افراسيانت - طارق العبد - أيام قليلة وينطلق لقاء موسكو التشاوري بين الحكومة السورية وشخصيات من المعارضة في الداخل والخارج، لكن جزءاً من الكيانات السياسية للمعارضة لا يبدو على وفاق مع الدعوة الروسية للقاء الذي سيعقد بمن حضر. وفيما يبدو قرار «الائتلاف الوطني» متوقعاً بالغياب، كانت المفارقة بقرار مماثل من معارضين في الداخل.
وكانت الأسابيع الماضية شهدت سلسلة لقاءات مكثفة بين قيادات المعارضة بين اسطنبول والقاهرة ودبي، وجمعت شخصيات من «هيئة التنسيق» و«تيار بناء الدولة»، بالإضافة إلى «الائتلاف»، الذي قال العضو فيه بسام الملك، لوكالة «الأناضول»، إن «الائتلاف قد اتخذ قراره بالإجماع بعدم الذهاب إلى موسكو»، معتبراً أن «أي عضو يخالف ما أقرته الهيئة العامة سيتم فصله».
وفيما لا يزال معاذ الخطيب وشخصيات مثل فاتح جاموس وبعض الأحزاب المرخصة في الداخل يميل للمشاركة في الاجتماع في موسكو، لم تحسم «التنسيق» قرارها بعد، حيث أشار مسؤول الإعلام في الهيئة منذر خدام إلى أن «الأمر ما زال خاضعاً لمشاورات المكتب التنفيذي»، فيما اعتبر مصدر من معارضة الداخل أن «أعضاء التنسيق متحفظون على إرسال الدعوات بشكل شخصي».
أما «تيار بناء الدولة السورية» فقد أعلن عدم مشاركته أو حضور أي من أعضائه في اجتماعات موسكو. وقال، في بيان، إن «هناك عدة أسباب قد أفرغت اللقاء من جدواه، فالأزمة قد أشبعت تشاوراً، سواء بين قوى المعارضة أو قوى الموالاة، وكان من الأجدى أن تقدم موسكو مبادرة واضحة ذات عنوان عريض وجدول تفاوضي واضح، بالإضافة إلى أنه من المفترض أن تكون الأطراف المدعوة على درجة واسعة من الاختلاف مع السلطة، ولعل دعوة أطراف مقربة منها وتحمل نفس توجهاتها يجعل من اللقاء عبارة عن جلسات من الجدل غير المنتج».
وقال نائب رئيس التيار أنس جودة إن «هناك جملة من العوامل أدت لقرار التيار بالغياب عن موسكو، بدأت من الدعوة بشكل شخصي لا تمثيلي، حيث وجهت إلى نائب الرئيس منى غانم بدلاً من رئيس التيار لؤي حسين، ولعل استمرار اعتقال الأخير يشكل سبباً إضافياً لقرارهم».
وأضاف «بطبيعة الحال لا يتوقف عمل التيار على شخص، ولكن ما هو أهم من ذلك هو غياب أي أجندة تفاوضية أو عنوان واضح لهذا المؤتمر، الأمر الذي سيحوله إلى مجرد لقاء غير منتج. وليست هذه هي المبادرة الروسية التي كنا بانتظارها، بل كان من المأمول أن تقدم موسكو مبادرة واضحة تهدف الى تحقيق انتقال ديموقراطي جدي في سوريا. كما أن استمرار اعتقال لؤي حسين وغيره من المعارضين يدل على غياب أي مناخ من السلطة يشجع على بدء العملية التفاوضية».
ورأى جودة أن «التواصل مع باقي مكونات المعارضة، سواء هيئة التنسيق أو الائتلاف قائم قبل الدعوة الروسية وبعدها، بدليل مشاركة التيار في لقاء دبي واستعداده للمشاركة في اجتماع مرتقب في القاهرة». وقال إن «كان الهدف الروسي هو لقاء المعارضة مع بعضها البعض فهو أمر قائم، سواء في موسكو أو غيرها، وإن كان الهدف هو مجرد التواصل مع السلطة فنحن نتواصل مع العديد من المجموعات والقوى الموالية التي تحمل نفس آراء وأفكار السلطة».
وكان لؤي حسين اعتبر، في رسالة وجهها إلى قوى المعارضة من داخل سجنه في عدرا بريف دمشق، أن «الاجتماع التشاوري الذي تدعو موسكو له لا معنى له ولا جدوى»، داعياً «باقي أطياف المعارضة السورية إلى التمسك بمطالبة موسكو كي تقدم مبادرة واضحة ذات عنوان صريح، وجدول أعمال واضح تعرضه عليهم كي يتم قبوله». وأعلن أنه «لا يظن بوجود كيان معارض واحد قادر لوحده على تحصيل ما يكفي من السلطة»، مشدداً على «تشكيل قوة وازنة بهدف إنجاح الحل السياسي».