افراسيانت - سيد المختار - طالب فايز السراج الدول العربية بمساعدة بلاده من أجل رفع حظر توريد السلاح المفروض عليها من قبل مجلس الأمن الدولي.
وقال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا، الذي كان يتحدث خلال الاجتماع التشاوري لمندوبي الجامعة العربية، إن رفع حظر السلاح عن ليبيا من شأنه تمكينها من مكافحة إرهاب "داعش"؛ مؤكدا أنَّ "من غير المعقول أن يؤيد المجتمع الدولي حربنا ضد الإرهاب ويمنع عنا التسلح".
حكومة الجميع
وجاء حديث رئيس الحكومة فايز السراج في ظروف حساسة تمر بها ليبيا بعد عودة الانقسام السياسي إلى الواجهة، واستخدام جميع الأطراف أذرعها العسكرية لفرض وجودها على الأرض.
لذا، كان السراج حريصا على إظهار حكومته بمظهر الحكومة الجامعة لجميع الأطراف، المؤيدة منها للاتفاق السياسي في الصخيرات، والمعارضة له؛ قائلا إن هدفها هو "علاج انقسام المؤسسات والحفاظ على سيادة الدولة ووحدتها".
لكن هذه الأهداف الكبيرة لا يمكن تحقيقها إلا بامتلاك وسائل اقتصادية وعسكرية؛ حيث طالب السراج بالإفراج عن الأموال التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وبعودة البعثات الدبلوماسية، واستئناف الرحلات الجوية، لطمأنة الليبيين وتشجيعهم، وفق تعبيره.
وقد اعترفت جامعة الدول العربية بحكومة الوفاق الوطني، وتتعامل معها في الوقت الراهن؛ لكن الشكوك تحوم حول دعم بعض الدول العربية لحكومة طبرق، ولقائد جيشها الفريق المتقاعد خليفة حفتر.
وتتسابق الحكومتان المتنافستان، من جانبهما، على تمثيل ليبيا في سياقها العربي والإقليمي؛ حيث أصدرت حكومة عبد الله الثني بيانا شديد اللهجة، دانت فيه دعوة بعض الدول العربية مثل تونس والجزائر ممثلين عن حكومة الوفاق إلى اجتماعات إقليمية من دون مراعاة عدم شرعنتها من قبل البرلمان حتى الآن.
بين ثلاثة جيوش
وتتجه الأزمة الليبية إلى مزيد من التعقيد في ظل الصراع الدائر بين حكوماتها الثلاث حول أحقية مقاتلة تنظيم "داعش" في مدينة سرت؛ وهو ما يهدد بالعودة إلى نقطة الصفر في الاتفاق السياسي.
ففي حين أعلن حفتر عن إطلاق عملية عسكرية لتحرير المدينة من أيدي المسلحين الذي فروا إليها من بنغازي، دعت حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج الوحدات والكتائب العسكرية إلى الامتناع عن التدخل خارج إمرتها، وشكلت غرفة عمليات خاصة لهذا الغرض، في خطوة لقطع الطريق أمام "جيش الكرامة".
وبعدما ظن الجميع أن حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام انسحبت من المشهد، وتركت موقعها لحكومتي الغرب والشرق؛ أطلت برأسها من جديد معلنة تشكيل "غرفة عمليات تحرير سرت".
وتتنافس الحكومات الثلاث، التي يعترف العالم بواحدة منها فقط، على نيل الثقة في الداخل الليبي، وكسب ود المجتمع الدولي، في استعراض عسكري مفتوح قد يعيد البلاد إلى عمق النفق المظلم الذي كادت أن تخرج منه.
سياسة التأزيم
غير أن المجتمع الدولي لا يزال يصر على التعاطي رسميا مع حكومة الوفاق، التي شُكلت بموجب اتفاق الصخيرات، الذي رعته الأمم المتحدة. وهو ما دفع الحكومة السياسية إلى وضع بعض العقبات في طريق حصولها على كامل الشرعية.
فالاتفاق السياسي ينص على أن يتم التصويت لمنح الثقة لحكومة الوفاق قبل مباشرة عملها؛ الأمر الذي تعذر في مناسبات متكررة، نتيجة فشل برلمان طبرق في عقد جلسة التصويت.
وتتهم حكومة طبرق حكومة الوفاق بانتهاج سياسة الأمر الواقع، وتهديد مصير الاتفاق السياسي بالتواطؤ مع الأمم المتحدة، وخاصة مبعوثها مارتن كوبلر، الذي وجد نفسه عرضة لانتقادات حادة من أعضاء حكومة طبرق، وصلت إلى حد تلويح الفريق خليفة حفتر بوقف التعامل معه بشكل نهائي.
وقد رفض حفتر لقاء المبعوث الأممي إلى ليبيا؛ في خطوة تعكس شدة امتعاض الأول من تصرفات وتصريحات مارتن كوبلر.
ولعل سبب الخلاف بينهما يعود إلى عدم تفاعل كوبلر مع مطالب حكومة طبرق برفع حظر توريد السلاح، وتهميش المؤسسة العسكرية في بنغازي، لمصلحة من يصفهم حفتر بأنهم "مجموعة من الميليشيات التي تسيطر على طرابلس ويتم التعامل معها كشريك شرعي".