افراسيانت - حلمي موسى - كشف "تقرير الفقر البديل" الذي نشرته جمعية «لتيت» أمس، أن واحداً من كل ثلاثة أطفال في إسرائيل يعيش في حالة فقر. ويشكل هذا التقرير نوعاً من الضربة المعنوية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي رد «الليكود» باسمه محملاً المسؤولية لوزير المالية، خصمه زعيم «هناك مستقبل»، يائير لبيد. ويشهد تقرير الفقر هذا على تزايد الهوة بين الأغنياء والفقراء في إسرائيل حيث وصل عدد مَن يعيشون تحت خط الفقر حوالي 2.5 مليون نسمة.
وأوضح التقرير، الذي يعالج دوماً الثغرات التي تعاني منها التقارير الحكومية ونشر أمس، حجم الأوضاع الصعبة التي تعيشها الطبقات الدنيا في إسرائيل. وقد نشر التقرير بعد ستة أيام من نشر «مؤسسة التأمين الوطني» تقرير الفقر.
وأشار تقرير «لتيت» إلى ارتفاع نسبة الفقر في صفوف أطفال العائلات التي تتلقى دعماً من الجمعيات الخيرية بحوالي 45 في المئة. كما يكشف التقرير تضاعف نسبة كبار السن العاجزين عن توفير وجبات غذائية لأنفسهم. كما أن ربع الأطفال الذين تتلقى عائلاتهم دعماً من جمعيات خيرية يذهبون إلى النوم جوعى مرات عدة في الشهر، بالإضافة إلى أن 36 في المئة من أطفال العائلات التي تتلقى دعماً يخرجون للعمل بغية مساعدة عائلاتهم اقتصادياً.
ويشير التقرير إلى أن زيادة بنسبة 14 في المئة على كبار السن الذين يتلقون دعماً من جمعيات خيرية وصاروا يتخلون عن الأدوية والعلاجات (56 في المئة العام الماضي، في مقابل 48 في المئة في العام الذي سبقه). وعانى 72 في المئة من متلقي الدعم من قلة الغذاء، في حين اضطر عشرة في المئة للبحث عن الغذاء في حاويات القمامة، والتسول أو أكل بقايا الطعام المتروك.
ويبحث تقرير جمعية «لتيت» أساساً في وضع الشريحة الأفقر في إسرائيل، استناداً إلى ثلاثة استطلاعات: استطلاع فحص وضع الشريحة التي تتلقى الدعم، واستطلاع فحص مواقف الجمهور عموماً تجاه الوضع الاقتصادي والموقف من معالجة الحكومة لقضايا الفقر، وأخيراً استطلاع بين مدراء مئة جمعية خيرية تقدّم الغذاء للفقراء.
وكان معهد «إي آر آي» قد أجرى دراسة لمصلحة جمعية «لتيت»، وأظهر أن نسب الفقر في إسرائيل أعلى من تلك التي تعلنها «مؤسسة التأمين الوطني». وأظهر البحث وجود مليونين و546 ألف فقير يشكلون 31.6 في المئة من السكان من بينهم مليون و613 ألف راشد و932 ألف طفل. ويُذكر أن تقرير «مؤسسة التأمين الوطني» يتحدّث فقط عن مليون و600 ألف فقير فقط في إسرائيل.
ولم يخفِ المدير العام لجمعية «لتيت»، عيران فينتروب، حقيقة استغلال الجمعية للانتخابات لإثارة الاهتمام بقضية الفقر. وأعلن أن المعركة الانتخابية القريبة تشكل فرصة، ربما الأخيرة، لحسم ما إذا كانت إسرائيل ستنشغل قريباً بشراء المزيد من الدبابات أم إنقاذ الأطفال من حياة الفقر.
وأضاف فينتروب أنه «من أجل تغيير الوضع ينبغي تقرير ما هو الأهم: الأمن العسكري أم الأمن الاجتماعي - الاقتصادي. إن انعدام حسن الحكم والاستقرار السياسي، قادنا إلى وضع، بعد حوالي ثماني سنوات من النضال العام وبعد استبدال أربع حكومات وبرغم الوعود وتعهدات ثلاثة وزراء رفاهية، لم يصل حتى اليوم أي شيكل من ميزانية الدولة لمصلحة المشروع القومي للأمن الغذائي».
وكان أول من استغل نشر التقرير «حزب العمل» الذي يحاول العودة إلى الساحة السياسية بوصفه البديل المعقول لليمين و «الليكود» بعد تشكيله ائتلافاً مع «حركة» تسيبي ليفني لخوض الانتخابات.
وقال حزب العمل إنه «فيما كان نتنياهو مشغولاً بتخويف الجمهور من التهديدات الخارجية، ربى وأنشأ بيديه خطراً استراتيجياً داخلياً على هيئة 2.5 مليون شخص فقير. فواقع أن واحداً من كل ثلاثة أطفال يعيش في فقر يشكل شهادة رسوب مدوٍّ للسياسة الاقتصادية لنتنياهو، الذي وعد بأن يتسرب الغنى إلى الطبقات الأدنى».
وحملت حركة «ميرتس» على نتنياهو وحكومته، قائلة في بيان لها إن «حكومة نتنياهو أخفقت وفق كل المعايير، وبينها معالجة الشرائح الضعيفة وغلاء المعيشة، وتدهورت عشرات ألوف العائلات إلى ما دون خط الفقر. ومع ذلك، يستحيل تجاهل وجود الفيل في الغرفة. تقرير الفقر هو نتيجة لدولة اضطرت إلى صيانة خمسين عاماً من الاحتلال، وإدارة مشروع استيطان هائل وسيطرة أمنية على شعب آخر».
من جهته، قال عضو الكنيست ايتسيك شمولي إن «في تقرير الفقر ظننا أن الوضع فقط سيئ، والآن يتبين أن الوضع كارثي. فواحد من كل ثلاثة فقير، لكن رئيس الحكومة يواصل لعق الجيلاتي بالفستق كل مساء».
أما عضو الكنيست غيلا غمليئيل من «الليكود» فقالت إن «الوضع لا يقبله العقل. وعلى الحكومة الإسرائيلية المقبلة تفعيل خطة طوارئ قومية لوأد الفقر». كذلك علقت عضو الكنيست، من «الليكود» أيضاً، ميري ريغف وقالت إن «التقرير قاس جداً، يوضح مرة أخرى الحاجة إلى إلغاء ضريبة القيمة المضافة على المواد الأساسية وكذلك إلغاء احتكارات المياه».
وتجدر الإشارة إلى أن جانباً من الأزمة السياسية التي قادت إلى تقديم موعد الانتخابات، ارتكزت إلى الخلاف حول نظام الأولويات الواجب اعتماده لإقرار الميزانية العامة. فقسم من الحكومة، بخاصة «الليكود»، أصرّ على تلبية طلبات الجيش وزيادة الميزانية العسكرية، في حين طالبت حركة «هناك مستقبل» بمنح الأولوية للشأن الاجتماعي وحماية الطبقة الوسطى من الوقوع في دائرة الفقر.