افراسيانت - طرابلس - حذرت قوات ليبية معارضة لحكومة عبدالله الثني من أن أي محاولة لتصدير النفط ستجبرها على اتخاذ اجراء عسكري للسيطرة على المواني والمنشآت النفطية.
وهناك حكومتان متنافستان في ليبيا تحظى كل منهما بمساندة تحالفات فضفاضة من مقاتلين سابقين شاركوا معا في الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011، وتتقاتل حاليا للسيطرة على الأراضي والنفط في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
وتسيطر القوات الموالية لحكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني على ميناءين نفطيين رئيسيين هما راس لانوف والسدر وقال الثني إنه سيسعى إلى بيع النفط وفتح حساب بنكي في الخارج لايداع عائدات البيع.
وحذر اسماعيل شكري المتحدث باسم القوات المتحالفة مع حكومة طرابلس المنافسة إن أي محاولة من الثني لبيع النفط متجاوزا البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط ستؤدي إلى عمل عسكري.
وتعترض عقبات رئيسية قرار حكومة الثني بيع النفط وتحصيل امواله بشكل مستقل، تتمثل خصوصا في صعوبة الحصول على غطاء دولي لهذه الخطوة، بحسب خبراء يشككون في امكانية تحقق هذا الامر، اقله على المدى القريب.
وتدير قطاع النفط في ليبيا التي تملك اكبر الاحتياطات في افريقيا والمقدرة بنحو 48 مليار برميل، منذ عقود "المؤسسة الوطنية للنفط" في طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة مناهضة للحكومة المعترف بها، منذ الصيف الماضي.
وتتولى هذه المؤسسة الضخمة التي تصر على حياديتها في الصراع الحالي، عمليات الاستكشاف والانتاج وتسويق النفط والغاز داخل وخارج البلاد وابرام العقود مع الشركات الاجنبية والمحلية.
لكن النزاع والسباق على الشرعية دفع حكومة الثني في الشرق الى اعلان فك الارتباط مع المؤسسة الام وتاسيس مؤسسة بديلة خاضعة لسلطتها في مدينة بنغازي على بعد حوالي الف كلم شرق طرابلس.
ويقول محمد الحراري المتحدث الرسمي باسم المؤسسة في العاصمة ان "الامور الفنية والتقنية اضافة الى قاعدة البيانات وشبكة العلاقات موجودة جميعها لدى المؤسسة في طرابلس". ويرى ان هذا الامر "سيصعب المسألة على المؤسسة المنشأة من حكومة الشرق للعمل، على الاقل على المدى القريب".
ومضت حكومة الثني رغم ذلك في سعيها للاستقلال نفطيا، حيث طلبت مؤخرا من مؤسستها النفطية البدء بالتفاوض مع الشركات المتعاقدة مع المؤسسة في العاصمة لنقل تعاقداتها اليها.
وكانت هذه الحكومة حذرت الشركات في مارس من الاستمرار في عقودها الحالية مع طرابلس، الا ان خبراء يشككون في امكانية ان تقدم اية شركة كبرى على هذا الامر خصوصا في الوقت الحالي في ظل استمرار المعارك على الارض والصراع على الشرعية.
ويرى استاذ العلوم الاقتصادية الجامعي سليمان ابراهيم انه من الصعب اقناع الشركات النفطية بجدوى نقل التعاقدات الى شرق البلاد، اذ ان الخبراء والقنوات المعروفة "موجودة في طرابلس، وهي تتعامل مع المؤسسة في فرعها الرئيس في العاصمة منذ عشرات السنين".
وتابع "ليس امام حكومة الثني من خيارات الا ان ترضى بالامر الواقع وتجعل من العقود السابقة مستمرة، وتعرقل اية عقود جديدة"، موضحا ان بيعها للنفط من المناطق التي تسيطر عليها لا يمكن ان يتم "الا عبر قنوات غير مشروعة، او عبر السوق السوداء، او عبر دول اخرى".
ورغم ذلك، قال المبروك بوسيف رئيس مجلس ادارة المؤسسة النفطية في بنغازي ان مؤسسته "شرعت في التفاوض مع الشركات المرتبطة بالتزامات وعقود سارية المفعول".
وطمأن "الشركات والجهات المحلية والاجنبية المرتبطة بعقود واتفاقيات مع المؤسسة الوطنية للنفط باحترام تلك العقود والالتزام بتنفيذها بعد تخطي ومعالجة العقبات والعراقيل".
والى جانب التفاوض مع هذه الشركات، طلبت الحكومة المعترف بها من مؤسستها النفطية فتح حساب مصرفي في دولة الامارات لتحصيل الاموال النفطية بنفسها في حال انتقلت العقود اليها.
وفي الوقت الحالي يحصل المصرف الخارجي الليبي الاموال النفطية من فروعه في الدول التي تضم شركات متعاقدة مع الدولة الليبية، قبل ان يحولها الى المصرف المركزي ومقره طرابلس.
ويكتفي المصرف المركزي منذ بدء النزاع بين طرفي الازمة في يوليو الماضي بدفع رواتب الموظفين فقط، ولا يقدم اموالا لاي من الحكومتين، بحسب ما يؤكد مسؤولون من الطرفين.
ويرى ابراهيم ان خطوة فتح حساب مصرفي مستقل "تعزز الانقسام، وهو ما لا يريده المجتمع الدولي". ويتابع "على الارجح انه (المجتمع الدولي) سيرفض حساب الامارات، وسيستمر في التعامل مع مؤسسة طرابلس ويبقي المصرف المركزي على الحياد، حتى ينجح الحوار الذي تقوده الامم المتحدة".
وتضم منطقة الهلال النفطي الواقعة بين بنغازي وطرابلس والتي شهدت منذ ديسمبر مواجهات ادت الى تعليق العمل فيها، المخزون الاكبر من النفط اضافة الى مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة، وهي مرافئ التصدير الاكبر في ليبيا.
وتسيطر حكومة الثني على منطقة الهلال النفطي، لكن غالبية الحقول التي تضخ نفطها اليها تقع في مناطق غربية تسيطر عليها حكومة طرابلس، فيما لا تزال ايضا تدير عملية الانتاج والتصدير في هذه المنطقة المؤسسة النفطية الام في العاصمة.
وفي مؤشر على الصراع المحتدم بين الحكومتين لتاكيد شرعية كل منهما، اعلن الجانبان انهما يدرسان الوضع في منطقة الهلال النفطي قبل اعلانها منطقة امنة واستئناف العمل فيها.