انخفاض الأسعار يربك أسواق المال العالمية حيث امتدت للدول المستهلكة التي تخشى من أن يؤدي استمرار الانخفاض إلى السقوط في دوامة الانكماش.
لندن - افراسيانت - أربك الانحدار السريع لأسعار النفط العالمية جميع التوقعات وأدى الى تقلبات حادة في أسواق المال العالمية. وامتدت تداعيات ذلك من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة التي يخشى بعضها من السقوط في دوامة انكماش الأسعار.
فقد تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ نحو 6 سنوات لتواصل خسائرها بعد أن هبطت 5 بالمئة في الجلسة السابقة مع اشتداد المخاوف من تخمة المعروض واشتداد الأزمة المالية الأوروبية، التي تلقي بظلالها على نمو الطلب العالمي.
وفقد خام برنت نحو 3 بالمئة أمس لترتفع خسائره الى 8 بالمئة في جلستين، لينحدر تحت حاجز 52 دولارا للبرميل وسط تفاقم القلق من زيادة المعروض بعد أن خفضت السعودية أكبر منتج في أوبك أسعار بيع النفط الشهرية للمشترين الأوروبيين والأميركيين.
وزادت السعودية سعر البيع إلى آسيا لكن بعض المحللين يقولون إن خفض سعر الشحنات المتجهة لأوروبا يظهر حرص الرياض الشديد على حماية حصتها السوقية.
وبلغ سعر خام برنت نحو 51.23 دولار للبرميل في بداية التعاملات وهو أدنى مستوى له منذ بداية عام 2009. لكنه عاد إلى حاجز 52 دولارا للبرميل في نهاية التعاملات الأوروبية.
وأدى انخفاض الأسعار الى هزة عنيفة في أسواق المال العالمية، امتدت للدول المستهلكة التي تخشى من أن يؤدي انخفاض أسعار الطاقة الى السقوط في دوامة انكماش الأسعار.
وضرب التراجع الحاد في الأسعار جميع التكهنات في عودة الأسعار الى الارتفاع بعد أن تؤدي الى تقليص انتاج النفط الصخري، وهي المعركة المفتوحة التي يسعى إليها كبار منتجي أوبك بقيادة السعودية.
وأقر الأمين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري بعجز أوبك عن فهم ما يحدث في الأسواق، حين أكد أنه لا أحد يستطيع تقديم تنبؤات دقيقة بشأن مستقبل أسعار النفط في ظل التغييرات السريعة في ظروف السوق وتفاعل المنتجين والمستهلكين معها.
وتملك دول الشرق الأوسط احتياطيات مؤكدة من النفط الخام تقدر بنحو 865 مليار برميل تمثل نحو 58 بالمئة من احتياطيات العالم. كما تملك نحو 86 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي تعادل نحو 43 بالمئة من الاحتياطات العالمية.
ويرى المحللون المتشائمون أن المتعاملين في السوق النفطية لا يزالون يختبرون الوصول إلى قاع سعري للنفط بين 37 و42 دولارا للبرميل، كي يبدأ التلأثير الحاسم على إنتاج النفط الصخري.
ولم يستبعدوا فرضية أن يواصل سعر برميل النفط الخام تراجعه هذا العام قبل أن يعود بعدها إلى الارتفاع ليستعيد الأسعار الطبيعية له قرب 100 دولار.
وقالوا إن الولايات المتحدة تضغط في اتجاه توفير مصادر الطاقة البديلة وتقليل الطلب على النفط الخام التقليدي، لكن نفط الشرق الأوسط سيحتفظ بمزاياه النسبية ومنها ارتفاع الجودة ورخص تكلفة الاستخراج.
في تلك الأثناء قال العاهل السعودي الملك عبد الله في كلمة ألقيت نيابة عنه أمس إن الرياض ستتعامل مع تحدي انخفاض أسعار النفط “بإرادة صلبة” لكنه لم يشر إلى أن أكبر بلد مصدر للخام في العالم، يدرس تغيير سياسة الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية في مواجهة تنامي إمدادات النفط الصخري الأميركي.
وقال كارستن فريتش محلل السلع الأولية في كومرتس بنك “نحتاج إلى مؤشر على أن السعودية تدرس خفض الإنتاج.” وعززت شركة الحفر الأميركية كونوكو فيليبس الاتجاه النزولي للأسواق بإعلانها العثور على النفط للمرة الأولى في مشروع في الجزء النرويجي من بحر الشمال.
وتضاءلت آفاق نمو الاقتصاد العالمي مع هبوط اليورو لأدنى مستوياته منذ عام 2006 وبيانات تظهر نموا أضعف من المتوقع للصناعات التحويلية في الولايات المتحدة.
وسجلت الصادرات العراقية أعلى مستوياتها منذ عام 1980 في ديسمبر بحسب وزارة النفط وذلك بفضل مبيعات قياسية من مرافئ الجنوب. كما ارتفع إنتاج روسيا من النفط إلى أعلى مستوى له منذ انهيار الاتحاد السوفيتي خلال العام الماضي.
وتسارعت وتيرة تراجع سعر النفط مع ارتفاع الدولار أمام اليورو في ظل مخاوف المستثمرين من احتمال خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة.
وقال مايك فيتنر مدير الأبحاث في بنك سوسيتيه جنرال في نيويورك إن “السوق ستواصل التأثر بالأسس الضعيفة خلال النصف الأول من العام الحالي”.
وكانت أرامكو السعودية قد خفضت سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف إلى شمال غرب أوروبا 1.50 دولار للشحن في فبراير مقارنة بالشهر السابق، لتضعه عند متوسط أسعار خام برنت منقوصا منه 4.65 دولار للبرميل.
وقال جين ماكجيلان كبير المحللين في مؤسسة تراديشن إنرجي في ولاية كونيتيكت إن “هذه الخطوات تعزز الاعتقاد بأن السعوديين لا يريدون أن يفعلوا شيئا لإعادة توزان مستويات الأسعار. إنهم يريدون الحفاظ على حصتهم في السوق.”
ورفعت أرامكو أسعار البيع الرسمية لخامها العربي الخفيف الى المشترين في آسيا، وهي أكبر اسواقها الإقليمية، في حين خفضت السعر الرسمي للخام العربي الخفيف إلى زبائن الولايات المتحدة للشهر الخامس على التوالي.