افراسيانت - حذّرت منظمة العفو الدولية اليوم، من أن المدنيين في مدينة الرقة السورية عالقون في حالة من "التيه القاتل" تحت وابل نيران المعركة بين قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي وتنظيم الدولة الاسلامية.
وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة المستشارين لمواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية، في بيان: "مع اشتداد المعركة للاستيلاء على الرقة من الدولة الإسلامية، يحاصَر آلاف المدنيين وسط حالة من التيه القاتل، حيث تنهال عليهم القذائف من جميع الجهات".
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، منذ السادس من حزيران الماضي معارك في مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية الأبرز في سوريا. وباتت تسيطر على نحو 60 في المئة منها.
ودفعت المعارك داخل مدينة الرقة عشرات آلاف المدنيين الى الفرار. وتقدر الأمم المتحدة ان نحو 25 الفا لا يزالون محاصرين داخل المدينة.
وأضافت روفيرا: "يتعين على قوات سوريا الديموقراطية وقوات الولايات المتحدة، التي تعرف أن تنظيم الدولة يستخدم المدنيين كدروع بشرية، مضاعفة جهودها لحماية المدنيين"، مشددة على ضرورة "تجنب الهجمات غير المتناسبة والقصف العشوائي، وفتح طرق آمنة لهم للابتعاد عن نيران القصف".
وترتفع حصيلة القتلى المدنيين في المدينة مع اشتداد القتال فيها. وقد وثق المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 167 مدنيا، بينهم نحو 60 طفلا، منذ الرابع عشر من آب الجاري، في غارات التحالف الدولي على احياء لا تزال تحت سيطرة الجهاديين.
وينفي التحالف الدولي تعمده استهداف مدنيين، ويؤكد اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفادي ذلك. لكنه أقر الثلاثاء بتصعيد قصفه الجوي على مدينة الرقة منذ استعادت القوات العراقية السيطرة على مدينة الموصل في العاشر من تموز المنصرم، إذ باتت بذلك الرقة هي "الأولوية".
وفي تقريره الشهري الأخير في آب الحالي، قدر التحالف أن "624 مدنيا على الأقل قُتلوا بشكل غير متعمد في ضربات التحالف" منذ بدء عملياته العسكرية في سوريا والعراق في صيف العام 2014.
لكن منظمات حقوقية تقدر أن العدد اكبر بكثير.
وانتقدت منظمة العفو الدولية أساليب التحقيق التي يعتمدها التحالف الدولي حول سقوط الضحايا المدنيين، مشيرة الى ان تحقيقاته لا تتضمن زيارات ميدانية او مقابلات مع شهود.
وأوضحت ان "الاعتماد على منهجية محدودة تؤدي بالتحالف الى اعتبار تقارير كثيرة فاقدة للمصداقية او غير حاسمة"، ما يدفعه إلى القول أن المدنيين لا يمثلون "سوى 0,31 في المئة" من قتلى غاراته.
وبالإضافة الى الغارات الجوية، يواجه المدنيون العالقون في الرقة خطر القذائف المدفعية التي تتساقط على الاحياء المكتظة بالسكان التي لا تزال تحت سيطرة الجهاديين.
ووثقت منظمة العفو الدولية مقتل 12 شخصا على الأقل بينهم طفلو نتيجة عشرات القذائف التي استهدفت منطقة سكنية في حي الدرعية في غرب المدينة.
ونقلت عن شاهد قوله: "كانت القذائف تنهال على البيوت، واحداً تلو الآخر. كان الوضع لا يوصف، بدا كأنه نهاية العالم".
ودعت منظمة العفو الدولية الى وضع آلية تحقيق مستقلة وحيادية للتدقيق في التقارير حول القتلى المدنيين.
ويحاول المدنيون يوميا الفرار من الرقة، لكنهم يواجهون مخاطر عدة ناتجة من نيران الاشتباكات والقصف اضافة الى قناصة تنظيم الدولة الاسلامية، والألغام التي زرعها الجهاديون في الشوارع.
ويعمد تنظيم الدولة الاسلامية الى استخدام المدنيين "دروعاً بشرية" ويمنعهم من الهرب.
ونقلت منظمة العفو الدولية عن محمود، احد سكان منطقة الدرعية الذين تمكنوا من الفرار: "كان الوضع رهيباً. لم يسمح لنا داعش بالمغادرة. ولم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، وكان القناصون يحاصروننا".
وخلصت دوناتيلا روفيرا: "يواجه المحاصرون في الرقة وحشية مروعة على أيدي تنظيم الدولة، وليس ثمة شك في ذلك"، مضيفة: "لكن الانتهاكات التي يقترفها تنظيم الدولة لا تقلل من الالتزامات القانونية الدولية لأطراف القتال الأخرى في أن تحمي المدنيين".