجيع من قوات الاحتلال، لكي تتحجج لاحقا وأمام العالم بأن الفلسطينيين يقومون بتخريب الاثار وتدميرها وبالتالي فإن الحماية الاسرائيلية لها هي الحل الأمثل لهذه المشكلة.
وناشد رئيس البلدية السلطة الفلسطينية والوزارات وكذلك المؤسسات المحلية والدولية.
الاهتمام بالحفاظ على هذه المنطقة التي تعتبر أكبر موقع أثري في فلسطين وإحدى محطات السيد المسيح، ومرقد النبي يحيى عليه السلام ، والتي قطنها الكنعانيون واقاموا حضارتهم فيها قبل اربعة الاف عام .
تهويد وتشويه ....
وطالب بحمايتها من خطر التهويد والتشويه، لاسيما ما تقوم به وزارة السياحة الإسرائيلية من عمليات ترميم وتسييج خاصة منطقة البلدة الرومانية والمسرح.
يشار الى ان نشطاء اطلقوا مؤخرا حملة لحماية سبسطية وآثارها من الاستيطان اطلقوا عليها اسم :"سبسطية شمس الحضارات" ، جرى خلالها تنظيم جولة للاعلاميين في البلدة، وعقد مؤتمر صحافي تم الحديث خلاله عن مخاطر الاستيطان التي تهدد سبسطية.
وتعتبر سبسطية من أهم المواقع الاثرية في فلسطين. وكانت مدينة صغيرة حتى أيام الملك (هيرود)، الذي أعاد بناءها من جديد وأسماها سبسطية، والاسم مشتق من كلمة "أغسطس"، ويعني باليونانية الإمبراطور .
ويعود أقدم استيطان في سبسطية إلى العصر الحديدي الثاني (القرن التاسع ق.م) وقضى عليها الآشوريون.