جريمة الرمادي ترفع منسوب الغضب المشتعل منذ مجزرة بروانة، وتجاوزات الحشد الشعبي تخدم الدعاية المضادة لداعش.
الرمادي / العراق - افراسيانت - جرائم الميليشيات في المناطق العراقية التي تستعيدها من يد تنظيم داعش تضفي المزيد من المشروعية على مطالبة عشائر الأنبار بتولّيها مسؤولية تحرير مناطقها بيدها، تجنّبا للأزمات التي يمكن أن تؤثر على مسار الحرب ذاتها وتقلّل فرص الانتصارعلى التنظيم المتشدّد.
فقد طالب شيوخ عشائر في محافظة الأنبار بغرب العراق أمس، رسميا من رئيس الوزراء حيدر العبادي ومن الحكومة المركزية والحكومة المحلية بإخراج قوات الحشد الشعبي المؤلّفة أساسا من ميليشيات شيعية من مناطقهم، مؤكدين رفضهم لتواجد هذه القوّات في المحافظة منعا لحدوث أزمات بفعل ما دأبت الميليشيات على ارتكابه من جرائم بحق سكان المناطق التي تدخلها، بعد أن تستعيدها من يد تنظيم داعش.
ولاحت إمكانية نشوب أزمة في الأنبار بفعل تلك الجرائم مؤخرا مع حادثة مقتل مدنييْن في الرمادي على يد تلك الميليشيات، رافعة منسوب الغضب من قوات الحشد الشعبي والذي لم يهدأ أصلا منذ المجزرة التي ارتكبتها الميليشيات قبل أسابيع قليلة، في قرية بروانة من محافظة ديالى بشرق العراق.
ويشكّل ما يمكن أن ينجم عن انخراط قوات الحشد الشعبي في الحرب على تنظيم داعش في المناطق السنية بغرب البلاد، أحد الأسباب الرئيسية وراء تصاعد مطالبة عشائر الأنبار بتوليها بنفسها مسؤولية تحرير مناطقها، وتمكينها من الوسائل الضرورية لذلك من دعم بالسلاح والمال، وهي مطالبات تصطدم بعراقيل تطرحها دوائر نافذة في حكومة العبادي وحريصة على جعل الميليشيات صاحبة القول الفصل في الحرب.
ويحذّر ساسة عراقيون من أن تعاظم دور الميليشيات في الحرب على داعش يمكن أن يؤثر على مسار الحرب لاحقا ويقلل فرص النصر فيها، حيث يحدّ من حماس سكان بعض المناطق لها، والذين لا يجدون فرقا بين ممارسات داعش وممارسات الميليشيات.
كما يحذرّون من أن التنظيم يستخدم جرائم الحشد الشعبي في دعاية مضادة، محاولا إيجاد حاضنة له بين العشائر الفزعة من مداهمة الميليشيات لمناطقها.
وقال شيخ عشيرة البوجابر في الأنبار زيدان الجابري “إنّ عشيرته وعشائر المحافظة تطالب رسميا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بإخراج قوات الحشد الشعبي من الأنبار”.
وأضاف الجابري أن “عشيرة البوجابر فقدت إثنين من أبنائها على يد الحشد الشعبي، وهذه الجريمة يراد بها خلق فتنة طائفية بين عشائر الأنبار وهذه القوات”، لافتا الى أن “بقاء هذه الميليشيات في الأنبار سوف يتسبب بأزمة وحدوث مشاكل كثيرة ونحن نخشى ذلك”.
ومن جانب آخر قال نعيم الكعود، شيخ عشيرة البونمر، “إن محافظة الأنبار بها أكثر من 30 ألف مقاتل من جميع العشائر وجميعهم مستعدون لحمل السلاح والقتال إلى جانب القوات الأمنية، ولسنا بحاجة الى تواجد قوات الحشد الشعبي”.
وعلى صعيد متصل، أعلن محافظ الأنبار صهيب الراوي أمس، اعتقال أحد عناصر الحشد الشعبي منفذ جريمة قتل إثنين من المدنيين في مدينة الرمادي، لافتا إلى أن المجرم اعترف بجميع أفعاله، ومطالبا أهالي القتيلين بتقديم شكوى قضائية ضده.
وقال الراوي لوكالة الأناضول إن “قوة من قيادة عمليات الأنبار ألقت القبض على أحد عناصر الحشد الشعبي ويدعى جبار نايف محمد الذي قام الجمعة، بقتل إثنين من أبناء عشائر الرمادي”.
وأضاف الراوي “أن المحتجز اعترف بجريمة قتل إثنين من أبناء الرمادي، بعد أن اعتقلهما في إحدى نقاط التفتيش التابعة للحشد الشعبي شرق الرمادي واقتادهم إلى وحدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد مقرا لها شمالي الرمادي”.
ويسيطر تنظيم داعش على أجزاء من محيط مدينة الرمادي وعلى بعض المناطق الشرقية من محافظة الأنبار؛ قضاء الفلوجة والكرمة، منذ بداية العام الماضي، وازدادت سيطرة التنظيم على الأقضية الغربية من المحافظة؛ عانة، وراوة، والقائم، والرطبة، وهيت، بعد إعلان ما يسمى دولة الخلافة في مدينة الموصل، فيما تخوض قوات من الجيش العراقي ومقاتلون من العشائر الموالية للحكومة معارك ضارية ضد التنظيم في أغلب مناطق محافظة الأنبار، ذات الأغلبية السنية لاستعادة السيطرة على تلك المناطق.
وتبدي عشائر محافظة الأنبار إصرارا على تولي تحرير مناطقها بيدها، إلاّ أنها تشكو الحيف بشأن تلقي الدعم الحكومي قياسا ما تتلقاه ميليشيات الحشد الشعبي من دعم يصل حدّ تسخير مقدرات الدولة لها، بما يجعلها بمثابة جيش رديف يفوق الجيش النظامي قوّة في بعض الجوانب.
وتعمل العشائر بما أتيح لها من وسائل على مقاومة تنظيم داعش. وقال مال الله العبيدي رئيس مجلس بلدة البغدادي في الأنبار أمس، “إن مقاتلي العشائر وبمساندة طيران التحالف الدولي تمكنوا من استعادة 35 كلم من منطقة وادي حوران بعد قتل 20 من عناصر داعش واعتقال 12 آخرين منهم”.
وفي حديث للأناضول أوضح العبيدي أنّ “مقاتلي أبناء العشائر من عشيرة العبيد وعشيرة البومحل والبونمر وبمساندة طيران التحالف الدولي بدأوا صباح الأحد، عملية نوعية على وادي حوران الذي يعد من أبرز معاقل تنظيم داعش في صحراء الأنبار غرب ناحية البغدادي”. وأضاف العبيدي أن “مقاتلي العشائر استطاعوا تحرير منطقة من وادي حوران الواقعة بين ناحية البغدادي وقضاء حديثة بعد الاشتباك مع عناصر التنظيم، وقصف طيران التحالف أهدافا متعددة للتنظيم أسفرت عن مقتل عشرين عنصرا كما تم القبض على إثني عشر آخرين بعد أن أصيبوا بجروح وتدمير مركبتين لهم، فيما أصيب خمسة من مقاتلي العشائر بجروح.
ومن جانب آخر قال قاسم المحمدي، قائد قوات الجيش في الأنبار “إنّ القوات الأمنية قصفت بصواريخ راجمة مزرعة يستخدمها عناصر تنظيم داعش مقرا لهم في منطقة الحي العصري شمال مدينة الرمادي، ما أسفر عن تدمير المقر بالكامل وإلحاق أضرار بشرية ومادية بالتنظيم”.