افراسيانت - الناصرة - “رأي اليوم”- من زهير أندراوس - شنّ الإعلام العبريّ في إسرائيل على مختلف مشاربه هجومًا سافرًا على تركيّا منذ أمس السبت بعد العملية الإرهابيّة التي وقعت أمس السبت في شارع الاستقلال في اسطنبول، واتهمّها بدون رتوشٍ بأنّه لا يحّق لها الشكوى لأيّ جهةٍ أو فئةٍ أوْ دولةٍ، إنمّا عليها أنْ تلوم نفسها فقط، وبحسب المُحللين للشؤون السياسيّة في الإعلام الإسرائيليّ فإنّ الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان، الذي منذ أنْ اعتلى السلطة في البلاد، قام بأسلمة الدولة التركيّة، التي كانت علمانيّةً، الأمر الذي أدّى، بحسبهم، إلى زيادة التطرّف الراديكاليّ الإسلاميّ في تركيّا، على حدّ تعبيرهم.
واللافت، أنّ الهجوم، لم ينبع بأنّ الإرهابيّ استهدف مجموعةً من الإسرائيليين، بل لأنّ تركيّا الإسلاميّة والمُتطرّفة، بحسب أليكس فيشمان، مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، باتت دولةً خطيرةً للغاية، ونقل فيشمان عن مصادر أمنيّة في تل أبيب، وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، نقل عنها قولها إنّ العملية الإرهابيّة أمس السبت هي أوّل الغيث، وأنّه بحسب المعلومات المُتوفرّة لدى الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة والأجهزة الصديقة، فإنّ تركيّا مقبلة على موجةٍ من العمليات الإرهابيّة.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّ اتهام الميليشيات الكرديّة بالمسؤولية عن العمليّة، هو اتهام لا توجد له صلة بالمرّة مع الواقع، لافتةً إلى أنّ التنفيذ كان من إنتاج وإخراج التنظيم الإرهابيّ (داعش).
وأشار فيشمان إلى أنّ مسلحي حزب العمال الكردستاني لا ينفذون عمليات ضدّ سياح، وإنمّا يستهدفون قوات الأمن التركية والمؤسسات الحكومية، بينما عناصر تنظيم القاعدة أو “داعش” يستهدفون السياح وأهداف يهودية مثلما حصل في بروكسل وباريس، على حدّ قوله.
من ناحيته، قال تسفي يحزقيئيلي، مُحلل الشؤون العربيّة في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ إنّ طباخ السم لازم يذوقه، مُشدّدًا على أنّه منذ اندلاع الأزمة السوريّة قبل خمس سنوات بالتمام والكمال، قامت تركيّا بقيادة أردوغان بتسهيل دخول وخروج أعضاء التنظيمات الإرهابيّة إلى سوريّة، كما أنّ تركيّا قامت بتزويد (داعش) بالأموال، عندما اشترت النفط السوريّ المسروق منه.
وبرأي المُحلل فقد انقلب الساحر على السحر، وتحوّل تنظيم (داعش) إلى تنظيم مُعادٍ لأردوغان، لأنّه رأى فيه زعيمًا مُسلمًا يُقيم علاقات صداقة وشراكة مع المسيحيين ومع اليهود أيضًا، على حدّ تعبيره، وبالتالي، زاد المُحلل، أراد (داعش) وما زال يُريد أنْ ينتقم من أردوغان الذي قام في الفترة الأخيرة بـ”رفع يده” عن دعم التنظيم الإرهابيّ، وكانت النتائج، عمليات إرهابيّة مًتواصلة. من ناحيته، لفت المُحلل بن درور يميني في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، نقلاً عن مصادر سياسيّة عليمة في تل أبيب، لفت إلى أنّ الإرهابيّ الذي فجرّ نفسه في مجموعة سياحيّة إسرائيليّة لم يكُن على علمٍ بأنّهم يهود من إسرائيل، وأنّ كلّ محاولة لربط العمليّة الإرهابيّة بكون عددٍ من الضحايا إسرائيليين، هي محاولة بائية ويائسة، على حدّ تعبيره.
في السياق عينه، عقد رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤتمرًا صحافيًا خاصًّا، في ساعةٍ متأخرةٍ من ليل السبت، على خلفية الهجوم الانتحاريّ في إسطنبول، مؤكّدًا مقتل إسرائيليين اثنين في الهجوم وإصابة نحو 11 آخرين. وقال نتنياهو، الذي وصل إلى غرفة الطوارئ الخاصة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنّ الخارجية تقيم اتصالاً مباشرًا مع السلطات التركية. وأضاف نتنياهو في حديثه إنّ إسرائيل تجري فحصًا إنْ كان الهجوم الانتحاري موجّه ضد إسرائيليين.
وأضاف نتنياهو أنّ مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية، كان قد أصدر تحذيرًا بعدم السفر إلى تركيا، على خلفية الاعتداءات الإرهابية التي تضرب البلد، وتابع أنّ الوزارة ستُشدد التحذير، لا سيما بعد الحادث الأخير. وتطرق رئيس الحكومة، في حديثه، إلى مساعي المصالحة مع الجانب التركي، مشيرًا إلى أنّ الدولة العبريّة تقيم اتصالات مكثفة مع الأتراك في الأشهر الأخيرة، بهدف تطبيع العلاقات بين الطرفين، إلّا أنّ التأخير في التوصل إلى اتفاق يعود إلى مواضيع جوهرية يجب الاتفاق عليها، على حدّ تعبيره.
وألمح نتنياهو إلى عدم وجود تعاون في المجال الاستخباراتيّ بين تل أبيب وأنقرة، دون أنْ يتطرّق إلى السبب في تردّي التنسيق الأمنيّ بين البلدين. وشدّدّ الإعلام العبريّ على أنّ تركيا تشهد توترًا كبيرًا بعد أنْ هزتها 6 انفجارات كبيرة منذ شهر تموز (يوليو) من العام الماضي.
وقُتل أكثر من 200 شخص في موجة الاعتداءات هذه. وبحسب المصادر الإسرائيليّة، فإنّ أربعة من الهجمات، من ضمنها هجوم يوم أمس السبت، نُسبت إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” بينما تم تحميل مجموعات كردية مسؤولية تنفيذ العمليتين الأخريين.
في السياق عينه، أثارت مسؤولة في حزب العدالة والتنمية التركي ضجة في تركيا وإسرائيل بعد أنْ نشرت تغريدة على موقع “تويتر” تمنت فيها الموت للإسرائيليين الذي أصيبوا السبت في هجوم إسطنبول. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة إنّ حزب العدالة الحاكم اتخذ إجراءات عقابية ضد إيرام أكتس، التي تتولى العلاقات العامة في أحد المكاتب المحلية في الحزب بإسطنبول، عقب التغريدة.
وأوقع التفجير أيضًا أكثر من 36 جريحًا بينهم إسرائيليون، الأمر الذي دفع جهاز الإسعاف الإسرائيلي إلى استئجار طائرتين لإرسالهما إلى اسطنبول لإجلاء الجرحى الإسرائيليين.
علاوة على ذلك، أجمع المُراقبون في إسرائيل على أنّ العملية الانتحاريّة أمس، تُشكّل ضربّة قاصمةً للسياحة التركيّة، خصوصًا وأنّها وقعت في أحد الشوارع الأكثر شعبيّة للسياح وهو شارع الاستقلال باسطنبول.