افراسيانت - مهند العدم - مع اقتراب موعد انعقاد الاجتماع التحضيري لمؤتمر السلام الدولي في باريس، تخيّم الشكوك حول قدرة المؤتمر الدولي المقترح على إحداث إنفراجة تحرّك عملية السلام المتعثّرة منذ زمن، وإنقاذ حلّ الدولتين من الموت.
ينعقد المؤتمر في وقت يتضاءل فيه الأمل بالوصول إلى اتفاق سلام وفق رؤية "حل الدولتين"، بفعل الممارسات الإسرائيلية الرامية للقضاء على مشروع الدولة الفلسطينية، باستمرارها بالاستيطان وضمّ المزيد من الأراضي وفرض الإجراءات القمعية بحق الفلسطينيين.
عضو اللجنة التنفذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور واصل أبو يوسف قال في حديث مع "القدس" دوت كوم، "إن منظمة التحرير تؤكد على أهمية انعقاد المؤتمر لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية"، معتبرًا أن التمهيد لعقد المؤتمر يأتي في الاتجاه الصحيح من أجل فرض إرادة المجتمع الدولي لإيجاد حل حقيقي ينهي الاحتلال.
وبيّن أن عقد أي مؤتمر دولي لا بدّ وأن يضمن إنهاء الاحتلال وفق سقف زمنيّ محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان ومصادر الأراضي، مضيفًا "هذا ما نأمل من المجتمع الدولي فرضه لإنهاء الاحتلال".
وأوضح أبو يوسف "حتى الآن لا يوجد شيء نهائي لما سيُطرح في المؤتمر، وما قيل حتى الأن مجرّد أفكار، ونحن نأمل من المجتمع الدولي أن يكون لديه إرادة حقيقية وجهد فاعل لوقف الاحتلال وإنهائه".
وحول إمكانية العودة للمفاوضات، قال أبو يوسف "نحن الآن نتحدث عن إرادة دولية لوضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وهذا ما نسعى إليه، وهذه الجهود لن تسقط الاستراتجية الفلسطينية الساعية لوضع حد للاحتلال، من خلال التوجّه لمجلس الأمن أو منظمات حقوقية أو محكمة الجنايات الدولية".
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يرى في حديث لـ "القدس" دوت كوم، "أن المؤتمر يمثّل الفرصة الأخيرة للمجتمع الدولي لإنقاذ حل الدولتين، مشيرًا إلى أن التصريحات الفرنسية والأوروبية تشير بوضوح إلى أن رؤية حل الدولتين بدأ بالتلاشي، وبالتالي تسعى فرنسا مع الشركاء الأوروبين وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية للحفاظ على هذا الخيار قائمًا بعقد المؤتمر.
ويعتقد عوكل أن هذه المحطة الدولية الجديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن تؤدي إلى فتح عملية السلام، لكنّها قد تضيف مواقف متقدمة من قبل المشاركين تدعم القضية الفلسطينية، واصفًا المؤتمر بالتكرار لتجربة مؤتمر "أنابوليس" للسلام.
ويشدد عوكل على أن منح عملية السلام فرصة جديدة ممكن حين تقرر إسرائيل تبديل مخططاتها وتصحح اتجاهاتها نحو إيجاد حل.
ويأتي المؤتمر في ظل مساع فلسطينية كانت تتجه نحو أروقة مجلس الأمن والمنظمات الدولية لاستصدار قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي وتحريك ملفات في محكمة الجنايات الدولية، حيث يعتقد بعض المحللين أن توقيت المؤتمر جاء لثني الفلسطينيين عن هذا التوجّه، إلا أن عوكل يرى أن المؤتمر سيكون بمثابة سحب الذرائع من المجتمع الدولي باتجاه أي خطوة فلسطينية مستقبلًا إذا لم يحقق المؤتمر تقدّمًا بالنسبة للحقوق والمطالب الفلسطينية، الأمر الذي يمكّنهم من التوجه إلى مجلس الأمن أو محكمة الجنايات أو غيره من الخيارات الفلسطينية المطروحة دون ضغوط من المجتمع الدولي.
ولفت عوكل إلى أن تأجيل هذه الخطوات الفلسطينية إلى ما بعد المؤتمر وما سينتج عنه، لن يؤثر على الخيارات الفلسطينية بقدر ما سيدعمها في حال فشله بعد سحب الذرائع من المجتمع الدولي بمنح فرصة لتحقيق السلام من خلال المفاوضات.
ويرى عوكل أن الظرف الاقليمي بات أفضل للفلسطينيين، خاصة مع التحرك السعودي المصري التركي في المنطقة وتفعيل التحالف ضد الإرهاب ومواجهة إيران، ورغبة السعودية بتولي زمام الأمور حول القضية الفلسطينية، حيث يضغط هذا التحالف على المجتمع الدولي لحثّ إسرائيل لتحسين طريقة تعاملها مع عملية السلام، مشيرًا إلى أن هناك محادثات تدور لإعادة طرح مبادرة السلام العربية.
من جهته، قال المختص في الشؤون الإسرائيلية انطوان شلحت في حديث مع "القدس" دوت كوم "إن الموقف الإسرائيلي العام من المؤتمر مرفوض قطعيًا، وأن رؤية إسرائيل للسلام هي من خلال التوصل إلى حل بالمفاوضات الثنائية وليس فرض حل من الخارج، لذلك ترفض إسرائيل بشكل قطعي عقد المؤتمر".
ويعتقد شلحت "أن المؤتمر لن يؤدي إلى استئناف المفاوضات بين الجانبين باعتبار أن القضية لم تعد متوقفة على الإسرائيليين فقط؛ فالقيادة الفلسطينية ترفض إجراء مفاوضات دون تلبية شروطها، الأمر الذي يحول دون وجود مفاوضات قريبة ترغب إسرائيل في استئنافها لمجرد التفاوض وتخفيف الضغوط عنها".
ويعتقد المحلل السياسي عبد الرحمن الحاج كما قال في حديث لـ "القدس"دوت كوم أن غياب طرفي الصراع عن حضور المؤتمر لن يؤدي سوى إلى المزيد من الوقت الضائع بالنسبة للفلسطينيين، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن المؤتمر لن يكون مخوّلًا بصلاحيّات تجبر إسرائيل على تنفيذ التزاماتها.
ويخالف الحاج ما ذهب إليه عوكل حول طبيعة الظرف الإقليمي العربي الحالي، معتبرًا أن الظرف الحالي هو "الأسوأ" منذ احتلال فلسطين، حيث تشهد البلدان العربية أزمات ومشاكل أمنية داخلية، فيما باتت دول الخليج تعاني أزمات اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط، الأمر الذي يجعل الموقف العربي "ضعيف وغير مؤثر".
بالتزامن مع صحيفة القدس