اوكرانيا وتصدير الازمات الى الخارج

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - استضافت العاصمة الأوكرانية كييف خلال الذكرى الثلاثين لاستقلالها في 23 أغسطس/آب الماضي ، فعاليات اتخذت شكل "قمة"، أطلقت عليها اسم "منصة القرم"، وحضرها مسؤولون رفيعو المستوى من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى رؤساء كل من بولندا وليتوانيا وإستونيا وسلوفاكيا ولاتفيا.


 وزير النقل الامريكي بيت بوتيجيج سافرإلى أوكرانيا في أغسطس نيابة عن الرئيس جو بايدن. حيث"مثل الولايات المتحدة في قمة منصة القرم التي عقدت في كييف في 23 أغسطس" ، ونقلاً عن النائب الأوكراني مصطفى دجيميليف. وقال دزيميليف "التقيت (الممثل الخاص السابق للولايات المتحدة لمفاوضات أوكرانيا) كورت فولكر ، وقال إنه لعدد من الأسباب لن يأتي بايدن". وإلى جانب ذلك ، فإن لبايدن علاقة محددة مع أوكرانيا بسبب حملة ترامب الانتخابية ، ولهذا السبب ، على الأرجح ، لن يأتي. وأضاف ، بحسب الموقع ، حتى لو أراد ذلك حقًا ، فإن حاشيته سيحاول ثنيه.


لقد أصبحت أوكرانيا موضوعًا للانتخابات الرئاسية لعام 2020 عندما تم الكشف عن مشاركة نجل بايدن ، هانتر بايدن ، في مجلس إدارة شركة الطاقة Burisma ، على الرغم من افتقاره إلى المعرفة أو الخبرة في هذه الصناعة. خلال الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين ، زعم بوتيجيج أن تورط بايدن خلق "مظهر الصراع" من خلال "الضغط من أجل إصلاحات مكافحة الفساد في أوكرانيا بينما كان ابنه عضوًا في مجلس إدارة شركة غاز طبيعي أوكرانية" ، حسبما ذكرت سي إن بي سي.


تحليل هذا الحدث والوقوف عند تفاصيله يثيران الكثير من التساؤلات والشكوك ، وخصوصاً مع وجود كمّ كبير من التناقضات التي تحوم حول هذا اللقاء نفسه.


أبرز هذه التناقضات كان في الشكوك التي أثيرت حول صدق نوايا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حيال المبادرة الدبلوماسية نفسها، خصوصاً أنّ هذه المبادرة "تفوح منها رائحة مصالح الدول الغربية الجيوسياسية بشكل واضح ونافر جداً"، بحسب ما تكشف التحركات الغربية .


ويضاف إلى ذلك، أنّ أوكرانيا ما زالت على ما يبدو "تحاول استخدام تتار القرم"، وكذلك "علاقاتها المتينة مع تركيا"، من أجل العمل مجدداً على "استعادة أراضي شبه الجزيرة القرم، ووضع أراضي القرم تحت سلطتها وسيادتها".


أحد أبرز المبادرين إلى الترويج لهذه "المنصة"، هو زعيم التتار في القرم النائب في البرلمان الأوكراني مصطفى عبد الجميل قرم أوغلو، والذي تعتبر "نشاطاته طوال حياته تسمح بأن يُنسب إلى الأتراك أكثر من انتسابه إلى شعبه الأصلي"، أي التتار القرم، إذ أنّ العديد من أفعال قرم أوغلو "تُوضع في خانة الانشقاق عن انتمائه الأصلي لصالح الأتراك"، خصوصاً خلال الفترة التي كانت شبه جزيرة القرم فيها جزءًا من أوكرانيا، وذلك فضلاً عن ما يعتبر"موقفاً قمعياً للسلطات الأوكرانية تجاه شعبها"، وخصوصاً "الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها كييف".


أنّ الإستراتيجية التي تعتمدها أوكرانيا في هذا الملف، تُختصر في القول الشائع: "عدو عدوّي.. صديقي"، إذ تجلّى هذا القول في شكل القمة الأخيرة، وكذلك "بالكاد حمل إلى تتار القرم بصيص أمل في مستقبل مشرق في حال عودة القرم فعلاً إلى أوكرانيا".


أوكرانيا ادرجت ملف "التعدي على تتار القرم" في موضوع القمة، من ضمن الحملة الإعلامية الشائعة التي يتولاها الغرب لـ"شيطنة" روسيا، ومن أجل "لفت انتباه المجتمع الدولي إلى أهدافها الانتقامية".. وهو سبب جديد يهدف إلى "تشويه سمعة روسيا" في الصحافة العالمية.


هذا الأمر تراه كييف مفيداً لها ولحليفتها الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لأنّه ربّما سيحقّق للطرفين ، هدفين لا ثالث لهما: الهدف الأول هو أنّ واشنطن تستطيع بذلك "مواصلة تدخلها في دول منطقة القرم"، والثاني هو "إخفاء أوكرانيا جرائم الحرب في دونباس".


وكذلك فأنّ مشاركة النائبين الموالين لتركيا: قرم أوغلو وإلمي عميروف في قمة التتار، وربطاً بما يتوفّر من معلومات حول "محاولات أنقرة تجنيد المقاتلين من أجل المشاركة في الحرب في دونباس"، أنّ طرح الميثاق المعتمد "القرم هي أوكرانيا" يكتسب طابعًا قوميًا أكثر من كونه إقليميًا، ويطرح المزيد من الأسئلة حول الأحداث الأخيرة في أوكرانيا، خصوصاً تلك المرتبطة بالنمو غير المنضبط للمشاعر القومية، والتي تساهم في تدمير المصالح العرقية فيها، تلك المصالح التي تم الترويج لها في "منصة القرم".


هذا الحدث الدولي الماضي كان "شبه مسرحية" أكثر مما هو "حاجة سياسية ضرورية"، ويظهر فيه بوضوح "اهتمام الغرب" أكثر مما تظهر فيه مصلحة أوكرانيا، التي "بدت معدومة".


الواقع أنّ لدى كييف العديد من المشاكل الداخلية التي لم يتم حلها، وسيؤدي التأخير في حلّها إلى "مزيد من التفاقم وإلى زعزعة البلاد بشكل متزايد".


أما السبب في ذلك، فمردّه ، إلى "التراجع في تنفيذ الإصلاحات" المتعلقة بـ"عزل الأوليغارشية الحاكمة" وبـ"مكافحة الفساد"، إضافة إلى "الإهمال الذي يظهره للرئيس الأوكراني والدائرة الضيقة اللصيقة به"، ناهيك عن الصراع العسكري الذي طال أمده في دونباس، والذي لا يبدو أنّ أوكرانيا متحمسة لحلّه سلمياً.


يتفشى الفساد بشدة في المجتمع الأوكراني. ويصنف مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية أوكرانيا في المرتبة 120 من أصل 180 دولة. شركة إرنست ويونغ وضعت أوكرانيا ضمن أكثر ثلاث دول فسادًا في العالم، جنبًا إلى جنب مع كل من كولومبيا والبرازيل. ووصفت صحيفة الغارديان أوكرانيا بكونها «الدولة الأكثر فسادًا في أوروبا». واعتبر الباحثون بعد استطلاع أجرته شركة إرنست ويونغ عام 2017 إلى اعتبار أوكرانيا الدولة التاسعة الأكثر فسادًا في العالم.


إن أوكرانيا لديها سجل حافل بالإخفاق في تنفيذ الإصلاحات ، حيث تعاني من الفساد المستشري في مفاصل الدولة، وهو أمر وعد زيلينسكي بمعالجته عندما تولى السلطة عام 2019.


مزاعم الإصلاحات الحالية ليست سوى تبرير بسماح الخصخصة لكبار رجال الأعمال وأصحاب النفوذ بالسيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد.


هناك قلقا بين الأوكرانيين من أن تصبح الأراضي هدفا سهلا للأثرياء، ولاحقا للأجانب في ظل خطط الحكومة بشأن فتح هذا السوق للأجانب اعتبارا من عام 2024.


ويرى تيم بينتون -مدير الأبحاث بقسم المخاطر الناشئة في معهد "تشاتام هاوس" (Chatham House)- أنه "إذا تم بيع الأراضي للأغنياء تحت شعار مساعدة الفقراء، فسوف يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية على المدى الطويل".


مكافحة الفساد كانت محور مظاهرات أطاحت بالحكومة الأوكرانية، غير أن هذه الظاهرة لا تزال تمثل مصدر قلق كبير للسكان. إذ كشف طلب من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي للنواب والمسؤولين الكبار في الدولة بالتصريح بممتلكاتهم عبر الإنترنت والكشف عن ذمتهم المالية، فرقا كبيرا بين قيمة الرواتب التي يتقاضونها ونمط الحياة الذي يعيشونه ومن هنا كانت الصدمة.


في الخلاصة فان ما يجري الان من تضخيم اعلامي مبرمج حول غزو روسي محتمل لاوكرانيا ما هو الا لعبة مشتركة بين الغرب وبالتحديد بين الولايات المتحدة الامريكية واوكرانيا فالولايات المتحدة وكنتيجة لفشلها العالمي في كل المناطق التي تواجدت بها بدا من العراق وسوريا ولاحقا افغانستان وغيرها ترى في هذه اللعبة مدخلا للتحريض ضد روسيا فيما تراها اوكرانيا متنفسا لها لنصدير ازماتها الى الخارج وابتزاز الغرب رغم انها ليست عضوا في حلف الناتو ولا حتى حليف .

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology