واشنطن - افراسيانت - ازداد خلال الايام الخمسة الماضية بشكل لافت اهتمام مختلف وسائل الإعلام الأميركية، بالفوضى غير المسبوقة في البيت الابيض، وازدحمت القنوات التلفزيونية والصحف الرئيسية بمداخلات وآراء المحللين الذين يحاولون رسم صورة عن الفوضى في البيت الأبيض واثارها على قدرة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إدارة شؤون البلاد المحلية وسياستها الخارجية.
وبينما أعلنت مديرة "الاتصالات" في البيت الأبيض هوب هيكي استقالتها من موقعها (أو تم إجبارها على الاستقالة) في أعقاب تحقيقات الكونغرس الأميركي واعترافها أمام لجان التحقيق بأنها اضطرت للإدلاء "باكاذيب بيضاء" نيابة عن الرئيس بين حين وآخر، عج الإعلام الأميركي مساء الخميس 1 آذار والجمعة 2 آذار 2018 بتقارير مفادها أن استقالة مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي الجنرال إتش.آر.ماكماستر باتت وشيكة.
يشار إلى أن الجنرال ماكماستر كان عين في الموقع الذي يحتله حاليا يوم 20 شباط 2017 بعد استقالة الجنرال مايكل فلين من المنصب ذاته بسبب "تورطه مع روسيا" في محاولتها التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب وضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ولا يحتاج موقع مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، وهو من أكثر المناصب الوزارية الأميركية دقة وحساسية بسبب علاقته المباشرة في خط سياسة الأمن القومي الأميركية، إلى مصادقة مجلس الشيوخ كما هو الحال في المواقع الوزارية الأخرى، بل أن الرئيس يحتفظ بصلاحية تعيين أو إقالة مستشار الأمن القومي كما يشاء.
وكانت نائبة الجنرال مكماستمر، دينا باول، وهي مصرية الأصل، قد استقالت من موقعها في شهر كانون الثاني الماضي بسبب اعتراف الرئيس ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وقراره نقل السفارة من تل أبيب وإلى القدس.
وأفادت تقارير بأن مستشار الأمن القومي الأميركي، ماكماستر، سيغادر البيت الأبيض بحلول مطلع الشهر المقبل، إذ نقلت شبكة إن بي سي الإخبارية يوم الخميس (1 آذار 2018) عن أشخاص مطلعين على ما يجري قولهم ان كبير موظفي البيت الأبيض، الجنرال جون كيلي، ووزير الدفاع، الجنرال جيمس ماتيس، ينسقان جهوداً رامية إلى استبدال ماكماستر، فيما أفادت تقارير بأن الجنرال كيلي قد سأل وزارة الدفاع مؤخراً عن إمكانية إيجاد دور محتمل لماكماستر في الجيش الأميركي، حيث يمكن ترقية ماكماستر، وهو ضابط جيش برتبة فريق (ثلاثة نجوم)، إلى رتبة جنرال من فئة أربعة نجوم.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي ترامب استشاط غضباً يوم 17 شباط الماضي أثناء مشاركة ماكماستر في مؤتمر الأمن بمدينة ميونخ في ألمانيا بسبب ما اعتبره (الرئيس) عدم نصرة ماكماستر له وقوله (ماكماستر) بأن هناك أدلة "لا تقبل الجدل" على تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية. وقال ترامب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "الجنرال ماكماستر أغفل أن يقول ان نتائج انتخابات عام 2016 لم تتأثر ولم تتغير على أيدي الروس وان التواطؤ الوحيد كان بين روسيا وهيلاري كلينتون والديمقراطيين واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي".
وسيكون رحيل ماكماستر هو التغيير الأحدث في سلسلة التغييرات التي استهدفت مسؤولي البيت الأبيض في ظل إدارة دونالد ترامب.
ويتردد ان ستيفن بيغون، وهو المدير التنفيذي لإحدى كبرى شركات السيارات الأميركية، هو المرشح الأبرز لمنصب ماكماستر، حيث سيغدو مستشار الأمن القومي الثالث للرئيس ترامب، حيث كان حلَّ ماكماستر مكان مايكل فلين، الذي استقال بعد 24 يوماً من تعيينه في منصبه بعد الكشف عن كذبه بشأن اتصالات كان قد أجراها مع مسؤولين روس.
من جهته أصدر البيت الأبيض بياناً وصف فيه تقرير شبكة إن بي سي الصادر يوم الخميس بأنه "مزيف". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل أنطون، "كنت للتو بصحبة الرئيس ترامب وماكماستر في المكتب البيضاوي، وقال الرئيس ترامب إن رواية إن بي سي نيوز تندرج تحت فئة "الأخبار المزيفة" وأخبر ماكماستر أنه يقوم بمهمة عظيمة".
وفي قضية متعلقة بالفوضى التي تعتري البيت الأبيض نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية تحت عنوان "نجم جاريد كوشنر بدأ يهوي"، استهلتها قائلة ان "الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يستطيع اختيار مبعوث محنك يحظى بثقة جميع الأطراف المعنية وعلى إطلاع بتاريخ الشرق الأوسط لإدارة ملف مفاوضات السلام الفلسطيني الإسرائيلي، ولكنه عيَّن بدلاً من ذلك وريث إمبراطورية عقارية غامضة تجمعه علاقات عميقة مع إسرائيل، كان قد أعلن أن /الماضي/ لا يهمه كرجل أعمال".
واضافت الصحيفة "كان ترامب يستطيع أيضاً اختيار شخصية ذات نفوذ في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال لقيادة مبادرته بشأن الابتكار الحكومي، ولكنه اختار شخصاً (كوشنر) فشل في قيادة حملة باهظة التكلفة لإصدار نسخة رقمية من إحدى الصحف الصادرة في نيويورك؛ وكان بإمكان ترامب اختيار مستشاره الأقرب من بين خبراء استراتيجيين محنكين، ولكنه اختار عوضاً عن ذلك مبعوثاً سياسياً (كوشنر) لا خبرة له في شؤون الحكومة، فقد اعتمد ترامب في كل هذه الأدوار الهامة على صهره، جاريد كوشنر، الذي كانت صلة قرابته مؤهلاً كافياً بالنسبة لرئيس مهووس بالولاء الشديد ولا يعبأ إلا بالسياسات التي تفيده".
وتشير الصحيفة إلى ان "إنجازات كوشنر لم تكن تافهة فحسب، بل إنه تورط بشكل مباشر في بعض من قرارات الرئيس الأكثر تدميراً، وكذلك في بعض أخطر اتهامات جني الربح من العمل الحكومي التي تم توجهيها بحق الإدارة، فقد اعترض مسؤولون أميركيون محادثات ناقشت فيها أربعة بلدان على الأقل، بما في ذلك الصين والإمارات العربية المتحدة، سبل الاستفادة من مديونية كوشنر وسذاجته وجهله بالسياسة الخارجية لتعزيز مصالحهم".
وكانت صحيفة نيويورك تايمز افادت هذا الأسبوع بأن شركة عائلة كوشنر تلقت قروضاً بمئات الملايين من الدولارات عبر شركات أميركية، من بينها سيتي جروب وشركة الأسهم الخاصة أبولو غلوبال مانادجيمنت، بعد أن التقى كبار مسؤوليها التنفيذيين بكوشنر في البيت الأبيض.