خام برنت ينحدر تحت حاجز 50 دولارا للبرميل في وقت تصرّ فيه منظمة أوبك على عدم خفض الإنتاج مهما كان الثمن.
لندن - افراسيانت - يقول محللون إن سرعة انهيار أسعار النفط ستعجل من معركة كسر العظم بين منتجي النفط التقليدي بقيادة منظمة أوبك وبين منتجي النفط الصخري. ورجحوا أن تبدأ آثار تراجح الأسعار على مستقبل نشاط منتجي النفط الصخري خلال وقت قريب.
ةفاجأت أسعار النفط العالمية جميع المراقبين بسرعة تراجعها في الأيام الماضية، رغم أن تكاليف إنتاج جانب كبير من الإمدادات العالمية يزيد على مستويات الأسعار الحالية.
وانحدر سعر خام برنت منذ بداية الأسبوع الماضي بأكثر من 10 بالمئة ليكسر حاجز 50 دولارا للبرميل لأول مرة منذ أبريل 2009. وبلغت خسائره منذ منتصف يونيو الماضي نحو 57 بالمئة، متأثرا بفائض الإنتاج وتراجع الطلب.
وبلغ سعر برميل نفط برنت تسليم فبراير نحو 49.66 دولارا في سوق لندن في منتصف التعاملات الأوروبية، لكنه عاد في وقت لاحق فوق حاجز 50 دولارا للبرميل، في وقت اقترب فيه الخام الأميركي الخفيف من حاجز 46 دولارا للبرميل.
ويقول محللون إن صناعة النفط العالمية اقتربت بسرعة غير متوقعة من نقطة حرجة، تهدد الجدوى الاقتصادية لجانب كبير من الامدادات العالمية من الحقول مرتفعة التكلفة وأنشطة استخراج النفط الصخري.
ويرى البعض أن الانحدار الحالي في الأسعار قد يكون في مصلحة كبار منتجي أوبك لأنها تقصر عمر المعركة التي أعلنوها على منتجي النفط الصخري، منذ رفض خفض الإنتاج في اجتماع نوفمبر الماضي.
ومنذ ذلك الحين، لم تتورع السعودية، التي تقود موقف كبار منتجي أوبك، عن التصريح بأنها في مواجهة مباشرة من منتجي النفط الصخري، المرتفع التكلفة والذي تعارضة المنظمات البيئية بسبب أضراره الواسعة على التوازن البيئي.
وتساءل وزير النفط السعودي علي النعيمي إن كان “من المنطقي أن يخفض المنتج بكفاءة عالية إنتاجه بينما يستمر المنتج بكفاءة رديئة في الإنتاج؟” في إشارة صريحة إلى النفط الصخري.
وأضاف، “إذا خفضت الإنتاج، ماذا سيحصل بحصتي في السوق؟ السعر سيرتفع وسيستولي الروس والبرازيليون ومنتجو النفط الصخري الأميركي على حصتي”.
ويملك الكثير من منتجي النفط الصخري سياسات ومراكز تحوط تحميها من تراجع الأسعار دون مستوى تكاليف إنتاجها في الأمد القصير، لكنها ستوقف حتما ضخ استثمارات جديدة، لا بد منها لاستمرار الإنتاج.
ويرجح محللون أن يصل منتجو النفط الصخري إلى طريق مسدود بعد انتهاء أجل إجراءات التحوط التي اعتمدوها، وأن ذلك سيؤدي إلى تراجع حاد في إنتاج النفط الصخري، ينعكس في عودة الأسعار للارتفاع.
وكانت شركة شيفرون قد أعلنت، الشهر الماضي، عن تجميد خطة للتنقيب عن النفط في المنطقة الكندية من القطب الشمالي، بينما خفضت ماراثون أويل إنفاقها الرأسمالي للعام المقبل بنحو 20 في المئة.
وقال ميشال هيوسن، المحلل في شركة “سي.أم.سي ماركتس”، إنه “دون أي مؤشر من أوبك في مواجهة فائض الإنتاج، فمن المرجح أن نشهد تدهورا نحو 40 دولارا خلال الأسابيع المقبلة لا سيما أن الطلب لا يرتفع”.
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية، أن “ضعف النمو والطلب في الصين وأوروبا سيبقى العامل الرئيسي مع احتدام المعركة على حصص الأسواق. ولا شك أن هذه الفترة الانتقالية ستشهد المزيد من التقلبات القوية لكن التوجه العام يبدو واضحا ما لم تتدخل أوبك”.
وقال كارستن فريتش، محلل السلع الأولية في كومرتس بنك: “نحتاج لمؤشر على أن السعودية تدرس خفض الإنتاج”.
ويبدو تدخل كبار منتجي أوبك مستبعدا منذ أكد النعيمي، الشهر الماضي، بأن أوبك لن تخفض الإنتاج حتى لو بلغ سعر برميل النفط 20 دولارا للبرميل.
وعمدت السعودية هذا الأسبوع إلى خفض أسعار البيع الرسمية للنفط تسليم فبراير إلى أوروبا والولايات المتحدة التزاما منها باستراتيجيتها القاضية بحماية حصصها في السوق.
وجاء ذلك بعد خفض آخر مطلع يناير الجاري في أسعارها الرسمية للنفط المصدر إلى آسيا والولايات المتحدة، في قرار اعتبر حينها مرحلة جديدة في “حرب الأسعار” الرامية بشكل أساسي إلى التصدي لإنتاج النفط الصخري الأميركي.
وقال فيليب إستريبل من مؤسسة “آر.جيه.أو فيوتشرز في شيكاغو”: “أعتقد أن احتمال أن نشهد سعر 46 إلى 45 دولارا لخام برنت قوي جدا”.
ونقلت صحيفة “ذا ناشيونال” عن وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي أمس قوله: إن وفرة المعروض في أسواق النفط قد تستمر لأشهر وربما سنوات لكن الأسعار ستتعافى إذا تصرف المنتجون خارج أوبك بعقلانية.
وأضاف أن الأسواق “تشهد وفرة واضحة في المعروض في السوق يحتاج امتصاصها لوقت”.
وأضاف المزروعي أن أسعار النفط المنخفضة لن تثير ذعر الإمارات وأن السوق ستستقر في نهاية المطاف قائلا إن الأسعار المنخفضة لن تؤثر على خطط بلاده لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 3.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017.
من جهة أخرى، ارتفعت مؤشرات الأسواق الخليجية أمس بعد عدة أيام من الانخفاض، وذلك بالرغم من استمرار انزلاق أسعار الخام والتوقعات المتشائمة للاقتصاد العالمي.
وارتفعت أسواق السعودية والإمارات والكويت وقطر، فيما تراجعت سوقا مسقط والبحرين الصغيرتين.
وذكر محللون أن الخسائر الفادحة في أسعار الأسهم خلال الأسابيع الماضية جعلتها في مستويات مغرية جدا للمستثمرين. وقال المحلل المالي محمد زيدان، إن عمليات الشراء يقوم بها “مستثمرون كبار” يرون أن قيمة الأسهم باتت منخفضة دون قيمتها الحقيقية.