الجيش التركي ينفذ عملية إجلاء ضريح سليمان شاه في سوريا
افراسيانت - رئيس الوزراء التركي يقول إن رفات ضريح سليمان شاه سينقل إلى منطقة أخرى في سوريا تمّ وضعها تحت سيطرة الجيش التركي بعدما تمكن 700 جندي من الجيش بعملية إجلاء الرفات من منطقة كان يسيطر عليها داعش. والتلفزيون السوري يصف العملية بالعدوان الصارخ.
سوريا اعتبرت العمل التركي انتهاكاً للاتفاقات بين البلدين
اتهمت دمشق اليوم الأحد أنقرة بالقيام بعدوانٍ سافرٍ على الأراضي السورية، وذلك غداة قيام الجيش التركي بعملية برية، هي الأولى من نوعها داخل تلك الأراضي، لإجلاء حراس ضريح سليمان شاه شمال البلاد.
وقال مصدرٌ رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين إنه "بالرغم من قيام وزارة الخارجية التركية بإبلاغ القنصلية السورية في اسطنبول عشية هذا العدوان، بنيتها نقل ضريح سليمان شاه إلى مكانٍ آخر، إلا أنها لم تنتظر موافقة الجانب السوري على ذلك".
وأضاف أن ما يثير الريبة أن هذا الضريح يقع في منطقة يوجد فيها تنظيم داعش في محافظة الرقة، والذي دمر المساجد والكنائس والأضرحة، لكنه لم يتعرض لهذا الضريح، الأمر الذي يؤكد عمق الروابط القائمة بين الحكومة التركية وهذا التنظيم الإرهابي.
وختم المصدر تصريحه بالقول إن انتهاك تركيا أحكام الاتفاقية الموقعة بين البلدين يحمل السلطات التركية المسؤولية المترتبة عن تداعيات هذا العدوان.
نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قال في تصريح للميادين إن "العدوان التركي الجديد يعبر عن عربدة تركية على حساب الأراضي السورية والعلاقات بين البلدين"، واعتبر أن "العلاقات الودية بين حكومة أردوغان وداعش هي التي شجعت الحكومة التركية على القيام بهذا العدوان".
وأكد المقداد أن "من حق سوريا الدفاع عن أراضيها، وسيتم التعامل مع العدوان بالشكل المطلوب وفي الوقت المناسب"، مضيفاً "نحيل العدوان التركي وعلاقة تركيا مع داعش إلى الإتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي".
وقالت وكالة رويترز إن "الحكومة السورية تحمل تركيا المسؤولية عن تداعيات هذا العدوان". وأشارت إلى أن "الحكومة قالت إن تركيا أبلغت القنصلية السورية في اسطنبول بالعملية لكنها لم تنتظر موافقة الجانب السوري"، بحسب الوكالة.
وكانت تركيا نفذت ليل أمس عملية عسكرية برية شمال سوريا لإجلاء الحراس الأتراك لضريح سليمان شاه جد السلطان عثمان الأول مؤسس الامبراطورية العثمانية.
أنقرة أعلنت رسمياً على لسان رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أن العملية جرت بمشاركة 100 آلية عسكرية بينها 39 دبابةً دخلت الأراضي السورية.
وقال أوغلو إن الرفات نقل مؤقتاً إلى تركيا على أن ينقل لاحقاً إلى منطقةٍ أخرى في سوريا تحت السيطرة التركية.
وحول هذا التطور، قالت مديرة مكتب الميادين في دمشق الزميلة ديما ناصيف إن مكان الضريح يقع من ضمن الأراضي التي يسيطر عليها داعش منذ عام ونصف، لافتة إلى أن "الضريح لم يتعرض لأي اذى من قبل داعش طوال هذه المدة".
ورأت الزميلة ناصيف أن عملية دخول هذا العدد الكبير من عناصر الجيش التركي إلى الأراضي السورية يخالف الاتفاقية التي سمحت فقط بوجود 20 عنصراً لحماية الضريح، معتبرة أن ما جرى "هو تدخل واضح من قبل تركيا في الأزمة الدائرة ويثير أكثر من علامات استفهام".
تفاصيل عملية إجلاء الجنود التي نفذتها تركيا
تقرير هبة الله بيطار - على ضفة نهر الفرات شرق مدينة منبج السورية، وعلى بعد نحو 25 كيلو متراً من الحدود التركية يرقد سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية، هنا يرفع علم تركيا ليعلن سيادتها على منطقة الضريح وفق اتفاقية عام 1921 الموقعة بين تركيا والانتداب الفرنسي.
المعارك التي يشهدها شمال سوريا اقتربت مراتٍ عدة من منطقة الضريح ما أثار حفيظة أنقرة ودفعها أخيراً إلى نقل الرفات وإجلاء جنودها المكلفين بحماية قبر سليمان شاه.
في تفاصيل العملية، أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أن طابوراً مكوناً من 572 جندياً تركياً ونحو 100 آليةٍ عسكرية بينها 39 دبابةً دخلت الأراضي السورية عبر مركز مرشدبينار الحدودي لإجلاء نحو 40 جندياً من مكان الضريح.
أما رفات سليمان شاه فأعيد مؤقتاً إلى تركيا وفقاً لأوغلو، على أن ينقل في الأيام المقبلة إلى منطقةٍ في الأراضي السورية تم ضمان أمنها، على حد تعبيره.
وبحسب بيان الجيش التركي لم تقع أي اشتباكاتٍ أثناء العملية غير أن جندياً قتل في حادثٍ خلال التوغل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية جاءت بعد أيامٍ قليلةٍ من سيطرة فصائل تابعةٍ للجيش الحر وغرفة "بركان فرات" على قرى في الريف الجنوبي لمدينة عين العرب بعد اشتباكاتٍ مع مقاتلي داعش، ما أمّن الطريق باتجاه جسر قره قوزاق القريب من ضريح سليمان شاه وساعد في حماية الجنود الأتراك خلال عمليتهم.
كيف يرى المراقبون في سوريا العملية العسكرية التركية في الشمال، ولا سيما أن ما أعلنته تركيا عن عزمها نقل رفات الضريح إلى منطقة أخرى في سوريا يؤشر إلى أن تركيا قد تدخل مرة ثانية بذرائع أخرى.
الجنود الأتراك فوق الأرض السورية في قرية اشمه، وعلمٌ تركي في عدوان موصوف.
الوحدة وصلت ليلاً إلى ضريح جد العثمانيين في قره قوزاق، جيشٌ من 40 دبابة وعشرات المدرعات، ومئات الجنود.
الوحدة تتعدى بما لا يقاس الاتفاقية التي فرضها الانتداب الفرنسي على سوريا في عشرينات القرن الماضي، والتي نصت على 17 جندياً لا أكثر لحراسة الضريح.
يقول أسامة دنورة الباحث الاستراتيجي "مشروع المنطقة العازلة في الشمال السوري سقط، وقدرات الأتراك على الحصول على دعم دولي لتدخلهم في سوريا سقطت، وتمت بلورة هذه الأبعاد على الأرض عن طريق العملية التي قام بها الجيش السوري في شمال حلب، والتي كان من المفترض أن هذه المنطقة تمثل خطاً أحمراً بالنسبة لتركيا".
رئيس الوزراء التركي داوود اوغلو، أعلن أن مباني الضريح قد نسفت، ولكن رفات سليمان شاه، ستعود إلى سوريا.
الهدف ليس مجرد نقلٍ للرفات من الضريح الذي يسيطر عليه داعش، إلى قريةٍ في منطقة الإدارة الذاتية الكردية، وإنما الإستبقاء على ذريعة للتدخل إما ضد سوريا، وإما ضد الأكراد، إذا ما ذهبوا أبعد من الإدارة الذاتية في عين العرب وغيرها.
يقول عمر أوسي عضو مجلس الشعب ورئيس المبادرة الوطنية الكردية "الإدارات الذاتية الكردية في الكانتونات الثلاث؛ القامشلي وعين العرب وعفرين، واستعمال هذه المنطقة كمنصة انطلاق لما يسمى المعارضات الليبرالية المسلحة التي يتم تدريبها الآن على الأرض التركية وبالاتفاق مع واشنطن"
وقبل عامٍ كشفت تسريباتٌ معارضة تركية عن اجتماعٍ سري تداول فيه داوود اوغلو، ورئيس المخابرات حقان فيدان، في تنظيم اعتداءٍ على الضريح التاريخي، والتذرع به للتدخل عسكرياً في سوريا.
وقبل عامٍ أيضاً كانت داعش تنذر الجنود بالانسحاب من الضريح الذي سيطرت على المناطق المحيطة به، غير أن التنظيم الذي هدم ونسف كل المقامات، وقتل كل الرهائن، عف عن الضريح، وأطلق رهائنه الأتراك في الموصل.
والأرجح أن عملية الضريح العثماني تؤشر إلى تباعدٍ تركي داعشي، بعد طول تحالفٍ صامت، فإخلاء جد العثمانيين من قرة قوزاق لحمايته، يستبق أيضاً احتمال انتقال الأتراك إلى مواجهةٍ مع داعش، استجابةً لضغوطٍ أوروبية وأميركية، بعد انتشاره في ليبيا وتهديد مصر، وإنذاره بعملياتٍ في قلب أوروبا.