افراسيانت - حلمي موسى - في اللحظة الأخيرة تقريباً قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الوصول إلى المهرجان الانتخابي الكبير لليمين في تل أبيب وإلقاء كلمة فيه.
وفي محاولة لتغيير وجهة الانتخابات، اقترح زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت تشكيل قائمة برلمانية واحدة من حزبه و «الليكود» لتشكيل القائمة الأكبر التي تدفع الرئيس رؤوفين ريفلين لتكليف رئيسها بتشكيل الحكومة المقبلة. وفي هذه الأثناء تشير الاستطلاعات إلى استمرار الفارق بين «الليكود» و«المعسكر الصهيوني» وإلى محاولة رئيس الكتلة الأخيرة تشجيع القائمة العربية المشتركة لتأييد تكليفه.
وخلافاً لتعامل الحملة الانتخابية لـ«الليكود» طوال الأسابيع الأخيرة، قرر نتنياهو إلقاء خطاب أمام مهرجان اليمين الانتخابي الذي عقد في تل أبيب أمس الأول، رداً على مهرجان اليسار الأسبوع الماضي.
ولم يكن قرار نتنياهو سهلاً، خصوصاً أنه كان قد برر عدم مشاركته في أحداث انتخابية عامة بأسباب أمنية. ويأتي خطاب نتنياهو، إلى جانب خطاب لبينت. وأشارت أوساط مقربة من نتنياهو إلى أن جانباً من تردده في المشاركة في المهرجان يعود إلى تقدير بأن المهرجان قد يكون مناسبة لانطلاق عربدة تطرف يميني لم يسبق لها مثيل، وهو لا يريد أن يسجل التطرف من هذا النوع على حسابه.
وأبدت جهات انتخابية في «الليكود» رضاها عن قرار نتنياهو المشاركة في المهرجان، وهي تعتقد أن خطابه سيجلب المزيد من الأصوات إلى «الليكود» وسيبعد «البيت اليهودي» عن أن يكون الصوت الأقوى في المعسكر اليميني. ومعروف أن المهرجان تم تنظيمه على أيدي الجهات الأشد تطرفاً في صفوف المستوطنين، وخصوصا دانيالا فايس من حركة «نحلاه» الاستيطانية. وتعتبر هذه الحركة من أبرز الداعين إلى فكرة «أرض إسرائيل الكاملة».
ووقفت جهات استيطانية خلف الدعوة لإقامة المهرجان بعدما شارك الأسبوع الماضي عشرات الآلاف في مهرجان اليسار، والذي بدا كأنه تظاهرة ضد حكومة نتنياهو. وقال المنظمون إن المهرجان هو تعبير عن «المعسكر القومي الحقيقي»، لكن المراقبين يؤمنون بأنه تظاهرة استيطانية للوقوف خلف «البيت اليهودي»، و «الليكود» يريد أن ينال حصة منها.
وفي إطار الاستعدادات للمهرجان، حاول نفتالي بينت إظهار أن المنافسة ليست بين «البيت اليهودي» و «الليكود»، بل بين اليمين واليسار، لذلك فإنه دعا إلى تشكيل قائمة «فنية» يتوحد فيها «الليكود» و «البيت اليهودي» بعد الانتخابات وتدفع الرئيس الإسرائيلي لتكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة. لكن هذه الدعوة استقبلت من جانب «الليكوديين» ونتنياهو على أنها خدعة يقصد منها تشجيع اليمينيين لانتخاب «البيت اليهودي»، ما دامت الأصوات في النهاية ستضمن انتخاب نتنياهو رئيسا للحكومة. وقال بيان لـ «الليكود» إن مفهوم «القائمة الفنية» غير موجود في أسلوب الانتخابات الإسرائيلية، ولن يؤثر البتة على هوية من سيشكل الحكومة. فقط ردم الهوة بين «الليكود» و «المعسكر الصهيوني» هو ما سيحول دون تشكيل اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني الحكومة المقبلة. وأضاف أن «التصويت فقط لليكود يضمن إقامة حكومة قومية برئاسة نتنياهو مع شركائنا الطبيعيين، وعلى رأسهم البيت اليهودي».
وكان السجال قد احتدم في إسرائيل بشأن التكليف المحتمل من جانب الرئيس الإسرائيلي لتشكيل الحكومة المقبلة. وقالت جهات صحافية إن ريفلين، المتخاصم مع نتنياهو، قد يكلف زعيم الحزب الأكبر بتشكيل الحكومة، وليس زعيم المعسكر الأكبر. وكان هذا السجال قد ثار في أعقاب نجاح «المعسكر الصهيوني» في خلق فارق من أربعة مقاعد مع «الليكود» واحتمال أن يكلف الرئيس هرتسوغ بتشكيل الحكومة.
وعموما تبدو المعركة الانتخابية قبل يوم من موعد الانتخابات متضاربة الاتجاهات. فالحملات بين القوى اليمينية بعضها ضد بعض متواصلة، رغم محاولات التهدئة الأخيرة. ويحاول عدد من قادة اليمين، رغم حقدهم على نتنياهو، الإيحاء أن تحالفهم المقبل هو فقط مع «الليكود». وهذا كان موقف أفيغدور ليبرمان الذي حاول «الليكود» اعتباره العدوّ الرقم واحداً. ومع ذلك يحاول قادة اليمين في اليوم الأخير تصويب السهام ضد «المعسكر الصهيوني».
وأعلن رئيس الحكومة أن هرتسوغ وليفني سيستسلمان أمام أي إملاء أجنبي. ومعروف أن نتنياهو رفض إجراء مناظرة مع هرتسوغ في التلفزيون الإسرائيلي. وقال إنه «فقط قبل بضعة أشهر بنينا في الأحياء اليهودية في القدس، وهو وتسيبي ليفني انتقدا بناءنا. إذا لم يكن لليهود الحق في البناء في القدس، فأين لهم الحق؟ هذه هي سياستهما، الاستسلام لكل إملاء».
لكن هرتسوغ رد على نتنياهو قائلاً إن «الأسرة الدولية تعرف أنك ضعيف ولا تقبل موقفك. وشخّص الفلسطينيون ضعفك ولهذا فإنهم يتوجهون إلى الخطوة الدولية».
عموما يعتقد كثيرون أن رائحة تغيير تحوم في الأجواء، لكن هذا التغيير يتلخص في خسارة اليمين الحكم من دون أن يعني أن الوسط أو اليسار سيكون قادراً على ترسيخ حكم. الكل يعرف حالياً أن «الليكود» ضعيف، ولكن لا أحد يجزم بماهية القوة التي ستقود إسرائيل في الفترة المقبلة. كثيرون يتوقعون مرحلة شلل ناجمة في الأصل عن تشكيل حكومة وحدة وطنية على الغالب.