السيستاني يدعو إلى إصلاح القضاء والعبادي يتجاوب .. "داعش" يهاجم بيجي .. وقضية الكيميائي تتفاعل
افراسيانت - عاود تنظيم «داعش» هجومه على مدينة بيجي، في محاولة لاستعادة السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية التي تشكل عقدة وصل تربط محافظة نينوى ومدينة الموصل، بمحافظة صلاح الدين، في ظل تصاعد الحديث عن قرب بدء عملية عسكرية تنطلق شمالا باتجاه الموصل، أحد أبرز معاقل التنظيم التكفيري.
وفي هذه الأثناء، وبعد يومين على إعلان الجيش الألماني عن التحقيق في مزاعم استخدام تنظيم «داعش» لمواد كيميائية في قذائف أطلقت على قوات البشمركة، ذكر مجلس أمن إقليم كردستان، أن قواته تعرضت لهجمات بغاز الكلور، في وقت ذهبت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى ربط الأمر بالواقع السوري، مشيرة إلى احتمال استخدام التنظيم المتشدد لغاز الخردل في هجماته ضد القوات الكردية، وحصوله على هذا النوع من الأسلحة من سوريا.
سياسيا، أعطى المرجع الديني السيد علي السيستاني، أمس، المزيد من الدفع لرئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، حيث حثه ممثله في خطبة الجمعة على تفعيل الجهاز القضائي في محاربة الفساد، ليتلقف العبادي الدعوة بالطلب من السلطة القضائية اتخاذ المزيد من الاجراءات لمحاربة الفساد وإصلاح القضاء.
ميدانيا، شن مسلحو «داعش»، أمس، هجوما عند مشارف بلدة بيجي استخدموا فيه السيارات المفخخة، واشتبكوا مع الجيش وعناصر «الحشد الشعبي» في الأحياء الغربية من البلدة التي توجد فيها أكبر مصفاة نفطية في البلاد.
وتشهد بيجي ومصفاتها اشتباكات منذ أكثر من عام، وسيطر التنظيم المتشدد على البلدة في حزيران العام الماضي، وانتقلت السيطرة على أحياء بيجي من طرف لآخر عدة مرات أثناء الصراع، ولكن السلطات العراقية أعلنت، الشهر الماضي، أنها استعادت السيطرة على معظم أنحاء البلدة لكن «داعش» هاجم أحياء في وسط بيجي بعد ذلك بأيام، وأجبر القوات العراقية على التراجع.
وقال قائمقام بيجي محمود الجبوري إن «داعش» استخدم 12 سيارة ملغومة وأكثر من 200 مقاتل في الهجوم». وأضاف أن الهجوم بدأ بعيد منتصف الليل، مشيرا إلى أن المهاجمين «جاءوا من جنوب بيجي من اتجاه قاعدة سبايكر». ولفت الجبوري إلى أن «العشرات» من قوات الأمن ومقاتلي «الحشد الشعبي» قتلوا في الاشتباكات التي تضمنت أيضا اشتباكات في منطقتي السكك والتأميم غرب بيجي.
إلى ذلك، قالت سلطات إقليم كردستان إنها تعتقد أن مسلحي «داعش» هاجموا قوات البشمركة بأسلحة كيميائية ربما بغاز الكلور. وقال مجلس أمن إقليم كردستان إنه يحقق في عدة هجمات شنها مقاتلو «داعش» على مواقع للبشمركة ويشمل ذلك مدينة مخمور جنوب غربي أربيل.
وهذا هو ثالث تقرير عن الاشتباه في استخدام أسلحة كيميائية في القتال بالعراق هذا العام. وقال المجلس في بيان «التقارير الأولية تشير الى إطلاق مواد كيميائية في صورة قذائف ربما قذائف هاون». وأضاف «عولج عدة ضباط من البشمركة أصيبوا بدوار وقيء وضعف عام بينما يتلقى البعض العلاج من حروق».
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الولايات المتحدة تعتقد أن هجمات «داعش» استخدم فيها غاز الخردل. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير قوله «لدينا معلومات ذات مصداقية تفيد ان المادة المستخدمة في الهجوم هي غاز الخردل».
وذكرت الصحيفة الاميركية أن «داعش» قد يكون حصل على غاز الخردل في سوريا، التي أقرت حكومتها في العام 2013 بأنها تمتلك كميات كبيرة منه حين وافقت على التخلي عن ترسانتها من الأسلحة الكيميائية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي كبير قوله عن إمكانية حصول التنظيم على المادة الكيميائية في سوريا «هذا الاكثر منطقية». وأضافت الصحيفة ان التنظيم ربما يكون ايضا قد حصل على غاز الخردل في العراق.
وقال مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض إنه على علم بالتقارير ويسعى للحصول على مزيد من المعلومات. وقال المتحدث باسم المجلس ألي باسكي في بيان «مازلنا نأخذ هذا وكل المزاعم الخاصة باستخدام اسلحة كيميائية بجدية شديدة».
سياسيا، طالب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السلطة القضائية باتخاذ «اجراءات جذرية» تؤكد استقلاليتها وتتيح للحكومة المضي في الاصلاح، بعد ساعات من تشديد المرجع الديني السيد علي السيستاني على ضرورة تأهيل القضاء.
وأتت هذه الخطوات على وقع تواصل التظاهرات المستمرة في العراق منذ أسابيع للمطالبة بمكافحة الفساد وتحسين الخدمات. ونزل الآلاف الى شوارع مدن عدة ابرزها بغداد، أمس، في استكمال للتحركات المطلبية التي تلقت دعم السيستاني الاسبوع الماضي.
وفي سيناريو شبه مشابه لما جرى قبل ايام، بدا العبادي متسلحا بغطاء المرجعية للإقدام على خطوات اصلاحية. فبعدما قدم العبادي حزمة الإصلاحات بعد يومين من دعوة السيستاني اياه ليكون اكثر جرأة ضد الفساد، طلب رئيس الوزراء من السلطة القضائية، المستقلة دستوريا، اتخاذ خطوات اصلاحية بعد ساعات من دعوة مماثلة من المرجعية.
ودعا العبادي «السلطة القضائية الى القيام بسلسلة اجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين»، بحسب بيان أصدره مكتبه. وأكد العبادي أن «الاصلاحات الواسعة التي دعا اليها تتطلب قضاء عادلا ونزيها ومحترما لدعم هذه الاصلاحات والوقوف في وجه مافيات الفساد وابعاد القضاء عن المحاصصة الحزبية والفئوية والطائفية»، مشددا على «احترامه والتزامه بالقضاء العادل والنزيه».
وقبل ساعات من بيان العبادي، أعلن السيستاني الذي يتمتع بموقع وازن في السياسة العراقية وتأثير واسع على السياسيين، وبينهم العبادي وقيادات بارزة، تأييده للاصلاحات التي اقرت هذا الاسبوع، مؤكدا ضرورة اقرانها بخطوات اضافية ابرزها في المجال القضائي.
وقال وكيل السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة «قد اعلن في الايام الاخيرة اتخاذ عدة قرارات في سبيل اصلاح المؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد فيها وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية».
وأضاف الكربلائي «ونحن، اذ نقدر ذلك، ونأمل ان تجد تلك القرارات طريقها الى التنفيذ في وقت قريب، نود الاشارة الى ان من اهم متطلبات العملية الاصلاحية اولا اصلاح الجهاز القضائي، فانه يشكل ركنا مهما في استكمال حزم الاصلاح، ولا يمكن ان يتم الاصلاح الحقيقي من دونه». واعتبر اصلاح القضاء «المرتكز الاساس لاصلاح باقي مؤسسات الدولة».
ونزل متظاهرون إلى شوارع بغداد ومدن عدة أمس، داعمين لخطوات العبادي، ومطالبين اياه بالمزيد، لا سيما لجهة اصلاح القضاء. وفي ساحة التحرير وسط بغداد، تجمع الآلاف حاملين اعلاما عراقية، ومرددين هتافات عدة منها «بغداد لن تسكت بعد الآن»، و «كلهم حرامية (لصوص)». كما رفعوا صورا لسياسيين يتهمونهم بالفساد، وعليها علامة «اكس».
في المقابل، رفع متظاهرون صورا للعبادي كتب عليها «كل الشعب وياك (معك)»، كما رددوا هتافات داعمة مثل «يا حيدر سير سير (امض امض)، كلنا وياك في التحرير». وتكرر مشهد الآلاف من المحتجين في مدن عدة منها النجف وكربلاء والناصرية في جنوب البلاد.