افراسيانت - يسعى جنود أميركيون ومن دول التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش"، للإسراع في تدريب خمسة آلاف عنصر أمني عراقي كل ستة أسابيع، لاكسابهم "المهارات الدنيا" لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف.
وبدأ الجنود الأميركيون، في الأيام الماضية، تدريب العناصر العراقيين، في المرحلة الأولى من برنامج سيتوسع تدريجاً ليشمل خمس قواعد عسكرية في العراق، إحداها في اقليم كردستان (شمال).
ويقول اللواء في الجيش الاميركي دانا بيتارد، لوكالة "فرانس برس"، في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد، حيث تقام عمليات تدريب "بحلول منتصف شباط المقبل، ستكون الدفعة الأولى قد تخرجت". ويضيف "سيكون هناك خمسة آلاف عنصر إضافي، كل ما بين ستة الى ثمانية أسابيع".
ويوضح أن التدريب سيركز على "المبادئ الدنيا المطلوبة لشن هجمات مضادة"، مشيراً إلى أن "المهم هو انه سينتج قوة قتالية.. ومقاتلين واثقين وقادرين".
وأنفقت الولايات المتحدة خلال وجودها العسكري في العراق بين العامين 2003 و2011، مليارات الدولارات على تدريب الجيش العراقي وتجهيزه. الا أن العديد من القطعات العسكرية انهارت بشكل كبير في وجه هجوم "الدولة الاسلامية"، لا سيما في الموصل كبرى مدن شمال البلاد. وفر العديد من الضباط والجنود من قواعدهم، تاركين آلياتهم وأسلحتهم صيداً سهلاً للتنظيم.
ويرى اللواء الأميركي بول فانك أن المسؤولية عن ذلك تعود إلى غياب القيادة ونقص التدريب. ويقول "لماذا هرب الجنود العراقيون؟ اعتقد أن السبب هو... عدم ثقتهم بقادتهم.. لا اعتقد انهم كانوا يثقون كثيراً بالقيادة في الموصل".
وفي سعي لمعالجة ثغرات القيادة، يشمل برنامج التدريب مناهج خاصة للضباط، سيقوم خلالها المدرِّبون الأميركيون "بعرض طريقة اتخاذ القرارات التي نستخدمها في الجيش الأميركي"، بحسب فانك.
وبعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في العام 2011، تقلصت علاقات التعاون العسكري بينها وبين القوات العراقية. ويقول الجنود الأميركيون إن أقرانهم العراقيين لم يلتزموا ببرنامج التدريب، ما أدى إلى تراجع مستوى مهاراتهم المكتسبة.
ويوضح فانك "مباشرة بعد مغادرتنا، (العراقيون) أصبحوا متهاونين نسبياً، ولم يقوموا بالتدريب أو ينفقوا المال المطلوب لذلك. لم يحافظوا على البرامج، وهنا تكمن المشكلة".
وبقيت كتيبة صغيرة من الجنود الأميركيين في العراق بعد العام 2011، تحت سلطة سفارتهم في بغداد، في حين أجرت واشنطن محادثات مع الحكومة العراقية حول الإبقاء على تواجد أكبر بعد الانسحاب، كان يمكن له أن يسد الثغرات في مجال التدريب. إلا أن هذه المحادثات انهارت بسبب إصرار إدارة الرئيس باراك أوباما على تمتع الجنود الأميركيين بالحصانة، وهو ما عارضته بغداد.
إلا أن عوامل إضافية عدة أوصلت إلى الانهيار الذي حصل في حزيران، منها سياسة الإقصاء التي يتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من قبل خصومه باعتمادها، وتهميش شريحة معينة عن الحكم. كما أدى النزاع المستمر في سوريا منذ قرابة أربعة أعوام، إلى نمو نفوذ "الجهاديين" وأبرزهم "داعش"، وتسهيل انتقالهم عبر الحدود وإقامة ملاذات آمنة لهم.
ويتواجد حالياً في قاعدة التاجي قرابة 180 جندي أميركي، وهو عدد مرشح للارتفاع إلى نحو ثلاثمئة، بحسب الضباط الأميركيين.
وسيقوم نحو 15 مدرباً أميركياً وعدد مماثل من العراقيين، بالعمل معاً على تدريب كل من الكتائب الأربعة التي تضم جنوداً عراقيين انتسبوا في وقت سابق من 2014 الى الجيش، وخضعوا لتأهيل استمر نحو ثلاثة أشهر.
ويقول كبير الرتباء الأميركي روبرت كيث "كنت آمل لو كان في إمكاني أن أحظى بمزيد من الوقت معهم، يا ليت يمكنني تمضية أشهر مع هؤلاء، ليصلوا إلى المستوى الذي يحتاجون أن يكونوا عليه".
ويرى كيث أن الجنود العراقيين قادرون على تحقيق المرتجى منهم "اذا عملوا مع قوات التحالف" الذي يضم دولاً غربية وعربية.
ويشير المقدم سكوت آلن إلى أن برنامج التدريب سيتدرج من التأهيل الفردي، وصولاً إلى المجموعات العسكرية. كما يشمل مروحة واسعة من المواضيع، كاستخدام الأسلحة و"التحرك التكتيكي" والقيادة والأخلاقيات، بحسب جنود أميركيين.
ويقول "نعرف أنهم (الجنود العراقيون) سيقاتلون في محيط مديني، وندرك أن عملياتهم ستكون هجومية، لذا ما سندربهم عليه معد وفق هذه المهمات".
ويرى فانك ان على العراقيين الاستفادة من التدريب لأقصى حد. ويوضح "عليهم أن يستغلوا هذه الفرصة.. يدركون أن فرصهم باتت على وشك النفاد... حان الوقت ليقفوا على رجليهم، يتقدموا، وينجزوا الأمور".
وتقود واشنطن تحالفا ينفذ غارات جوية منذ آب الماضي ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه اثر هجوم شنه في حزيران الماضي.