افراسيانت - إيهاب نافع - اقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأسيس صندوق استثماري تسهم مصر والسودان وإثيوبيا فيه لتمويل المشروعات، التي يتم الاتفاق عليها بهدف التنمية المشتركة.
الاقتراح المصري، الذي حظي بموافقة البلدان الثلاثة، جاء أثناء عقد الاجتماع الثاني للجنة السياسية العليا بين مصر والسودان وإثيوبيا، بمشاركة الرئيس المصري السيسي والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلا مريام ديسالين.
وقد أعاد قادة الدول الثلاث تأكيد التزامهم بتعزيز مجالات التعاون الثلاثية، والبناء على المصلحة المشتركة عبر تبني حلول تحقق المكاسب المشتركة من أجل مصلحة شعوبهم في المجالات كافة. واتفقوا على تكليف وزراء خارجيتهم بدراسة سبل إنشاء إطار مؤسسي للتعاون بين الدول الثلاث، وإنشاء صندوق تمويل مشترك لتنفيذ مشروعات تنموية في الدول الثلاث، وتشكيل ثلاث لجان: (سياسية، واقتصادية، واجتماعية- ثقافية)، تتولى لجنة الشؤون السياسية التنسيق بين أعمال اللجان الثلاث.
كما اتفق الرؤساء على عقد مشاورات على مستوى القمة سنويًا، والنظر فيما سيتم طرحه من مقترحات خلال اجتماعهم المقبل بعد ستة أشهر، والذي يتوقع الجميع أنه يكون حاسما في ملف مفاوضات سد النهضة المتعثر، الذي توقف عند مراجعة العقود الخاصة بالمكتبين الاستشاريين، وهو ما تم في مصر فعليا، بانتظار عقد الجلسة المقبلة في إثيوبيا، والتي ستدعو إليها أديس أبابا، حيث سيجرى خلالها التفاوض مع المكاتب الاستشارية لتخفيض قيمة مستحقاتها مع التعاقد مع المكاتب، التي يفترض أن تقدم تقاريرها نهاية العام الجاري على الأكثر.
وخلافا لما هو متوقع، خرج الاجتماع من دون أن يقدم جديدا في ملف سد النهضة المتعثر. وقد أشار وزير الخارجية سامح شكري إلى أن مصر ليست قلقة من مفاوضات سد النهضة، وأن نتائج الصدام العسكري ستكون سلبية؛ مضيفا أن خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي، أمس (20 02 2016) في منتدى الاستثمار الأفريقي، أكد الالتزام الكامل باتفاق المبادئ العامة حول قضية سد النهضة، وأن المفاوضات مع الجانب الإثيوبي حتى الآن تسير في إطارها الطبيعي.
وأشار شكري إلى أن ما تم إحرازه من اتفاق المبادئ - هو أول مستند قانوني يتعامل مع هذه القضية، وبتوقيعه أصبح هناك مستند قانوني يتناول هذه القضية في محدداتها وعناصرها المختلفة، ويتم وفقه التعامل مع هذه القضية، في إطار يتطابق مع الالتزامات المحددة له.
وأوضح وزير الخارجية المصري أنه لا توجد ميزانية محددة للصندوق، الذي تم إنشاؤه بين مصر والسودان وأثيوبيا، ولا يُتصور أن تكون حصيلته ضخمة، ولعله سيكون متواضعا في البداية، وفقا لإمكانات الدول الثلاث.
شكري أضاف أن مساهمة أي من الدول الثلاث تؤدي إلى تنفيذ المشروع في أراضيها، وأن أي مشروع يكون فيه تعاون ثلاثي، يمكن أن تساهم فيه الدول بالخبرات والموارد، ثم يتطور الصندوق بحصيلة أكبر، ويكون فعالا في إطار تنفيذه.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام ديسالين أن مصر ساهمت في النهضة الإفريقية، وأن إفريقيا أصبحت قارة متقدمة، بعدما كان يطلق عليها القارة المظلمة، لافتا إلى أن المنتدى سيساعد في الاستفادة من الفرص المتاحة في القارة الإفريقية.
وفيما يتعلق بسد النهضة، شدد ديسالين على التزام إثيوبيا التام باتفاق المبادئ، الذي جرى توقيعه في السودان في آذار/مارس الماضي؛ وذلك في رسالة طمأنة واضحة لمصر.
بدوره، توقع سفير الخرطوم في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم أن تعطي القمة الثلاثية قوة دفع جديدة للمسارات الفنية المتعلقة بمشروع سد النهضة؛ مشيرا إلى أن اللجنة القنصلية المشتركة بين مصر والسودان ستعقد اجتماعها في الـ28 من الشهر الحالي، غير أنه لم يحدد مكان انعقادها، لبحث ومناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك في مجال رعاية مصالح مواطني شعبي وادي النيل، وتذليل العقبات كافة، التي تواجه البلدين في هذا المجال.
وشدد الأمين العام المساعد السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية السفير أحمد حجاج على ضرورة أن تستغل مصر مكانتها السياسية في التأثير دبلوماسياً على العلاقات مع إفريقيا بوجه عام، وإثيوبيا بوجه خاص، لحل أزمة سد النهضة. ولفت إلى أن الجانب الإثيوبي لديه الآن وعي كامل بمخاوف الشعب المصري من مفاوضات سد النهضة، مؤكدا ضرورة التركيز على السياسة قبل اتباع النهج الاقتصادي في حل قضية سد النهضة.
بينما قال رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق اللواء نصر سالم إن لإثيوبيا حقا في التنمية لا ننكره، ولنا الحق في الحياة لا ينكره أحد، ومصر لا تستبق العداء مع أحد؛ لكن هناك متطلبات أمن قومي لا يمكن التنازل عنها، وإن مصر ستوظف في سبيل ذلك كل ما يحمي حقها من دون الجور على أحد، مشيدا بتقديم التنمية المشتركة كسبيل لحل الأزمة القائمة.
مصر توظف القوة الناعمة والمصالح المشتركة بذكاء شديد للحفاظ على حقها في مياه النيل، الذي يستشعر المصريون خطرا حقيقيا يتهدده. وبعدما استغرقت المفاوضات زمنا طويلا دون طائل حتى اللحظة، توظف الآن المصالح المشتركة والتنمية واللقاءات الدورية درء للمخاطر ودفعا لأي صراع محتمل بسبب الخلاف القائم.