اوروبا وواشنطن في عهد ترامب: خلافات وانتقادات علنية

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - يبدو ان العلاقات الاوربية الامريكية تتخذ مسارا جديدا بعد تبادل الانتقادات بين امريكا والاتحاد الاوربي .


يشير رئيس كتلة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي إلى أن الولايات المتحدة في ظل رئاسة دونالد ترامب تخلت عن دورها التقليدي "القيادي للعالم الحر".


وأكد مانفريد  فيبر، في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو"، أن النهج الأمريكي الجديد يفتقر إلى روح الشراكة، ويظهر توجها أنانيا في التعامل مع الحلفاء، لا سيما مع الشركاء الأوروبيين، كما تحولت إلى طرف تفاوضي يقدم مصالحه الذاتية على أي اعتبارات مشتركة.


من جهتها، اعتبرت إيراخي غارسيا، رئيسة كتلة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، أن الحديث المبالغ فيه عن تراجع أوروبا وتآكل مكانتها لا أساس له من الصحة، بل هو مجرد وهم يروج له تيار في الداخل الأمريكي يدعو إلى عزلة الولايات المتحدة وتحقيق مصالحها منفردة.


كما أشارت فاليري هاييه، رئيسة كتلة التجديد الأوروبي، إلى أن الوثيقة الأمريكية الجديدة للأمن القومي تظهر نية — صريحة أو غير مباشرة — لدعم القوى التي تسعى إلى إضعاف التضامن الأوروبي وزعزعة وحدة التكتل، من خلال تشجيع خطابات انفصالية أو مناهضة للتكامل داخل القارة.


ويأتي هذا التصعيد في لهجة النقد الأوروبي بعد إصدار البيت الأبيض للاستراتيجية الوطنية الجديدة للأمن القومي، التي دعت الدول الأوروبية صراحة إلى تحمل مسؤولية دفاعها بنفسها، وانتقدت ما وصفته بـ"التوقعات غير الواقعية" لدى بعض المسؤولين الأوروبيين حيال تطورات الوضع في أوكرانيا، بل واتهمتهم باتباع ممارسات تتناقض مع المبادئ الديمقراطية الأساسية، مثل تهميش صوت المعارضة.


ما سبب تدهور العلاقات بين أوروبا والإدارة الأمريكية؟


تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي!! 


لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف الدولية الرئيسية لأمريكا، بغض النظر عن النفوذ الفعلي أو المهارات الدبلوماسية لأي مُحاور.


والسؤال هو هل يوجد أي رجال أقوياء، باستثناء رئيس وزراء المجرـ فيكتور أوربان؟ من المؤكد أن أورسولا فون دير لاين وكايا كالاس لا يستوفون المعايير. كما لا ينطبق التقييم على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فهو مجرد "رجل لطيف". وكذلك لا ينطبق بالضرورة على المستشار الألماني فريدريش ميرز. أما رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني فهي الأقرب إلى هذا التصور، ومع ذلك، ربما لا تتمتع بالسلطة الكافية التي تناسب تقييم الإدراة الأمريكية. وتصدّر الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب عناوين الصحف مؤخرًا باعتباره السياسي الأوروبي الوحيد الذي يتحكم في نفسية الرئيس الأمريكي. ومع ذلك، فهو مجرد "رجل لطيف آخر".


ومن المفارقات أن هذا التقييم هو أحد أسباب تدهور العلاقات عبر الأطلسي بشكل دراماتيكي خلال رئاسة ترامب الثانية؛ حيث تنظر الإدارة الأمريكية الحالية عمومًا إلى أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة ومتدهورة اقتصاديًا واجتماعيًا وفاشلة في معالجة المشكلات الهيكلية الأكثر إلحاحًا. وتخسر أوروبا حربها ضد الهجرة غير الشرعية خسارة فادحة، وتتخلف في سباق التكنولوجيا. كما أن أوروبا عاجزة عن الدفاع عن نفسها عسكريًا، ناهيك عن الدفاع عن أوكرانيا. وباختصار فإن أوروبا تحتضر بسبب عجزها عن معالجة الاتجاهات الديموغرافية السلبية. وكل هذه الظواهر المقلقة تجعل القارة العجوز أقل جاذبية بكثير فيما يتعلق بالمصالح العالمية للولايات المتحدة. وتحولت أوروبا من حليف لا غنى عنه إلى كائن ضعيف يسهل الاستغناء عنه.


لنستعرض الفصل المخصص لأوروبا في استراتيجية الأمن القومي التي كشفت عنها إدارة ترامب مؤخرًا والذي يكشف رؤية الإدارة للقارة: "لقد اعتاد المسؤولون الأمريكيون على التفكير في المشاكل الأوروبية من منظور نقص الإنفاق العسكري والركود الاقتصادي. لكن السبب الحقيقي للتدهور الاقتصادي هو أنشطة الاتحاد الأوروبي والهيئات العابرة للحدود الوطنية التي تقوض الحرية السياسية والسيادة، وسياسات الهجرة التي تُغير القارة وتثير الصراعات، والرقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية وانخفاض معدلات المواليد وفقدان الهويات الوطنية والثقة بالنفس".


ورغم المبالغة في هذه الصورة فهي ليست خاطئة تماماً، فأوروبا غارقة في سلسلة من الأزمات وتفتقر إلى الرؤية ويغرقها جنون الصوابية السياسية. كما أن التناقض بين تباهي أوروبا وتأثيرها الحقيقي على الساحة الدولية مذهل. فلا عجب أن يلعب القادة الأوروبيون الآن دورًا هامشيًا في مفاوضات السلام المتعلقة بمستقبل أوكرانيا. وليس من المستغرب أن يكون "الأقوياء"، لا "الطيبون"، هم من يصغي إليهم الرئيس ترامب ويحظون بثقته.


هناك العديد من المجالات التي اتّضحت فيها الفجوة الأيديولوجية بين الولايات المتحدة وأوروبا بشكل أكبر. فاليوم يصوّر الرئيس الأمريكي وأنصاره أمريكا كمنقذة للمسيحية، في صراع إيديولوجي ضد العولمة. وفي هذه المواجهة ينظر المحافظون الأمريكيون إلى أوروبا الليبرالية كخصم لا كشريك، إن لم تكن تهديدًا صريحًا للحضارة الغربية. وتبدو روسيا في هذا الصدد أكثر انسجامًا مع ما يُسمى بقيم "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا". وفي نظر عديد من الجمهوريين المتطرفين يكمن الخلاص لأوروبا في صعود الأحزاب اليمينية في فرنسا أو ألمانيا أو إسبانيا: التجمع الوطني، والبديل لألمانيا، وفوكس، على التوالي.


وتتضح الفجوة الإيديولوجية أيضا في قضية المناخ؛ حيث شكك عديد من كبار المسؤولين الأمريكيين مؤخرًا في صحة البيانات العلمية في هذا الصدد. وما يعتبره معظم صناع القرار الأوروبيين مسارًا حتميًا نحو طاقة أنظف، يُعتبر لعنة على نظرائهم في الطرف الآخر من المحيط.


وبالمثل، يختلف النهج الأمريكي تجاه القانون الدولي عن النهج الأوروبي. فعندما سُئل وزير الخارجية ماركو روبيو الشهر الماضي عن العمليات العسكرية الأمريكية ضد تجار المخدرات في منطقة البحر الكاريبي، قال: "لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يملك صلاحية تحديد ماهية القانون الدولي، وما لا يملكون تحديده بالتأكيد هو كيفية دفاع الولايات المتحدة عن أمنها القومي".


وهنا يظهر بوضوح كيف تنأى الإدارة الأمريكية بنفسها عن الأمم المتحدة، وكيف تُشدد عقوباتها على قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وكيف تغض الطرف عن وحشية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. و"الدفاع عن الأمن القومي"، وفق روبيو، يطغى على كل الشكوك القانونية ويمكن استخدامه كحجة وجيهة في أي ظرف من الظروف.


كما يشكل اختلاف مواقف أمريكا وأوروبا تجاه التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي عاملًا آخر مثيرًا للانقسام. فبالنسبة للشركات الأمريكية، يمثّل هذا الأمر فرصة يجب اغتنامها وتجاوز عواقبها، بينما يمثّل الذكاء الاصطناعي تهديدًا لمعظم المجتمعات الأوروبية. فالأمريكيون يؤكدون أنه "ربما سنفقد بعض الوظائف، لكننا سنخلق المزيد"، لكن الأوروبيين ليسوا على نفس القدر من اليقين: "ربما سنخلق بعض الوظائف، لكننا سنفقد الكثير منها".


ومن اللافت للنظر أنه لا تزال الغالبية العظمى من الأمريكيين تساوي بين أوروبا وغربها. ولا يتعلق الأمر بأوروبا الغربية مقابل أوروبا الشرقية، بل بأوروبا مقابل مزيج من دول وشعوب ما بعد الاتحاد السوفيتي. ورغم انهيار الستار الحديدي قبل 35 عامًا، لكنه لا يزال راسخًا في عقلية عديد من الغربيين، سواءً كانوا أمريكيين أو فرنسيين أو بريطانيين أو ألمان.


إن المعضلة الأكثر إيلامًا التي تواجهها حكومات أوروبا الوسطى في الوقت الحالي هو شعورها بأن تواصلها مع إدارة الرئيس ترامب كحكومات أوروبية لا يثير مشاعر إيجابية لدى هذه الإدارة. كما أن لدى هذه الحكومات تساؤلات حول لعب دور "الرجال الأقوياء" من الشرق أم "الرجال الطيبين من باريس وهلسنكي. وهذا قد يربك علاقاتهم مع العواصم الأوروبية الكبرى.


في الواقع هناك دول قليلة، بل وقادة أقل، في أوروبا قادرون على سد هذه الفجوة، من خلال رعاية علاقات ممتازة باستمرار وفي آن واحد مع واشنطن وبرلين وبروكسل. وبولندا واحدة من هذه الدول، برئيس موال بشدة لأمريكا ورئيس وزراء موال بشدة لأوروبا.


وفي النهاية، للأسف، لا تسمح الطبيعة الحزبية العميقة للسياسة الداخلية للسياسيين البولنديين بأن يكونوا موالين لأوروبا وأمريكا على حد سواء، وهو نمط مألوف في التسعينيات عبر مختلف الأطياف السياسية. وعلى العكس من ذلك، تهيمن الآن التيارات المؤيدة لترامب والمعارضة له على الخطاب العام في وارسو. وعلى ما يبدو، وبموازاة ما حدث في الشرق الأوسط، إنها قاعدة عامة: لا نفوِّت فرصة لتفويت الفرصة.


ترامب ينتقد وأوروبا تحذره من التدخل في شؤونها


يجدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاداته الحادة إلى أوروبا معتبرا أنها "تسير في اتجاه خطأ"، الأمر الذي دفع رئيس المجلس الأوروبي إلى تحذيره من التدخل في الشؤون الأوروبية.


وبعد أيام من نشر إستراتيجيته الأمنية الجديدة التي تضمنت انتقادات حادّة لأوروبا بسبب قضية الهجرة، قال ترامب إن "أوروبا تسير في اتجاهات سيئة. إنها سيئة للغاية، سيئة للغاية بالنسبة للشعب".


وأضاف الرئيس الأميركي في تصريحات له الاثنين الماضي أمام فعالية مع المزارعين في البيت الأبيض أن بلاده لا تريد لأوروبا "أن تتغير كثيرا".


ولم يوضح ترامب ما يعنيه تحديدا بكلمة تغير مكتفيا بالقول "على أوروبا أن تكون حذرة للغاية في كثير من الأمور".


وجاء تصريح ترامب ردا على سؤال أحد الصحفيين عن الغرامة التي فرضتها المفوضية الأوروبية بملايين اليوروات على منصة التواصل الاجتماعي "إكس".


وندّد الرئيس الأميركي بالغرامة "الكريهة" التي فرضها الاتحاد الأوروبي على منصة "إكس" التي يملكها إيلون ماسك بقيمة 140 مليون دولار، مقرّا بأنه لا يعرف الكثير عن تفاصيلها، قبل أن يصعّد نبرته إزاء أوروبا.


وقال ترامب للصحفيين "انظروا، على أوروبا أن تكون في غاية الحذر. يقومون بالكثير من الأمور ونريد لأوروبا أن تبقى أوروبا".


واستطرد قائلا "هي تسير في اتجاهات خطرة، وهذا أمر بالغ السوء، سيئ جدا لشعوبها، ونحن لا نريد لأوروبا أن تتغيّر إلى هذا الحد وهم ينحون مناحي سيئة جدا".


على الجانب الآخر، حذر رئيس المجلس الأوروبي للزعماء الوطنيين، أنطونيو كوستا، إدارة دونالد ترامب من التدخل في شؤون أوروبا.


وفي تصريحات له نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، قال كوستا إن الإشارة إلى أن واشنطن ستدعم الأحزاب القومية في أوروبا غير مقبولة.


ونبه رئيس الوزراء البرتغالي السابق إلى "وجود خلافات طويلة الأمد مع ترامب حول قضايا مثل أزمة المناخ، لكنّ الإستراتيجية الأميركية الجديدة تجاوزت ذلك إلى ما لا نقبله وهو التهديد بالتدخل في السياسة الأوروبية".


وقال منتقدا "لا يهدد الحلفاء بالتدخل في الخيارات السياسية الداخلية لحلفائهم ولا يمكن للولايات المتحدة أن تحل محل أوروبا في رؤيتها لحرية التعبير ويجب أن تكون أوروبا ذات سيادة".


ويوم الجمعة الماضي نشرت إدارة الرئيس الأميركي ترامب إستراتيجية جديدة للأمن القومي تقوم على شعار "أميركا أولا".


وانتقدت الإستراتيجية بشدّة الحلفاء الأوروبيين، وقالت إن الولايات المتحدة ستدعم معارضي القيم التي يقودها الاتحاد الأوروبي ومنها تلك المتعلقة بالهجرة.


وتشير الإستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى.


وتقول إن "التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحا يتمثل بالمحو الحضاري، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون 20 عاما أو أقل".


وفي وقت يسعى فيه ترامب لوضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيدا من الأراضي، تتهم الإستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة التركيز على "محو الانطباع بأن الناتو حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع".


وينسجم موقف ترامب إزاء الاتحاد الأوروبي مع ذاك الذي يعتمده حليفه السابق إيلون ماسك الذي ما انفك يطلق تصريحات نارية بشأن الهجرة في الاتحاد الأوروبي.


ودعا ماسك بعد فرض غرامة على "إكس" إلى "حلّ" التكتّل الأوروبي، في تصريحات وصفتها بروكسل بـ"الجنونية بالكامل".


فهل تدرك اوربا انها اصبحت وحيدة رغم ان العديد من المسؤولين الاوربيين يتحدثون عن احلام وهمية لن تتحقق في ظل انقسام اوربي يتنامى داخل الاتحاد وفي ظل رؤية امريكا لاوربا التي تصفها بالضعيفة والفاقدة لاية استراتيجية مقبولة ؟

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology