افراسيانت - حبيب فوعاني - مضى أكثر من عام على كارثة طائرة "البوينغ-777" التابعة للخطوط الجوية الماليزية أثناء رحلتها رقم 17 من أمستردام إلى كوالالمبور.
وقد سقطت الطائرة يوم الـ17 يوليو/تموزمن العام الماضي بالقرب من مدينة شاختارسك في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا، ولقي جميع ركابها، وعددهم 298 راكبا، معظمهم من الهولنديين، مصرعهم، كما كان بين الضحايا اللبنانيان ألبير وماري رزق، اللذان يحملان الجنسية الأسترالية.
وفي اليوم التالي لوقوع الحادث، أسرع الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتأكيد بأن صاروخ أرض-جو انطلق من المناطق، التي يسيطر عليها "الانفصاليون"، هو الذي أسقط الطائرة.
وتبعه وزير الخارجية جون كيري، الذي قال إن هناك أدلة دامغة على تورط روسيا في الحادث، مضيفا أن الولايات المتحدة رصدت إمدادات عسكرية نقلتها روسيا إلى (شرق) أوكرانيا في الشهر الماضي (على وقوع الكارثة)، من بينها قافلة من حاملات الجنود المدرعة والدبابات وقاذفات الصواريخ ومنظومة صواريخ أرض-جو "بوك".
بيد أن نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف طالب في حينه الولايات المتحدة بإثبات مزاعمها بأن الطائرة الماليزية التي سقطت استُهدفت بصاروخ أطلقه المطالبون بالفدرلة في شرق أوكرانيا.
وأضاف المسؤول العسكري الروسي أن الأمريكيين قالوا إن لديهم معطيات فنية وصور أقمار صناعية تُظهر أن الصاروخ أُطلق من منطقة يسيطر عليها "الانفصاليون"، وقال "السؤال هو: أين هذه المعطيات؟". وبالطبع بقي هذا السؤال من دون جواب.
ولم يقتصر الأمر على الاتهامات الغربية والأوكرانية لسلطات دونيتسك وروسيا، ففي سابقة هي الأولى من نوعها، صوت مجلس الأمن الدولي في 29 تموز/يوليو الماضي على مشروع قرار لإنشاء محكمة دولية لمحاكمة المشتبه في إسقاطهم الطائرة. واضطرت روسيا إلى استخدام حق النقض ضد هذا القرار، وقدمت مشروع قرار مضاد يطالب بالعدالة لضحايا الطائرة وليس بتشكيل محكمة. وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين: "إن ما يقوم به مجلس الأمن ليس أمرا سليما لأن القضية لا تمثل تهديدا للسلام والأمن الدوليين".
يجب القول إن مجلس الأمن كان قد اكتفى في حالة مماثلة عام 1988 بالإعراب عن أسفه "العميق"، عندما أسقطت الفرقاطة الأمريكية "فينسنس" بصاروخين في الخليج العربي طائرة ركاب إيرانية، كان على متنها 290 راكبا من بينهم 66 طفلا.
وبالعودة إلى حيثيات الحادث، من اللافت أن واضعي التقرير الهولندي، الذي نشر اليوم، يلومون سلطات أوكرانيا لأنها لم تغلق أجواءها في شرق البلاد عن الرحلات المدنية، حيث كان من الممكن استخدام أسلحة بمقدورها إصابة طائرات مدنية في منطقة القتال.
ولذلك تفسير واضح.. فحكام كييف الجدد من حيتان المال والفاشيين ليس لهم خبرة بإدارة البلاد، وجلهم ليسوا من الأوكرانيين بل من اليهود الطارئين على السلطة، ويقدمون على خطوات جنونية لا تهمهم نتائجها.
وقد انتبه الخبراء حين وقوع الكارثة إلى أن طائرة الرئيس الروسي، المشابهة تماما بألوانها للطائرة الماليزية المشؤومة، كانت تحلق في نفس الاتجاه قبل الحادث بنصف ساعة، ولأمر ما لم تدخل الأجواء الأوكرانية، كما كانت تفعل عادة، وانعطفت نحو بيلاروس واختارت عبور أجوائها، متجهة نحو موسكو.
ومن المثير أن الصحافي أناطولي أنيسيموف توقع في "الصحيفة البرلمانية" الروسية أن "تقوم إدارة أمريكية دورية بنزع صفة السرية عن الوثائق السياسية العتيقة، وتعترف بعد خمسين عاما بأن الجانب الأوكراني أسقط بالطبع الطائرة الماليزية بالخطأ، وهو يستهدف طائرة رئاسية لبلد متاخم".