افراسيانت - محمد الأحمد - شهدت مختلف جبهات القتال في اليمن تصعيدا غير مسبوق منذ عدة أشهر، واكبه تصعيد في الفعل السياسي.
وسلمت "اللجنة الثورية" السلطة إلى مجلس الحكم الجديد، المشكل من تحالف الحوثيين وحزب الرئيس السابق، وتوقفت مساعي الحل السلمي.
وخلال الأيام القليلة الماضية، شنت مقاتلات التحالف مئات الغارات على صنعاء ومحيطها وعلى مختلف جبهات القتال في حجة وتعز ومأرب وصعدة والجوف والحديدة وإب. كما تشهد الحدود اليمنية-السعودية مواجهات هي الأشد منذ بداية الحرب في نهاية مارس /آذار 2015، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع اقتراب البلاد من المجاعة.
وعلى وقع فشل محادثات السلام، التي استضافتها الكويت طيلة ثلاثة أشهر، دفع الطرفان بتعزيزات عسكرية إلى الجبهات، وخاضا معارك عنيفة قتل فيها المئات. غير أن مواجهات الشريط الحدودي تظل خارج نطاق التقديرات بسبب إغلاق هذه المناطق من الجانبين ونزوح السكان منها، واقتصار المعلومات الواردة منها على طرفي الحرب، حيث وزع كل طرف مشاهد للمواجهات والضحايا التي تعود إلى الطرف الآخر.
ولأن الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف بقيادة السعودية تدرك صعوبة هزيمة تحالف الحوثيين وقوات صالح رغم خسارة التحالف مساحات كبيرة من الأرض خلال ثمانية عشر شهرا من القتال، فإنها تأمل أن يؤدي الهجوم الواسع لقواتها، بإسناد من مقاتلات التحالف على شرق صنعاء وباتجاه ميناء الحديدة، إلى إقناع التحالف القائم في صنعاء على القبول بالانسحاب من بقية المدن الخاضعة لسيطرته، وتسليم أسلحته استنادا إلى الخطة، التي اقترحها المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد على وعد بأن يضم هؤلاء إلى حكومة شراكة وطنية يتم تشكيلها بعد ذلك.
وخلافا لهذه الرؤية، يعتقد تحالف الحوثيين والرئيس السابق أن قدرتهم على الصمود في المناطق الجبلية حول صنعاء، وفي المواجهات الدائرة في سهل تهامة على البحر الأحمر، ستجبر التحالف والرئيس عبد ربه منصور هادي على التخلي عن شروطهما بالانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة والذهاب نحو تشكيل حكومة شراكة وطنية تتولى مهمة الإشراف على انسحاب المسلحين كافة من المدن وتتولى إدارتها.
وبما أن الرئيس هادي يتحصن بالشرعية الدستورية التي يتمتع بها ويعترف بها العالم، فقد ذهب تحالف الحوثي وصالح الحاكم في مناطق شمال اليمن نحو إحياء مجلس النواب الذي يمتلك حزب الرئيس السابق أكثر من ثلثي أعضائه، وعبره منح الثقة لـ"المجلس الرئاسي"، الذي تشكل على أنقاض "اللجنة الثورية" رغم عدم وجود نص في الدستور يجيز مثل هذه الخطوة. بيد أنه يراهن على أن يؤدي وجود هذا المجلس المدعوم من البرلمان إلى خلق شرعية موازية، وعبرها يتم التفاوض بين حكومتين وليس بين شرعية وطرف انقلابي، أو أيضا استمرار الحرب.
وعلى عكس ما كان متوقعا بأن الأزمة اليمنية اقتربت من الحل السياسي، تشير التطورات الأخيرة، ورغم الدمار الكبير الذي لحق بها والمآسي الإنسانية التي خلفتها المواجهات طوال عام ونصف، إلى أن البلاد على أعتاب مرحلة جديدة من القتال قد تدفع باتجاه مضاعفة الجهود الدولية لفرض اتفاق السياسي، أو تفتح الباب أمام صراع مزمن محمل بكل الشعارات الجهوية والطائفية.