خلاف حول إدارة اجتماع القاهرة .. وورقة عمل ترفض العسكرة .. المعارضة السورية الداخلية تحجّم «الائتلاف»
افراسيانت - محمد بلوط - شقت المعارضة السورية الداخلية طريقها نحو استعادة المبادرة السياسية، وتحصين موقعها المركزي الذي يمنحها إياه إطلاق المسار السياسي مجدداً بمبادرة روسية، وإزاحة «الائتلاف الوطني» وصقوره من المشهد.
وقالت مصادر سورية معارضة إن أيام دبي الثلاثة، التي شهدت مشاورات بين مجموعة من أعضاء «هيئة التنسيق» ومستقلين و «تيار بناء الدولة»، قد توصلت إلى صيغة أولية، لتشكيل لجنة تحضيرية تعمل على إعداد ورقة تفاهم للقاء القاهرة، الذي ينبغي أن يضم من 50 إلى 70 معارضاً.
وتضم اللجنة التحضيرية أعضاء ممن حضروا اجتماع دبي، ليس منها «الائتلافيون»، فضلا عن ورقة من 10 نقاط، تضم مبادئ عامة مشتركة حول الانتقال الديموقراطي، ووحدة سوريا، والدفاع عن مؤسسات الدولة، وإطلاق المعتقلين، وفتح الطريق أمام الإغاثة الإنسانية، وإنشاء هيئة حكم انتقالي.
كما تستجيب الورقة لشروط إطلاق الحوار السياسي، وتضع جانباً مسألة البحث بموقع الرئاسة السورية، من زاوية رفضها لأي حل عسكري، قاطعة الرهان على الجماعات المسلحة.
وكانت الاجتماعات قد ضمت منى غانم عن «تيار بناء الدولة»، وهيثم مناع، وحسن عبد العظيم، واحمد العسرواي، وصالح النبواني، وخالد المحاميد، وعارف دليلة، ووليد البني، وجهاد المقدسي. ومن المنتظر أن تطرح ورقة التفاهم للبحث على المدعوين إلى القاهرة.
وكان اجتماع دبي قد نجح بالسير في تحجيم «الائتلافيين» ودورهم في اللجنة التحضيرية لاجتماع القاهرة، التي ما انفكوا يرددون أنهم يتقاسمونها مع «هيئة التنسيق»، كما فتح الطريق نحو خلاف مع «الائتلافيين» في موسكو برفض بحث موقع الرئاسة شرطاً مسبقاً، فيما كان الرئيس الجديد لـ «الائتلاف» خالد خوجة يعلن، في أول مؤتمر صحافي يعقده بعد انتخابه خلفاً لهادي البحرة، أن لا مفاوضات مع النظام إلا على مرحلة انتقالية وترحيله.
ولا تزال إدارة اجتماع القاهرة موضع خلاف بين أجنحة المعارضة. إذ لا أحد يدري من هو الأب الشرعي للاجتماع في القاهرة، فضلا عن وجود أو عدم وجود مبادرة مصرية وراءه. وسيكون الأمر أصعب في الأيام المقبلة، بعدما أضاف خالد خوجة أبوته للاجتماع القاهري، إلى جانب «هيئة التنسيق» ومجلس العلاقات الخارجية المصري.
وكان خالد خوجة قد افتتح خلافته لهادي البحرة على رأس «الائتلاف» السوري بالقول إن «الائتلاف هو من دعا إلى اجتماع القاهرة».
والحال أن التنافس على أبوة الاجتماع ليس سوى محاولة لانتزاع المبادرة الوحيدة من المعارضة السورية، بعد عام كامل من الإخفاقات السياسية بعد «جنيف 2»، سواء في إعادة هيكلة «الاركان» أو بناء «حكومة مؤقتة»، أو قيادة العمل المعارض، أو تنسيق العمل الاغاثي، أو تقديم رؤية سياسية واضحة، في حين أن موعداً نهائياً لهذا الاجتماع لم يحدد بعد، كما لم تر النور لوائح المدعوين التي ينبغي أن تضم 50 اسماً على الأقل.
وإذا كان مفهوماً أن يحاول «الائتلاف» استعادة موقعه المحوري المفقود، أو «هيبته المفقودة» التي وضعها خوجة على رأس جدول أعماله، فإن ما ليس مفهوماً هو أن تبذل «هيئة التنسيق» كل جهد ممكن لخسارة الموقع الجديد الذي وهبته الدعوة الروسية إلى لقاء تشاوري بين الحكومة السورية والمعارضة في موسكو.
ذلك أن الحبل الذي حاول جناح من الهيئة أن يمده لإنقاذ «الائتلاف» من الاضمحلال، عبر إشراكه مناصفة في اللجنة التحضيرية للاجتماع، كما يقول «الائتلافيون»، وغض النظر عن أهدافهم السياسية لتفجير أي جهد روسي لإطلاق المسار السياسي، هو نفسه الحبل الذي ستشنقه به أيدي «الائتلافيين»، الذين يسعون إلى تأكيد هيمنتهم على المعارضة، في مواجهة اجتماع لا يخطئون الاعتقاد انه مكرس لإنهاء «حصرية» تمثيلهم، من خلال دعوتهم كأي مجموعة أخرى، للجلوس إلى مقاعد التشاور مع الحكومة السورية.
إذ من الجلي أن النقاط التي يجري البحث حولها في الأوراق الأولية التي ستطرح على المعارضة في القاهرة، لا تجد أي إجماع حولها من «الائتلاف» والمعارضة، فيما يقول خالد خوجة بوضوح إن «روسيا لم توجه دعوة للائتلاف».
ويقول مصدر مقرب من الملف في موسكو إن الروس يتساءلون مع مسؤولين سوريين، عن توقيت الاجتماع في القاهرة، وعن الدور المصري في العملية السياسية الجارية، وما إذا كانت القاهرة تعمل على ترتيب أوضاع المعارضة، أو الدخول على خط اجتماع موسكو لعرقلته.
وفي إطار النقاش عن أبوة الاجتماع نفسه يقول مسؤول في المعارضة السورية إن المصريين ليسوا المبادرين بل المضيفون لا أكثر لاقتراح طرحه وفد من «هيئة التنسيق» قبل عشرة أيام، خلال لقاء مع وزير الخارجية سامح شكري.
وأوكل المصريون إلى مجلس العلاقات الخارجية أمر تنظيم الاجتماع، الذي لن يمولوا بأي حال نفقات انعقاده، ويشترطون عدم حضور جماعة «الإخوان المسلمين» وأعضاء «إعلان دمشق». ويظهر المصريون بوضع الاجتماع تحت مسؤولية مؤسسة بحثية مستقلة، حذراً كبيراً من الاجتماع نفسه، وتحفظاً واضحاً على تبنيه، وإلا كانت الدعوات وجهت باسم وزارة الخارجية المصرية مباشرة.
والجلي أيضا أن الرهان الروسي على المعارضة الداخلية كبير. ويبرز من الأسماء المدعوة تجانس واضح في وجود تيار واقعي داخلي يمكن التحاور معه، إذ تضم اللائحة أكثر من 15 مدعواً من أصل 28 حتى الآن. كما أن بعض المدعوين من الخارج يندرجون في خطاب قريب من الأهداف الروسية، التي تسعى في المرحلة الأولى إلى فرز تيار قوي، يمكن الاعتماد عليه لمواصلة الحوار في ما بعد، في عاصمة آسيوية، كما يقول مصدر مقرب من الملف، وليس في موسكو، قبل العودة إلى دمشق.
من جهة ثانية، رجحت مصادر ديبلوماسية تركية توقيع مذكرة تفاهم بين أنقرة وواشنطن بشأن برنامج تدريب المسلحين السوريين وتجهيزهم، في كانون الثاني الحالي، موضحة أن «البرنامج يهدف إلى تدريب 15 ألف مقاتل خلال ثلاث سنوات».
وأوضحت المصادر أن «مذكرة التفاهم تنص على أن يبدأ تدريب مقاتلي المعارضة في آذار المقبل»، وأوضحت المصادر أنه «سينطلق في الوقت ذاته برنامج تدريب للمسلحين في الأردن والسعودية، ليتم تأهيل 15 ألف مقاتل نهاية السنوات الثلاث».
وقال مسؤول تركي «سيتم تدريب ما بين 1500 إلى ألفي شخص في تركيا» في السنة الأولى، مشيراً إلى أن «100 ضابط أميركي سيحضرون إلى تركيا من أجل المشاركة في عملية التدريب».