افراسيانت - محمد الأحمد - استأنفت اللجان الثلاث، المنبثقة عن مباحثات السلام اليمنية في الكويت، جلساتها؛ لكنها لم تحقق أي تقدم يذكر .
للأسبوع الثالث على التوالي، تتواصل اللقاءات العامة والمنفصلة بين ممثلين الحكومة المعترف بها دوليا، وآخرين عن الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح. لكنها لم تثمر عن أي تقدم؛ حيث يتمسك كل طرف بموقفه. وقد عجز الوسطاء الإقليميون والدوليون عن تحريك هذه المواقف نحو التقدم إلى منتصف الطريق.
ولأن أي تقدم لم يحدث، فإن الاتفاق على توزيع المشاركين على ثلاث فرق عمل، قُدم وكأنه إنجاز كبير ومهم. غير أن اجتماعات هذه اللجان أظهرت مدى الخلافات العميقة بين الطرفين. فقد رفض الحوثيون أن تبدأ اللجنة الأمنية عملها، واشترطوا أن تبدأ اللجنة السياسية مناقشة تشكيل سلطة انتقالية؛ وهو ما يرفضه الجانب الحكومي، الذي يطالب بأن تبدأ اللجنة الأمنية عملها استنادا إلى قرار مجلس الأمن الدولي.
وبالمثل، فإن لقاء اللجنة المكلفة بمعالجة ملف الأسرى والمعتقلين، لم تتفق على شيء. فما إن سلم الجانب الحكومي الوسطاء الدوليين قائمة بأكثر من ثمانية آلاف معتقل، حتى طالب الحوثيين بالكشف عن المعتقلين لديهم، فرفضوا تسليم أي قوائم من طرفهم، واستمروا في التشديد على ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية بديلة، وعلى أن هذه السلطة سيكون بإمكانها معالجة القضايا كافة، بما فيها وضع المعتقلين والأسرى ونزع الأسلحة والانسحاب من المدن.
والرؤية التي يتبناها الحوثيون وحزب الرئيس السابق؛ تعترض عليها الحكومة من عدة جوانب: أولها، أن قرار مجلس الأمن يلزم الطرف الأول بعدم منازعة السلطات اختصاصها. كما أن بقاء المسلحين في المدن والأسلحة بحوزتهم يعني أن أي حكومة ستكون تحت رحمتهم؛ بل من الاستحالة عودتها إلى العاصمة الواقعة في قبضة هؤلاء. وهي تستند في ذلك إلى تجربة مأسوية عاشتها حكومة الشراكة الوطنية برئاسة خالد بحاح، والتي تشكلت عقب اجتياح الحوثيين صنعاء؛ حيث أصبحت الوزارات والمؤسسات الحكومية، بما فيها الشرطة تحت رحمة الحوثيين، الذين توجوا هذا النفوذ باقتحام منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يتمكن من الفرار إلى عدن.
وحيث إن الأمل مفقود في تراجع أي طرف عن مطلبه، فقد أعلن نائب مدير مكتب الرئاسة اليمنية عن عزم الجانب الحكومي على التحلي بالصبر، حتى يتبين العالم من الذي يرفض السلام، وأكد أن أي تقدم لم يحدث .
وبما أن المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ يتعلق بقشة من الآمال، فقد اكتفى بالإشادة بما قال إنها روح التعاون والمسؤولية الوطنية، التي تحلى بها المشاركون في جلسات لجان العمل الفرعية لمشاورات السلام. وأضاف أن "أجواء الجلسات طغت عليها الايجابية وروح التفاؤل» رغم جسامة التحديات وعمق الهوة بينهم.
لكنه عاد، وحث المشاركين في مشاورات السلام على تكثيف الجهود من أجل الخروج باتفاق سياسي شامل للأزمة اليمنية. وأكد أنهم أمام مفترق طرق حقيقي: "إما السلام، أو العودة إلى المربع الأول"، وهو المربع الذي لم يغادروه أصلا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أبريل / نيسان الماضي.
وبغرض تحريك المياه الراكدة، تدور نقاشات حول كيفية الربط بين أعمال اللجان الثلاث، وتنفيذ ما سيصدر عن أعمالها. لكن هذه النقاشات بين الوسطاء تصطدم برفض قاطع من الجانب الحكومي لفكرة تشكيل حكومة بديلة قبل نزع الأسلحة والانسحاب من المدن.
ومن بين المقترحات المتداولة لدى الوسطاء الدوليين ترحيل مهمة تنفيذ ما سيتم إقراره في الأجندة الأمنية والعسكرية، من قضايا تتصل بالترتيبات الأمنية والعسكرية ونزع الأسلحة والانسحاب من المدن، إلى حكومة جديدة يتم التوافق بشأنها. وهو أمر يرفضه الجانب الحكومي بشكل قاطع، ويؤكد أن هناك انقلابا ينبغي أن ينتهي لتعود عجلة الحوار السياسي إلى العمل.