افراسيانت - حلمي موسى - تضغط قبرص واليونان، وفق موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي، على الاتحاد الأوروبي لتمويل خط أنابيب غاز من حقول الغاز الإسرائيلية إلى أوروبا عبر قبرص.
وأشار الموقع إلى أنه خلال اجتماع عقده وزيرا الطاقة في قبرص واليونان مع المسؤول عن قطاع الطاقة في الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين الماضي، طلبا منه الدفع بمشروع طموح يتم في إطاره مد أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى إيطاليا.
وبحسب المشروع، فإن الخط يبدأ في إسرائيل، ويمر بقبرص واليونان، ويصل في النهاية إلى إيطاليا، ومنها يمكن نقل الغاز إلى باقي أوروبا.
ومعروف أن هناك تفاهمات حول هذا المشروع بين وزيري الطاقة القبرصي واليوناني مع نظيرهما الإسرائيلي سيلفان شالوم.
وبحسب المشروع المقدم، فإن إنبوب الغاز سيحمل في طريقه الغاز أيضا من حقول الغاز البحرية القبرصية الكبيرة.
ويؤمن وزراء الطاقة في كل من إسرائيل وقبرص واليونان بأنّ خط الغاز هذا سيوفر للدول الثلاث فرصة تصدير غازها الطبيعي بسرعة ونجاعة وبشكل موثوق إلى قلب أوروبا.
وكانت الفكرة بحثت بين كبار المسؤولين الإسرائيليين واليونانيين في العام 2012، بما في ذلك لقاءات عقدها رجل الأعمال الإسرائيلي اسحق تشوفا، صاحب السيطرة على مجموعة «ديلك»، مع قادة الحكم في اليونان. ومع ذلك تم رفض المشروع بسبب كلفته الباهظة.
غير أن وزير الطاقة الإسرائيلي شرع مؤخراً في اتصالات مع نظيريه القبرصي واليوناني لتجديد المشروع، وقرر الثلاثة التوجه بشكل مشترك للاتحاد الأوروبي لكي يضع حلولاً لمسألة تمويله.
وبحسب ما نشر في الصحافة القبرصية واليونانية، فإن الدولتين تطلبان من الاتحاد الاوروبي توفير تمويل بقيمة 5 مليارات يورو لصالح إنشاء الأنبوب.
وتكمن مصلحة الاتحاد الأوروبي في تمويل المشروع بأنه يشكل بديلاً نوعياً وموثوقا للغاز الروسي، الأمر الذي يقلل نفوذ روسيا على أوروبا.
ومع ذلك لا يهرع الاتحاد الأوروبي لتبني الفكرة، خصوصاً بسبب التكلفة العالية، لكنه على استعداد للبحث بجديّة، خصوصاً بسبب الحاجة الماسة للتحرر من قبضة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان يفترض بالوزير الإسرائيلي سيلفان شالوم، الانضمام إلى اللقاء الذي عقد يوم الاثنين الماضي بين نظيريه القبرصي واليوناني ومسؤولي الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، لكنه ألغى المشاركة بسبب التطورات السياسية الداخلية في إسرائيل.
ومع ذلك، فإن التنسيق بين الوزراء الثلاثة حول المشروع وثيق. وقد أشار شالوم إلى المشروع المشترك في خطاب ألقاه يوم الاثنين الماضي أيضاً في مؤتمر للطاقة عقد في إيلات.
وقال شالوم: «نحن نفكر في أنبوب غاز لقبرص، لليونان ولإيطاليا. ثمة إمكانية لمنح الأوروبيين مصدر غاز إضافيا بثمن أدنى، وتقليص مخاطر وقف تدفق الغاز من مصادر أخرى».
ومع ذلك، شدد شالوم على أن أنبوب الغاز هو واحد من بدائل عدّة أمام إسرائيل في مجال تصدير الغاز الطبيعي، وأن الدفع بالمبادرة لا يغلق الباب أمام إمكانيات أخرى.
ومعروف أنه عدا انبوب الغاز إلى أوروبا، تدرس الحكومة الإسرائيلية وشركات الغاز ثلاث إمكانيات أخرى لتصدير الغاز: التعاون مع مصر التي لديها منشآت تسييل للغاز في الاسكندرية، ومد أنبوب إلى قبرص وإنشاء محطة تسييل للغاز هناك، أو مد خط للغاز بين إسرائيل وتركيا.
وتنبع محاولة الوزير شالوم إحياء مشروع خط الغاز إلى أوروبا من صعوبات تواجه تحقيق أي من الخيارات الثلاثة الأخيرة في الفترة القريبة أساساً بسبب مصاعب سياسية.
واقتبست صحيفة «Cyprus Mail» القبرصية عن مصدر حكومي قبرصي أوضح أن أنبوب الغاز المقترح مع إسرائيل ليس الخيار الوحيد لتصدير الغاز، فالحكومة القبرصية تحث بالتوازي مشروعاً لنقل الغاز الطبيعي من مياهها الإقليمية إلى منشآت تسييل الغاز المصرية.
ومؤخراً، عقد لقاء ثلاثي بين وزراء الطاقة في مصر وقبرص واليونان للبحث في هذه الخطة، التي تسمح للحكومة القبرصية وشركات الغاز العاملة هناك بالبدء في تحقيق أرباح، وتمكين مصر من تفعيل منشآتها.
وأشار موقع «والا» إلى أن العلاقات المصرية القبرصية اليونانية في هذا السياق ليست بعيدة عن العداء المشترك لتركيا. وقال إن تركيا هي العدو الأكبر لقبرص، ولها علاقات متوترة مع اليونان.
وهناك أزمة شديدة في العلاقات المصرية التركية جراء دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحكم «الإخوان المسلمين».
وقال مصدر أوروبي لموقع «والا» إن قبرص واليونان وإيطاليا هي الحلفاء الأشد إخلاصاً لمصر في الاتحاد الأوروبي وهي تعمل للدفاع عن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام ضغوط دول أخرى في الاتحاد الاوروبي.
ويقترب موقف قبرص واليونان تجاه مصر من الموقف الإسرائيلي، فقد ازدهرت العلاقة الأمنية والسياسية الإسرائيلية مع مصر بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وساعدت إسرائيل النظام المصري عندما اضطربت العلاقة الأميركية معه.
وهذا ما دفع مسؤولاً إسرائيلياً إلى القول بأن فرص التعاون الاستراتيجي بين الدول الأربع كبيرة، خصوصاً أن هذه الدول تطمح إلى أن تتحول إلى قوة مركزية في ميدان الطاقة.
ومثلما قادت التصرفات التركية إلى خلق تحالف بين قبرص واليونان ومصر، فإنها قادت أيضاً إلى تعميق التعاون بين إسرائيل واليونان، وخصوصاً في مجال المناورات العسكرية.
وقال السفير الإسرائيلي السابق في اليونان أرييه ماكيل إنه «بعد سنوات طويلة من البرودة في العلاقات، قررت الدولتان إحداث تغيير جوهري».
وأضاف أن «هناك اليوم تعاوناً أمنياً وثيقاً، ومداولات حول التعاون في مجال الغاز، وقد طرأ تحسن في الرأي العام اليوناني تجاه إسرائيل».
وإذا تحقق أنبوب الغاز بين إسرائيل وقبرص واليونان فإن ذلك سيعمق العزلة الإقليمية لتركيا. ومعروف أن الإدارة الأميركية تحاول جعل التعاون في مجال الطاقة بوابة للتعاون السياسي في المنطقة ولذلك فإنها غير مرتاحة لوجود تركيا خارج هذا النطاق.