خبراء يؤكدون هشاشة قبضة التنظيم المتطرف في سرت ودرنة، وسط تحذيرات من تحول ليبيا إلى قاعدة استقطاب للمقاتلين الأجانب.
افراسيانت - طرابلس - العرب الدولي - يحاول داعش ليبيا القيام بعمليات نوعية وتكثيف هجماته الإرهابية لبث الرعب وفرض سيطرته بغية التوسع نحو دول الجوار، إلاّ أن التنظيم ورغم ما يجسده من خطر حقيقي على الأمن والاستقرار فإن قوته الميدانية تعتبر محدودة، إذ يكفي مهاجمته جوّا وبحرا ومن نقاط مختلفة حتى يتمّ تحجيمه والقضاء عليه، حسب ما أكده خبراء عسكريون.
وبدأ تنظيم داعش يعاني من نكسات ميدانية رغم سيطرته على عدد من المناطق والمدن المحورية في العراق وسوريا خلال الأشهر الأخيرة الماضية، لذلك قام بتصدير فرع له إلى ليبيا، علّه يخفي نقاط ضعفه ويقيم الحجة على قوته وقدرته على اختراق الحدود والتوسع.
ويمثل داعش ليبيا خطرا على دول الجوار المدفوعة إلى دعم تدخل عسكري عاجل لتأمين حدودها، ولكن من المحتمل أن يواجه التنظيم المتشدد صعوبات في الدفاع والسيطرة على مناطقه (درنة وسرت أساسا) في حال تعرّضه لهجوم عسكري من نقاط متعددة.
ورغم حالة الفوضى والانفلات الأمني وانهيار مؤسسات الدولة في ليبيا، إلاّ أن التنظيم غير قادر على التوسع نحو العاصمة طرابلس وبنغازي أو حتى السيطرة على بعض المناطق الأخرى القريبة من درنة، لاعتبارات عدّة، أهمّها أنه محاصر من قبل قوات الجيش الوطني (علاوة على تدخل مصر) وأن عدد الكتائب الموالية له محدود، فهو لا يشكل قوة مركزية ثابتة لها ترساناتها وبوارجها وطائراتها الحربية، فحتى إمدادات الأسلحة تأتيه من بعض التنظيمات التي أعلنت مبايعتها للبغدادي إكراها جرّاء خلافات وصراعات دامية مع القاعدة.
وقد أعرب مسؤولون أميركيون عن اعتقادهم بأنَّ قبضة داعش في ليبيا لاتزال هشَّة، وذلك على الرغم من قيامه بعمليات تعتبر نوعية آخرها كان ذبح المصريين الأقباط.
ونقلت شبكة “فويس أوف أميركا” عن مسؤول أميركي في مكافحة الإرهاب قوله “إن شبكة عمل داعش في ليبيا ليست موحدة، وتتكون فقط من مجموعات مؤيّدة بروابط جديدة وواهية”، إلا أنه حذر من تغيّر الموقف.
فيما حلل مسؤول أميركي آخر تزايد عدد المقاطع المصوّرة التي تبرز نشاط داعش، وقدرته القتالية على مواقع التواصل الاجتماعي قائلا “الهدف منها هو إظهار (داعش) بحجم أكبر من حجمه الطبيعي الذي لا يزيد على فروع تستخدم اسم التنظيم ولكن بصور أقل ترابطا”.
نقاط ضعف داعش ليبيا
* شبكة عمل داعش في ليبيا ليست موحدة
* تتكون فقط من مجموعات مؤيدة بروابط جديدة وواهية
* لا يمتلك طائرات أو بوارج حربية ولا يمكنه خوض معركة جوية أو بحرية
* معداته البرية متواضعة ومحدودة
وأكد توماس جوسلين المحلل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ومحرر دورية “الحرب المطولة”، أن ليبيا كانت هدفا سهلا لدى داعش، إلا أن تكرار الاستراتيجية نفسها مثلما حدث في سيناء المصرية ودول أخرى لن يكون سهلا بعد ذلك.
ووفقا لجوسلين سيكون من الصعب على داعش أن يتمدّد داخل تونس والمغرب بسبب قوة الأمن هناك.
وفي نفس السياق، يرى مدير مركز جنيف للسياسة العربية، سامي الجلولي أن الدولة الإسلامية لا تملك خيارات كثيرة ووسائل ومعدات قتال لمواجهة أي ضربات جوية أو برية، حسب تعبيره.
وأفاد بأن “داعش ليس له خيارات كثيرة، ولا يمتلك أسلحة قادرة على إسقاط الطائرات، كما أنه لا يمتلك طائرات أو بوارج حربية وبالتالي ليس بإمكانه خوض معركة جوية أو بحرية، كما أن معداته البرية تبدو متواضعة”.
وأكد رئيس مركز جنيف للسياسة العربية أن “في ليبيا يظهر داعش محاصرا وبين فكي كماشة (قوات مصرية، تونسية، جزائرية، فرنسية وإيطالية) وسيرتكب حماقات قد تعصف بوجوده أصلا إذا ما حاول دخول تونس أو الجزائر، لأن مساحة المناورة لديه ستصبح ضعيفة جدا وسيكون عرضة لتحالفات جديدة مثل انضمام المغرب وأسبانيا.
وتابع قوله “فهو بالذات تنظيم بري لم يخض حربا جوية أو بحرية، وبالتالي ليس أمامه من الناحية الاستراتيجية سوى الاتجاه نحو الجنوب الليبي، الذي يمثل امتدادا لطبيعة معاركه، وقد يكون منطقة آمنة نوعا ما بحكم الامتداد الصحراوي والتصاقه مع دول فيه حواضن لتنظيمات مشابهة مثل مالي والنيجر وباقي دول الساحل والصحراء”.
في المقابل، حذّر بعض الخبراء المغاربة من تحول ليبيا إلى نقطة استقطاب استراتيجي للمقاتلين الأجانب الراغبين في الالتحاق بداعش، مستغلين ما تعانيه البلاد منذ أربع سنوات من فوضى أمنية دموية، وتوافر عوامل لوجستية وجغرافية تسهل الانضمام إلى هذا الفرع من التنظيم. فحسب الخبير الأمني الجزائري، علي زاوي، فإن “آلاف الجهاديين من منطقة المغرب العربي، الذين ينشطون ضمن داعش بكل من العراق وسوريا من المحتمل أن يشكلوا خزانا كبيرا للتنظيم في حال قرروا التوجه إلى ليبيا، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على المنطقة”.
وأضاف أن “هؤلاء الآلاف من المقاتلين تتوقع عودتهم في هجرة عكسية إلى ليبيا، التي أضحت أرضا خصبة لما يسمى الجهاد بسبب هشاشة الوضع الأمني والسياسي”.
وحذر الخبير العسكري الجزائري من أن “توافر السلاح في ليبيا بكميات كبيرة وحدودها المفتوحة مع دول الساحل الأفريقي، التي تزحف نحوها جماعة بوكو حرام، يشكلان خطرا كبيرا على القارة الأفريقية عموما، خاصة وأن احتمال التحالف بين التنظيمين، داعش وبوكو حرام، يجعل المنطقة أخطر بؤرة للإرهاب في العالم”.