"لفيتان" يتعثّر والاستثمار يتحول إلى قبرص .. "نوبل إنرجي" تجمّد نشاطها في إسرائيل
افراسيانت - حلمي موسى - قاد تراجع أسعار النفط عالمياً إلى تراجع العديد من الشركات عن الاستثمار في قطاع الطاقة عموماً، وفي حقول الغاز خصوصاً.
ومعروف أن سعر الغاز يتحدد عالمياً وفق أسعار النفط، ما يعني أن الاستثمار في استخراج الغاز، خصوصاً من الحقول البحرية العميقة صار غير مربح.
وأول نتائج ذلك ظهرت بشكل أولي في إعلان شركة «نوبل إنرجي» الأميركية، وهي الشريك الأكبر في استثمار حقلي «تمار» و «لفيتان» عن تجميد نشاطها في إسرائيل. وبرغم أن الخلاف بين الحكومة الإسرائيلية وأصحاب الامتيازات البحرية حول تقاسم العوائد كان بين الأسباب الرئيسية لإعلان «نوبل إنرجي»، إلا أن ذلك مرتبط أيضا بتراجع سعر الغاز.
وكانت «نوبل إنرجي»، أعلنت الخميس الماضي، «أننا قررنا تأجيل تطوير حقل غاز تمار، وكذلك تقدم مشروع لفيتان، إلى حين العثور على حل لموضوع الغاز في إسرائيل».
وقد جاء إعلان الشركة على خلفية السجال مع الحكومة الإسرائيلية من ناحية وتراجع العائدات في الربع الأخير من العام الماضي. وقد تراجعت أسهم «نوبل إنرجي» في البورصة، إثر هذا الإعلان، بنسبة 6 في المئة. وأعلنت الشركة أنها تنوي حسم 40 في المئة من استثماراتها المقررة للعام 2015، خصوصاً بسبب تراجع أسعار النفط، وإلغاء العديد من المشاريع، بعضها في إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن «نوبل إنرجي» وقّعت عقوداً مع شركات إسرائيلية، أهمها شركة الكهرباء، لبيعها الغاز بسعر 5.6 دولارات للوحدة الحرارية حينما كان سعر النفط مرتفعاً. وحسب الدراسات فإن تكلفة استخراج كل وحدة حرارية من الغاز في البحر تبلغ 0.6 دولار، يضاف إليها على الأقل 1.5 دولار كلفة تطوير وتشغيل يمكن أن تزداد. وتفرض الحكومة الإسرائيلية على كل وحدة حرارية حوالي 2.5 دولار ضرائب، ما يجعل الربح الإجمالي لـ»نوبل إنرجي» و»ديلك» في حدود دولار ونصف الدولار للوحدة الحرارية.
وقد وصل إلى إسرائيل قبل يومين وفد رفيع المستوى من الشركة لمناقشة ما يعرف بالخطة النهائية للحكومة الإسرائيلية الرامية إلى تفكيك الاحتكار الذي أنشأته «نوبل إنرجي» مع شركة «ديلك» الإسرائيلية في مجال الغاز. وفور وصوله اجتمع الوفد، الذي يرأسه نائب المدير العام للشركة كيث أليوت، مع المسؤول عن القيود التجارية ديفيد غيلا ومع رئيس المجلس القومي للاقتصاد يوجين كاندل، والمسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية أمير ليفي.
وأوضح وفد «نوبل إنرجي» أن الشركة ترفض الفصل بين تسويق الغاز من حقل «لفيتان» للسوق المحلي وأصحاب الامتياز. وتقصد الخطة الحكومية إلى منع «نوبل إنرجي» و «ديلك» من تسويق الغاز، وإجبارهما على بيع هذه الحصة لآخرين، من أجل إتاحة المجال لخمس أو ست شركات للتنافس في ما بينها في تسويق الغاز. وقاد قرار الحكومة الإسرائيلية ورفض «نوبل إنرجي» له إلى موجة واسعة من تبادل الاتهامات. ومعروف أن «نوبل إنرجي» هي التي تقود المفاوضات لبيع الغاز من حقلي «تمار» و «لفيتان»، وأيضا من حقل «أفروديت» القبرصي.
وكان أول الضحايا في الصراع القائم هو مساعي تطوير «لفيتان»، إذ أن إعلان «نوبل إنرجي» عن تجميد نشاطاتها يعني جوهريا تأخير الاستثمارات في تطوير الحقل. ولكن ليست هذه ورقة الضغط الوحيدة التي تملكها «نوبل إنرجي» في مواجهة الحكومة الإسرائيلية. فعدا كونها شركة أميركية تستطيع الاستناد إلى قوة ونفوذ أميركا في حال الخلاف مع الحكومة الإسرائيلية، هناك تهديد ضمني بتحويل عقد بيع مصر الغاز من «لفيتان» إلى «أفروديت»، ما يعني تكثيف الاستثمار في الحقل القبرصي لتسريع الإنتاج فيه على حساب الاستثمار في الحقل الإسرائيلي.
وفي كل حال، وعلى خلفية مشاكل «نوبل إنرجي» و»ديلك» مع الحكومة الإسرائيلية، وقّعت مصر وقبرص مؤخراً مذكرة تفاهم لتسهيل التعاون بين الدولتين في تطوير واستغلال حقل «أفروديت» القبرصي، عبر الاستفادة من منشآت تسييل الغاز المصرية. واتفقت الدولتان على إبرام اتفاق رسمي ونهائي حول هذا الموضوع خلال الشهور الستة المقبلة.
ويعتقد خبراء في مجال الطاقة أن حقل «أفروديت» قد يحل مكان حقل «لفيتان» الإسرائيلي. وكانت شركة الغاز القبرصية العامة نفسها قد أوقفت الاتصالات بشأن شراء الغاز من «لفيتان بسبب انعدام اليقين بشأن تطوير الحقل».
وفي الوقت نفسه، أعلن ممثلون عن «نوبل إنرجي» و «ديلك»، وهما الشريكين الأساسيين في «أفروديت»، الذي يحوي 100 مليار متر مكعب من الغاز، أنهم وصلوا إلى القاهرة لمناقشة أمر إبرام اتفاقيات لتصدير الغاز من الحقل إلى مصر. وتملك «نوبل إنرجي» 70 في المئة من «أفروديت»، فيما تملك «ديلك» 30 في المئة منه. وبالمقابل تملك «نوبل إنرجي» 40 في المئة من امتياز «لفيتان» الذي يحوي 621 مليار متر مكعب من الغاز، فيما تملك «ديلك» و «أفنير» 23 في المئة منه.
وكانت «نوبل إنرجي» و «ديلك» تخططان لتطوير كل من «لفيتان» و «أفروديت» بشكل متزامن، على أن يبدأ الإنتاج من حقل «لفيتان» أولاً في حدود العام 2018، لكن يبدو أن التطورات الأخيرة تدفع «أفروديت» إلى الواجهة وتؤخر تطوير «لفيتان» و «تمار» على حد سواء، إلا إذا عادت الحكومة الإسرائيلية وأقرّت طريقاً مختلفاً في التعامل مع الشركتين.