• تتوالى انهيارات فروع الإخوان في الوطن العربي مثل أحجار الدومينو فبعد مصر والاردن، تواجه الجماعة في السودان أزمة عاصفة حيث عزلت مراقبها العام علي جاويش الذي وصف الأمر بالانقلاب. ويربط محللون ما يحدث اليوم في إخوان السودان بارتدادات أزمة التنظيم الأم في مصر.
افراسيانت - القاهرة - محسن عوض الله - انضم فرع تنظيم الإخوان المسلمين في السودان إلى فروع الجماعة التي تعاني من تصدعات وانشقاقات تعصف بأذرع التنظيم في المنطقة، على وقع حملة موسعة وضعت الجماعة الأم في مصر على طريق النهاية.
وأصدرت جماعة الإخوان في السودان بيانا مساء الأربعاء، أعلنت فيه عزل المراقب العام علي جاويش واختيار الحبر يوسف نور الدائم مراقبا عاما مكلفا حتى قيام المؤتمر العام للجماعة.
وجاء عزل جاويش، الذي وصف الأمر بالانقلاب، عقب حزمة قرارات حلت بموجبها جميع أجهزة الجماعة، بما في ذلك المكتب التنفيذي ومجلس الشورى، وتأجيل المؤتمر العام الذي كان مقررا في يوليو المقبل وتشكيل لجنة تسيير أعمال.
وسبق أن تخلت جماعة الإخوان في السودان بقيادة علي جاويش عن شراكتها مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، احتجاجا على اعتراف السلطات بانتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أطاح بحكم الإخوان في مصر إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
وتعرضت الجماعة في السودان في القرن الماضي، لانشقاقين الأول في العام 1969 بانشقاق الراحل حسن الترابي، مكونا جبهة الميثاق، والثاني في العام 1991 بخروج أعضاء تابعين لسليمان أبونارو.
وتتزامن خلافات إخوان السودان الجديدة، في وقت يتلقى فيه التنظيم الدولي ضربات متتابعة، إذ ألغى فرع الجماعة في الأردن ارتباطه بالتنظيم الدولي في فبراير الماضي، وبعدها تحولت حركة النهضة التونسية إلى حزب سياسي مدني ودعا زعيمها راشد الغنوشي الشهر الماضي إلى الفصل بين الدعوي والسياسي.
ويقول عبدالشكور عامر القيادي السابق بالجماعة الإسلامية لـ“العرب” إن “تسونامي الانشقاقات انطلق صلب الجماعة ولن يوقفه أحد”.
وأوضح أن جماعة الإخوان تمر في الوقت الراهن بحالة سيولة فكرية وتنظيمية من المتوقع أن تؤثر على تماسكها كتنظيم قوي.
وتوقع حدوث حالة انشطار كبير صلب الإخوان يعيد إلى الأذهان ما حدث للجماعة الإسلامية إبان مبادرات وقف العنف في تسعينات القرن الماضي في مصر، أدت إلى حالة من التفكك الفكري والتنظيمي داخلها.
واعتبر أن ما حدث في السودان هو “انفجار تسلسلي سينتقل إلى دول أخرى قريبا”، لافتا إلى أن “ما حدث للجماعة في السودان والأردن نتيجة حتمية لفشل الجماعة في مصر، واختلال القيادة، نتيجة للصراعات الداخلية وتصاعد الانهيار التنظيمي الدولي”.
وبدأت الموجة الأولى لتشرذم التنظيم الدولي في القاهرة، بحسب كثيرين يعتقدون أن ما أصاب رأس التنظيم أثر بشكل كبير على بقية جسده.
من المرجح أن ينتقل الانقسام الذي يعيشه التنظيم في مصر والأردن والسودان، إلى دول أخرى
ومن المرجح أن ينتقل الانقسام الذي يعيشه التنظيم في مصر وتونس والأردن والسودان، إلى دول أخرى، وقد يتسبب في هدم المزيد من أركان الجماعة، والتمهيد لذوبان التنظيم في كيانات أخرى.
وقال عامر إن “الجماعة تمر بمرحلة مخاض محلي ودولي، والانشقاقات الحالية ستعيد بلورة وشكل وربما مسميات جديدة للجماعة، وقد تنتج عنها تحالفات جديدة مع قوى وأنظمة كانت حتى وقت قريب معادية للجماعة الأم”.
وقال منير أديب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية لـ“العرب” “إن معاناة التنظيم الإخواني في مصر هي السبب الرئيسي وراء ما تشهده الفروع من تباينات وتطورات”.
وأشار إلى أن الوضع في السودان لن يتوقف عند حدود الانشقاق والخلافات بل من المتوقع أن يتطور ليشبه الحالة الإماراتية، ليصبح السودان دون إخوان حقيقيين.
وقال أديب ما حدث ليس جديدا، فقد شهد السودان انشقاقا قويا بعدما حاول الراحل حسن الترابي الانفصال بالجماعة عن التنظيم الدولي وقيادته في القاهرة، وتمرد على بعض اللوائح التنظيمية وحاول تعديلها وهو ما أدى إلى حدوث انشقاقات كبيرة وقتها.
ولفت إلى أن جماعة الإخوان شاخت وأصابها الهزال ولم يعد بمقدورها إحداث تغيير فكري يناسب متغيرات العصر، والتنظيم الذي قارب عمره التسعين عاما أوشك على النهاية.
وأكد أن ما جرى في السودان يعمق أزمات التنظيم وسوف يؤثر بقوة على إخوان مصر، في ظل وجود عدد من قيادات الجماعة المصريين في الخرطوم.
وأضاف أن انفراط عقد التنظيم الدولي وذوبان الفكرة الإخوانية أصبح ضرورة واقعية، بعد أن لجأ التنظيم إلى سياسات إقصائية وعدائية تتنافى مع القيم الإسلامية والمبادئ الإنسانية.
في المقابل، يرى عبدالجليل الشرنوبي القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين أن التنظيم الدولي ماض في طريقه نحو مرحلة التمكين عكس ما يبدو للكثيرين .
وأوضح القيادي الإخواني السابق لـ”العرب” أن الإخوان بعد ثورة المصريين ضدهم في 30 يونيو 2013 سعوا إلى تصدير صورة مختلفة عن حقيقة التنظيم الدولي وإظهاره بالمفكك وغير المتجانس للهروب من مشهد نهاية الجماعة.
وحدد مظهر الهروب في القرارات التي اتخذها إخوان الأردن بالانفصال عن التنظيم وإعلان إخوان تونس فصل الدعوي عن السياسي، وعزل مراقب الإخوان في السودان، فضلا عن تصدير مشهد الخلافات الدائمة بين إخوان مصر. وأكد رئيس تحرير موقع إخوان أون لاين سابقا، أن التنظيم الدولي للإخوان يعود أقوى مما كان عليه قبل 30 يونيو بصورة تحجب حقيقته عن العالم.
وقال “الإخوان يتأهبون لجولة جديدة والتنظيم الدولي تطور بشكل كبير عكس ما يعتقد البعض”. وحذر من خطورة خداع الخبراء بما يشاع عن خلافات داخل الجماعة في الأقطار المختلفة، معتبرا أن ذلك جزء من خطة التطوير التي اعتمدتها الجماعة من أجل إخفاء حقيقتها وتلافي حدوث ثورات سياسية جديدة ضدها.