افراسيانت - في تواصل لمسلسل التسريبات في البيت الأبيض وإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تكشفت، السبت، تفاصيل المواجهة بين الرئيس الأميركي وكبار قادة الجيش الأميركي أثناء الاجتماع الحاسم في غرفة تقدير الموقف بالبيت الأبيض حول مسألة سحب أو بقاء القوات الأميركية في سوريا، وانتهى الموقف المتوتر بخضوع ترمب لرأي قيادة الجيش واستمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا.
ويزيد من خطورة التسريب أن غرفة تقدير الموقف هي أكثر بقاع البيت الأبيض سرية ورقابة، وهو ما يعني أن السرية نزعت بالكامل عن إدارة ترمب.
وبحسب 5 مسؤولين تحدثوا إلى وكالة أسوشيتد برس، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، فإن الصدام الأكبر في هذا الاجتماع، الذي انعقد الثلاثاء الماضي، كان بين ترمب، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي أعلن خلال الاجتماع السري أن موقف الرئيس الأميركي الداعي للانسحاب من سوريا لن يكون فعالا على الأرض.
وعقد ترمب قمة في غرفة تقييم الموقف في البيت الأبيض هذا الأسبوع حول كيفية الخروج من سوريا، وبدأ الرئيس الأميركي الاجتماع بكلمة اعتبر فيها أن التدخل العسكري الأميركي لم يحقق شيئا مقابل حصد أرواح أميركيين وإهدار الأموال. وقيل إن ترمب ردد كلمة "لا شيء" عدة مرات في هذا السياق.
وندد ترمب في كلمته بالإدارات الأميركية السابقة واتهمها بإهدار "7 تريليون دولار في المنطقة على مدى السنوات الـ 17 الماضية".
وحضر الاجتماع وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو.
ووفقا للتسريبات، فإن كلمة ترمب ولهجته "أثارت الدهشة والقلق" بين صفوف كبار المسؤولين الأميركيين.
وذكرت المصادر أن رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال البحري جوزيف دانفورد، لم يحتمل كلمة ترمب، وسارع إلى إعلان موقفه علنا بحسم. وقال الجنرال تحديدا للرئيس إن معالجته للموقف في سوريا لن تسفر عن نتائج، واستخدم تحديدا تعبير not productive، أي غير منتج أو فعال. وطالب الرئيس بإصدار تعليمات محددة حول ما يريده في سوريا.
وعلى الفور، وتحت وطأة الانتقادات، زاد ترمب من حدة لهجته مطالبا بسحب فوري للقوات الأميركية من سوريا، بل وإيقاف أي برامج للمساعدات خاصة البنية التحتية التي دمرتها الحرب في سوريا.
وواجهت رغبة ترمب في الانسحاب السريع من سوريا معارضة جماعية من هيئة الأركان المشتركة، ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية، ووكالات المخابرات، والتي جادلت جميعها بأن إبقاء 2000 جندي أميركي حاليا في سوريا أمر أساسي لضمان عدم قيام تنظيم داعش بإعادة تنظيم صفوفه.
وأفادت المصادر أن كبار قادة الجيش الأميركي عرضوا مذكرات على الرئيس تناقش أمرين: البقاء أو الانسحاب من سوريا. وفي حين عرضوا عدة بدائل للبقاء، تعاملوا مع الانسحاب على أنه خطوة واحدة، وحذروا من الفراغ الاستراتيجي الذي يمكن أن يخلفه، والذي سيكون في صالح روسيا وإيران. في نهاية المطاف، اختار ترمب بقاء القوات في سوريا.
ووفقا لسيناريو الاجتماع المتوتر، لم يتراجع ترمب عن موقفه إلا بعد حديث وزير الدفاع ماتيس الذي أعلن أن الانسحاب الفوري من سوريا قد يكون كارثيا، ومن المستحيل لوجستيا أن يحدث دون المخاطرة بعودة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في المناطق المحررة حديثا. وطرح وزير الدفاع إمكانية لانسحاب تدريجي على مدى عام.
وفي نهاية الاجتماع، وقبل أن يغادر ترمب الغرفة، أبلغ القادة شفاهة أن أمامهم من 5 إلى 6 أشهر لاستكمال مهمة تدمير داعش.
وأوضح لهم أنه لن يقبل أن يحل أكتوبر/تشرين الأول القادم دون اكتمال المهمة والمطالبة بتمديد بقاء القوات الأميركية في سوريا.