افراسيانت - حلمي موسى - من المقرر أن يغادر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مطار اللد يوم غد الأحد، في طريقه إلى واشنطن التي يلقي فيها يوم الثلاثاء المقبل خطابه الإشكالي أمام مجلس الشيوخ.
وقبل ثلاثة أيام من موعد الخطاب، يشتد السجال في الولايات المتحدة وأيضاً في إسرائيل، حيث تقود الحملة ضد نتنياهو حركة تتشكل من كثير من قدامى قادة الأمن والجيش في إسرائيل، الذين باتوا يعتبرون بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة خطراً. وليس صدفة أن يكون رئيس الموساد السابق، الجنرال مئير داغان، الذي كان مكلَّفاً بمكافحة المشروع النووي الإيراني رأس الحربة ضد نتنياهو، وهو القائل إن «سياسة نتنياهو تدمر مستقبل إسرائيل».
وبرغم السجال الحاد في واشنطن، يبدو أنه تم التوصل إلى نوع من الترتيب يقضي بأن يعقد نتنياهو، خارج نطاق الخطاب، اجتماعاً مغلقاً مع قيادات الحزبين الجمهوري والديموقراطي في مجلس الشيوخ، في محاولة لتلطيف الأجواء.
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو استجاب لدعوة رئيس الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونال، ورئيس الأقلية الديموقراطية هاري ريد لعقد لقاء مغلق بعد خطاب نتنياهو في الكونغرس للبحث في الصفقة النووية مع إيران.
وكلف البيت الأبيض مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بإلقاء خطاب أمام مؤتمر «إيباك» تشرح فيه الموقف الأميركي من الصفقة النووية مع إيران بعد خطاب نتنياهو أمام إيباك يوم الاثنين.
ويشكل خطاب رايس وزناً مضاداً لخطاب نتنياهو أمام الكونغرس الذي سيعرض فيه مساوئ ومخاطر الاتفاق مع إيران. وتنوي رايس أن تتناول بالتفصيل أسباب ميل الإدارة إلى الاتفاق مع إيران والمكاسب المتحققة من ذلك. كما ستلقي كلمة أمام مؤتمر «إيباك» أيضاً، السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور، وهي التي قادت الحملة الديبلوماسية الدولية ضد إيران. ويشكل الخطابان استمراراً للسجال على منابر علنية بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية. ومع ذلك، لاحظ مراقبون أنه برغم سمو مكانة كل من رايس وباور في إدارة أوباما، إلا أن هذه هي المشاركة الأقل مرتبة للإدارة في مؤتمرات «إيباك» التي سبق وحضرها رئيس أو نائب رئيس أو وزير الخارجية.
وانتظمت على صفحات «فايسبوك» حملة واسعة، تحت اسم «قادة من أجل أمن اسرائيل»، وقد نشرت إعلانات لقادة كبار سابقين بينهم رئيس الموساد الأسبق شبتاي شافيت، ورئيس الأركان السابق دان حلوتس، وقائد الجبهة الشمالية الأسبق عميرام ليفين. ويطالب هؤلاء وعشرات مثلهم بالصوت والصورة بتغيير حكومة نتنياهو التي تدمر العلاقات مع الولايات المتحدة وتضر بأمن إسرائيل.
ومعروف أن مهرجاناً شعبياً كبيراً سيعقد في تل أبيب ضد نتنياهو تحت شعار «إسرائيل تريد التغيير»، وسوف يكون الجنرال مئير داغان الخطيب الرئيس.
ويهدف المهرجان، بحسب الداعين إليه، لاستعادة الأمل في حياة أفضل، عبر ملء الميدان والصراخ «الشعب يريد تغيير النظام». وقد بدأ داغان حملة نقد شديد لنتنياهو ضمن إعلانات جاء فيها أنه يشعر «بالخطر على استمرار وجود الحلم الصهيوني» تحت قيادة نتنياهو.
وبعد أن يعدد مهامه الأمنية في خدمة إسرائيل، يقول «أنا أشعر أننا نعيش مرحلة حاسمة لمستقبلنا وأمننا. لا شأن شخصي لي مع رئيس الحكومة، زوجته ونفقاته وطعامه، أنا أتكلم عن سياسته». ويؤكد داغان أن سياسة نتنياهو «مدمرة لمستقبل وأمن إسرائيل».
وفي مقابلة موسعة مع «يديعوت»، قال داغان إنه بلغ السبعين من عمره لكنه قلق على مستقبل أحفاده. وفي نظره فإن نتنياهو بالطريقة التي يدير بها الأمور هو «من ألحق بإسرائيل الضرر الإستراتيجي الأكبر في الشأن الإيراني». وأكد أن نتنياهو خلافاً لأسلافه، أرييل شارون وايهود أولمرت، لم يبق إيران مشكلة للعالم، بل جعلها مشكلة لإسرائيل فقط.
وقال إن وجود إسرائيل على رأس الحملة إشكالي، «فهي لم توقع حتى اليوم على أي معاهدة نووية، وهي ترفض الخضوع للرقابة الدولية. وبالتالي من الأفضل ألا نقف في الطليعة. علينا دعم كل جهد، استخباري وسياسي ولكن نبقى دوماً في الصف الخلفي».
واعترف داغان أن نتنياهو لم يلجأ للخيار العسكري مع إيران لأن كل الهيئات الأمنية عارضت ذلك، وهو لم يرغب في تحمل المسؤولية وحده. وشدد على أن لا أحد معصوم عن الخطأ و «لكن الفارق بينه وبين الآخرين هو حجم الاستعداد لأخذ المسؤولية. هو قوي في الأقوال، لا بالأفعال».
وقال داغان إن نتنياهو يعمل فقط في مواجهة الأميركيين وهو لا يبذل جهداً مع الدول الأخرى، وهو خلق مواجهة تدفع الأميركيين للمسارعة إلى إبرام اتفاق. وإلا «كيف سيفسر أوباما بأنه لم يصل إلى اتفاق؟ أن نتنياهو أخضعه؟ أم الجمهوريون؟». وطالب داغان الإسرائيليين بأن يسألوا رئيس حكومتهم المتصادم مع الإدارة الأميركية عن مخاطر ذلك، مضيفاً أن الكونغرس سيصفق لنتنياهو، لكن القوة موجودة بيد الرئيس أوباما، وإسرائيل ستجد نفسها خلال وقت قصير عرضة لعقوبات دولية.
وفي مقابلة مع الصحافية إيلانا ديان، حذر داغان من أن سياسة نتنياهو ورئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت، تقود إسرائيل نحو دولة ثنائية القومية، «وهذا كارثي». وشدد على أن خطاب نتنياهو في الكونغرس لن يغير موقف أوباما من الموضوع الإيراني، وأن الخطاب ضار ويمكن أن تدفع إسرائيل لاحقاً ثمناً غير محتمل مقابله.