مجلة أفراسيا

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


افراسيانت - علا التميمي - في الوقت الذي تفاوض فيه السلطة الفلسطينية لتسليم ما بقي من أراض فلسطينية في الضفة للجانب الإسرائيلي، تمارس السلطة سياسة الصمت المطبق تجاه أفعال التهويد والتدمير الممنهج والمدروس التي يمارسها الإسرائيليون في القدس المحتلة. مخطط يهدف إلى طرد الفلسطينيين المقيمين في المدينة واستبدال مستوطنين بهم، تنفذه إسرائيل بحذر وعناية، في ظل جو مواتٍ من التغطية الإعلامية التي توفّرها حكومة الضفة. والعاقبة الأسوأ لهذا المشروع، إن نجح، ستكون إخراج القدس من ذاكرة الشعب الفلسطيني بعد مدة من الزمن، لتتحول إلى المدينة الحلم التي وعد اليهود بها في التوراة.


القدس المحتلة | في مقاله «المحذوفون من السرد التاريخي»، يقول بشارة دوماني إﻥ ﺍﻟﻬﻮﺱ باﻷﺭﺽ ﻭمستلزمات ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ تطلبا تغييب ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ بالصمت، عندما تعلق ﺫلك بتركيب ﺍﻟﺴﺮﺩياﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭيخية. ﻭهذا ﺍﻟﺼﻤت ﻻ يعود، ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﺇﻟﻰ نقص ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ بشأن ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ، بل هو باﻷﺣﺮﻯ، ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇنتاﺝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ نفسها. ﺇﻥ هذا الحذف الاستطرﺍﺩﻱ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ خفوت تأثيره بمرﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ، تغلغل ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎباﺕ ﺍﻷكاﺩﻳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍء خلال ﺍلقرﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﺍنتهى به ﺍﻷﻣﺮ، منذ ﻋﺸﺮﻳﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺇﻟﻰ ﺗﻀﻴﻴﻖ ﻣﺠﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺇﻟﻰ حد كبير، ﻭﺍنشغاﻟﻬﺎ باﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺮسمي بشأﻥ البلد.


بالتوازي مع تغييب السكان من السرديات التاريخية والكتابات الأكاديمية من ناحية نظرية – معرفية، تجعل بلدية القدس والقوانين الإسرائيلية المتخصصة في مصادرة الأراضي وتهجير السكان وضبط التوازن الديموغرافي في القدس لمصلحة المستوطنين، وانشغال السلطة الفلسطينية بالمفاوضات، من هذا التغييب المتعمد تغيباً ذا طابع عملاتي، محولاً بذلك سكان القدس البالغ عددهم حتى العام الجاري 284,000 شخص، في عداد مهجري الحاضر والمستقبل، الذين لا نراهم أو نسمع عنهم في الرواية الفلسطينية الرسمية حينما تقرر إدانة أو شجب سياسة الاستيلاء على المكان في القدس.


أخيراً، في 31 أكتوبر 2013 وزعت طواقم مشتركة من بلدية الاحتلال في القدس المحتلة والقوات الإسرائيلية عشرات إخطارات الهدم الإدارية في حيي رأس خميس وشحادة، بمحاذاة مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة، حيث علقت بلدية الاحتلال أوامر هدم إدارية على 200 مبنى سكني، ويضم كل مبنى ما بين 20 إلى 40 شقة سكنية، تؤوي نحو 15 إلى 16 ألف نسمة.


تأتي تلك الإخطارات بمثابة هدية عرفان ومحبة من رئيس بلدية القدس نير بركات لـ«وجهاء بيت حنينا» اللذين استقبلوه قبل عشرة أيام من توزيع تلك الإخطارات. في المقابل، وفي اليوم نفسه، نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني، تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو بشأن موافقة الحكومة الإسرائيلية على بناء 1500 وحدة سكنية في حي رمات شلومو خلف الخط الأخضر بالقدس الشرقية، فضلاً عن إضافة غرف إلى البيوت القائمة في الحي الاستيطاني ومشروعين سياحيين جديدين، أحدهما قرب أسوار البلدة القديمة من القدس المحتلة، والثاني في منطقة الشيخ جراح وسط المدينة.


في هذا السياق، يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن إجمالي الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون جراء عمليات الهدم لمبانيهم في القدس قد وصلت إلى نحو ثلاثة ملايين دولار، وهي لا تشمل مبالغ المخالفات المالية الطائلة التي تفرض على ما يسمى «مخالفات البناء». بالإضافة إلى أن سلطات الاحتلال تصدّق شهرياً على ما يزيد على 3000 وحدة سكنية في المستوطنات الإسرائيلية.


كذلك فإن الجدار يعزل نهائياً نحو 37 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ثلاثمئة ألف نسمة، بحيث تتركز أغلب التجمعات في القدس بواقع 24 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ربع مليون نسمة، وقد حرم الجدار أكثر من 50 ألفاً من حملة هوية القدس، الوصولَ والإقامة في القدس.


إن الغياب الواضح، وربما المتعمد، لأي رواية رسمية من قبل السلطة الفلسطينية حول سياسة الاستيلاء على المكان وتغيير الجغرافيا، إنما يخدم الخطاب الصهيوني حول القدس، الذي يختلط فيه التاريخ الديني للمدينة بالتاريخ الدنيوي (كما تسميه أستاذة علم الجريمة والعمل الاجتماعي في الجامعة العبرية نادرة شلهوب)، وذلك لتبرير رسم حدود جغرافية جديدة للمدينة وبناء معايير ديموغرافية مصطنعة، لتشكل بذلك دعامة أساسية في السياسة الصهيونية نحو المدينة وسكانها، حيث ألغت السلطات الإسرائيلية إقامة نحو 14,000 فلسطيني في القدس في الفترة بين 1967 ومنتصف عام 2010 لضمان التفوق الديموغرافي للمستوطنين الذين يبلغ عددهم 200,000 نسمة.


استمرار عمليات التهجير والهدم والمصادرة وبناء الوحدات الاستيطانية بنحو مكثف وممنهج ما هي إلا محاولة لمداراة قلق الجغرافيا التوراتية وفلسطين المتخيلة التي تسكن الهاجس الصهيوني، ليس فقط حول القدس، بل حول فلسطين بأكملها. فالوجود الفلسطيني في القدس هو بمثابة زعزعة لأطروحات الجغرافيا التوراتية، وتشكيك حيّ في المزاعم التاريخية المتوارثة في أن فلسطين هي الجغرافيا الممثلة للنصوص التوراتية. الاستيطان وهدم المنازل وتشريد السكان في هذه الحالة، وكما يقول إدوارد سعيد يختلق جغرافيا وذاكرة للمكان لتلبية حاجات الغزو والسيطرة. سياسة إعادة اختراع وإنشاء فضاء جغرافي جديد يدعى العاصمة «أورشليم»، مع اهتمام ضئيل بالجغرافيا الواقعية وسكانها (رسم خرائط وغزو وضم أراض في ما أطلق عليه الروائي «جوزيف كونراد» الأماكن المظلمة على وجه الأرض، والأكثر ازدحاماً بالسكان مثل الهند وفلسطين)، ما هي إلا الصيغة العمليّة الأكثر وضوحاً لما تقوم به الجرافات الإسرائيلية على جانبي المدينة، ففي الجانب الشرقي تهدم الجرافات 100 بيت فلسطيني، لتعود في اليوم التالي لحفر أساسات بناء ألف وحدة استيطانية جديدة.


تغييب مهجري القدس عن الرواية الرسمية الفلسطينية يسهل من مهمة الحركة الصهيونية في الاستمرار بإعادة تشكيل جغرافية فلسطين، ومواءمتها مع الأطروحات الجغرافية التوراتية، التي روجت لعملية مصادرة 35 بالمئة من أراضي القدس الشرقية لتطوير المستوطنات الإسرائيلية، وهدم أكثر من 2,000 منزل تقريباً في القدس منذ عام 1967.


«بدهم يقتلونا بالحيا»


يقول أبو سامر أحد السكان المقدسيين الذي هدم بيته في تشرين الأول من عام 2011 عن الجنود الإسرائيليين، إنهم حتى عندما هدموا بيته الذي تعب كثيراً في تجميع المال لبنائه، تدخلوا ليضايقوه ويمنعوه من الجلوس على حجر سقط منه. «بدهم يقتلونا بالحيا.. يا مستورة هدوا البيت على يللي فيو، وأنا انهدّ حيلي. قعدت على حجر من هالحجارة، وصار الجندي يصيح: «تزوز ميكان... تزوز ميكان... ماهر... زوز»، يعني تحرك زيح... قلتله هادا إلي البيت هدتوه... كمان الحجر ممنوع نقعد عليه».


شهادة أبو سامر ليست الأولى ولا الأخيرة من نوعها؛ فهي تختصر الآلاف من الحكايات التي وثقت، والتي لم توثق في أحيان كثيرة عن بيوت هدمت وشرد أصحابها وأصبحوا يعيشون في الكهوف، كما في حالة خالد زيد الحسيني وأسرته الذين اضطروا إلى الانتقال للعيش في كهف، بعد أن هدمت الجرافات الإسرائيلية بيته في القدس الشرقية.


في الكهف القريب من حي سلوان في القدس المحتلة، تملأ رائحة القمامة المكان، وتنتشر بعض قطع الأثاث، يقول الحسيني وهو يحمل أصغر بناته الست التي تبلغ من العمر ثمانية أشهر: «كنا نائمين واستيقظنا في الساعة السادسة صباحاً على صوت جرافات بلدية القدس القادمة إلى منزلنا». وأضاف: «أعطونا خمس دقائق فقط للخروج قبل هدم المكان».

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


افراسيانت - محمد العمر - في حرم الأقصى الشريف ومن أمام قبة الصخرة، وداخل المدينة المقدسة المقطعة الأوصال تتوالى محاولات التهويد،تارة عبر المنظمات اليهودية المتطرفة كـ (أبناء جبل الهيكل)، و(كاخ) و(حيلو خيام) وتارة أخرى عبر الحفريات حول الحرم وأسفله ،في محاولة لإثبات موقع هيكل سليمان المزعوم ، لذا يجتهد علماء الآثار في إثبات يهودية موقع قبة الصخرة، ويجرون الحفريات المستمرة أملاً في تأكيد تفسيرهم، إلا أن معظم الحفريات كشفت عن آثار أموية ورومانية مؤكدة هذه الاكتشافات من جديد التناقضات الإسرائيلية عندما أعلن علماء الآثار المتواجدين هناك عدم عثورهم على ما يثبت التاريخ العبراني في موقع قبة الصخرة أو المسجد الأقصى، والمقدسيون بالتالي يعرفون أن ما يحدث هو مجرد حجج ومسوغات مزيفة تبرر الحفريات الإسرائيلية التي بدأت في كل اتجاه من محيط المسجد الأقصى،حيث هناك نوعان من الحفريات:


حفريات سطحية في الجهة الجنوبية والجهة الغربية، وحفريات تحت المباني القائمة، وهي ما يسمى بالنفق المشؤوم الذي ذهب ضحيته المئات من الفلسطينين .


ويحدثنا التاريخ اليوم عن المدينة القدس التي تعد أقدم مدن العالم، حيث أسسها الكنعانيون (الفلسطينيون) قبل خمسة آلاف سنة وكانت مساحتها في نهاية فترة الانتداب البريطاني سنة 1948م حوالى 19,5 ألف كم2، أما اليوم فلا تتجاوز مساحتها 600 كم2، ويحيط بها حزامان من المستعمرات الإسرائيلية، الحزام الأول، خارجي يضم 18 مستعمرة صهيونية.


أما الحزام الثاني، وهو حزام داخلي فيضم 16 مستعمرة وقد ابتلعت إسرائيل 90 في المائة من أراضي مدينة القدس، ولم يبق للمقدسيين إلا 10 في المائة من تلك الأراضي، وتخطط اليوم أن تمد حدود القدس إلى حدود البحر الميت شرقا .


.إن التخطيط الإسرائيلي للعملية الاستيطانية ليس على مستوى المسجد الأقصى لوحده، ولكن أيضاً هو عبارة عن عملية ربط الخارج مع الداخل بحيث يتم ربط المستوطنات الجديدة التي بنيت في أماكن مختلفة في محيط القدس الشرقية،مع قلب المدينة، ومن ثَمَّ ربطها أماكن العبادة اليهودية مثل: حائط ساحة البراق، وما إلى ذلك من مباني دينية يهودية تم إفرازها بعد عدوان الـ 67


سياسة صهيونية ممنهجة


تتصاعد الصيحات والنداءات اليوم من أن المسجد الأقصى المبارك يواجه خطر انهياره بين لحظة وأخرى بفعل ظواهر جيولوجية طبيعية أو صناعية نتيجة أعمال الحفريات التي ينفذها الاحتلال تحت أساسات المسجد ، وما الانهيار الذي حدث في إحدى الشوارع الرئيسة بحي سلوان إلا مؤشراً واضحاً على بدء تأثر المنطقة بالعوامل الجيولوجية الطبيعية أو الصناعية.


طبعاً يأتي هذا في ظل التصاعد الملحوظ لعمليات الاقتحام والاعتداءات من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية، وبشكل متواصل وممنهج، سياسة محاصرة المراكز السكنية في القدس بأطواق استيطان لتحقيق أهدافه السياسية بتغيير الهوية العربية للمدينة، وخلق واقع جيوسياسي جديد للسيطرة على الأرض والتحكم بالتطور والنمو السكاني في أنحاء المدينة.


وبهدف تحقيق ذلك يقوم بشكل متزايد بانتهاك جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، شملت حرية العبادة والمساس بالمقدسات، ومنع النشاطات والفعاليات المدنية، وإغلاق المؤسسات ومصادرة أراضي المقدسيين وكثف عمليات الاستيطان، وانتهك حرية الأفراد العامة.


مسح الهوية الفلسطينية


تعتمد السياسة الإسرائيلية داخل المدينة القدس على محاولة منح المقدسيين الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي تنتفي الهوية العربية للمدنية المقدسة،، ونظراً لرفض الفلسطينيين حمل الجوازات الإسرائيلية ، فان إسرائيل تضيق عليهم الخناق في تراخيص البناء لإبقاء التوازن الديموغرافي في القدس لصالح اليهود،أما المسجد الأقصى فحاله أيضا بالويل !


فقد أعلن أمام وسائل الإعلام قاطبة بأنه قد يتعرض للهدم في أي وقت بسبب الحفريات الهائلة التي تقوم بها سلطات الاحتلال تحت أساساته، علما بأنها قد هدمت حي المغاربة المجاور للمسجد، والذي كان يحتوي على 125 بيتا عربيا ومسجدا تاريخيا صغيرا، كي توسع الميدان أمام حائط المبكى.


وهناك الكثير من الدلائل والقرائن تؤكد أن "إسرائيل" هدمت ودمرت مئات المنازل في القدس، وأقامت لها مباني أخرى لأغراض متعددة لم تعوض لأصحابها،ناهيك عن الإجراءات الإسرائيلية التي قامت بها منذ احتلال القدس من إقامة مئات المستوطنات وتدمير أملاك لأوقاف إسلامية وتجريدها من طابعها الديني..


وكل هذه الإجراءات تخالف القوانين الدولية وتنتهكها بصورة صارخة، ومع ذلك فإن المجتمع الدولي المتمثل بالدول الغربية لا تزال تعتبر "إسرائيل" الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وتقف إلى جانبها وتعتبر بعض هذه الدول أنها تدافع عن نفسها، مع أنها دولة محتلة غاصبة لأراض أخرى.


ذر الرماد في العيون


بات من الواضح انه منذ تسلم بنيامين نتنياهو حكومة العدو،زادت عمليات الاستيطان والتهجير للمواطنين الفلسطينيين أضعاف عما كانت عليه في السابق، هذا فضلا عن الانتهاكات والاعتداءات الوحشية اليومية المتمثلة في الاقتحامات المتكررة للأقصى المبارك ومنع أبناء القدس من دخوله.


لتتلازم هذه الهمجية مع موقف أمريكي منحاز لـإسرائيل" اتضح مثلا من خلال زيارات متعددة أمريكية للمنطقة، ففتحت باباً واسعاً أمام سلطات الاحتلال للاستمرار في توسيع المستوطنات في القدس والضفة الغربية عموماً، وثبت أن تصريحات الرئيس باراك أوباما لوقف الاستيطان ليست أكثر من ذر للرماد في العيون ، ليثبت مؤخراً وجود العديد من المؤسسات والهيئات المدنية في أمريكا التي تمول الاستيطان لإقامة وحدات استيطانية في القدس الشرقية ومحيطها، والاستيلاء على بيوت وأملاك المقدسيين بالتحايل والتزوير، وتقف على رأس ذلك جمعيات يهودية كبرى، لتكون جميع النتائج مشروعا إسرائيليا يرمي إلى محاصرة الفلسطينين ،وتضييق الخناق عليهم وحصرهم في حدود القدس القديمة، مع توسيع حدود القدس الغربية بصورة قسرية حتى تميع الهوية المقدسية في مشروع ما يسمى بالقدس الكبرى .


لذا المجتمع الدولي والحكومة الإسرائيلية يجب أن تدرك أن جميع القوانين والإجراءات والأعمال التي تعدها وتفرضها قوات الاحتلال لا تحمل أي صفة شرعية أو قانونية بل هي خرق وانتهاك للقوانين والشرائع الدولية وقرارات الأمم المتحدة وان الفلسطينين سيبقوا متمسكين بحقوقهم في الأراضي المحتلة منذ عام 1948 ولم يتنازلوا عن أي حق من الحقوق بما فيها تحرير أراضيهم حتى حدود 1967 وإقامة دواتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة مطالباً الموقف العربي المجتمع الدولي لان يتحمل مسؤولياته كاملة تجاه ما يحدث في فاسطين من تهويد للأرض والهوية العربية داعينه بذلك لاتخاذ الإجراءات الكافية بوقف عمليات الاستيطان الإسرائيلي وايقاق ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من إجراءات تعسفية تجاه الفلسطينيين.


إذا إن ما تتعرض له القدس (عاصمة المدائن) اليوم يدعونا إلى أن نستشعر الخطر المحدق بهذه المدينة المقدسة عاصمة الثقافة العربية الأبدية من انتهاكات مخالفة لكل القوانين والأنظمة الدولية.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


افراسيانت - حنا عيسى - منذ قيام دولة "إسرائيل" وحكومات الاحتلال المتعاقبة تسير وفق مخطط ممنهج وشامل لتهويد مدينة القدس المحتلة، يرتكز هذا المخطط على الاستيطان بكافة أشكاله من بؤر وتجمعات استيطانية، ومصادرة الاراضي والمنازل العربية ومنحها للمستوطنين، وزيادة اعداد المستوطنين والمتطرفين في المدينة المقدسة، وذلك كله على حساب الارض العربية الفلسطينية وسكانها المقدسيين، وحضارة القدس وتاريخها وعروبتها، حيث أضحت القدس تختلف عما كانت عليه قبل عقود.


ومن أجل تحقيق هدفها الأبرز بالسيطرة الكاملة على مدينة القدس المحتلة، عملت على توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقاً وشمالاً، وذلك بضم مستوطنة "معاليه أدوميم" كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل "عنتوت، ميشور، أدوميم، كدار، كفعات بنيامين" من الجهة الشرقية، "والنبي يعقوب، كفعات زئييف، والتلة الفرنسية، كفعات حدشا، كفعات هاردار" من الشمال، فالسياسة التي اتبعتها "إسرائيل" أدت إلى مضاعفة عدد المستوطنين، وفي نفس الوقت قللت نسبة السكان الفلسطينيين، حيث بلغت نسبة المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة حوالي 300.000 مستوطن.


ولا تتوقف حدود هذه المستوطنات عند الشكل الذي أقيمت عليه، بل يجري توسيعها باستمرار وتوجيه المستوطنين إليها، حتى أن بلدية الاحتلال في القدس، والتي تهدم كل بيت عربي يتم بناؤه بدعوى البناء بدون ترخيص، تسمح للمستوطنين الصهاينة القيام ببناء عشوائي في إي مكان يستطيعون الاستيلاء عليه، ثم تتولى البلدية تنظيم الأبنية، وتحويلها إلى مستوطنة، وتتولى أيضا الدعوة إلى الاستثمار فيها وتوسيعها. وفي أطار التضييق على توسيع البناء العربي في القدس، كانت سلطات الاحتلال قد أعلنت عن مساحات خضراء داخل وحول الأحياء العربية في المدينة، يمنع البناء بها بأي شكل، وعندما لم تعد تتوفر مساحات واسعة للاستيطان، قفزت سلطات الاحتلال والمستوطنون نحو المساحات الخضراء التي تبين أنها تركت كاحتياط استراتيجي للاستيطان، يحقق عدة أهداف، منها الدمج النهائي بين شطري القدس، وتحويل الأحياء العربية إلى غيتوات مغزولة، ثم تفتيتها إلى وحدات سكنية صغيرة جدا فارغة في بحر من المستوطنات والمستوطنين، يسهل اقتلاعها لاحقا لإنجاز تطويق نهائي للقدس وتهوديها.


يشار الى أن عدد المستوطنات في القدس حسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس، أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في محافظة القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.


ويعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة مصادرة الأراضي المملوكة للفلسطينيين من أجل توسيع مستوطناته، وبالتالي تضييق الخناق على الوجود العربي في مدينة القدس، وقد تم خلال العقود الماضية مصادرة الآلاف من الدونمات في القدس ومحيطها ومازالت هذه السياسة متبعة من قبل الإحتلال. وفي ذات السياق فإن الإحتلال قام بسلسلة من الخطوات من أجل السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي القدس، فمنذ العام1967م، قام قائد المنطقة الوسطى آنذاك رحبعام زئيفي بالتنسيق مع موشي ديان وزير الحرب الإسرائيلي في ذلك الوقت، بضم أراضي 28 قرية ومدينة فلسطينية، وإخراج جميع التجمعات السكانية الفلسطينية من حدود المدينة. وفي العام 1993م، بدأت مرحلة أخرى من تهويد القدس، وهي عبارة عن رسم حدود جديدة لمدينة القدس الكبرى، (المتروبوليتان)، وتشمل أراضي تبلغ مساحتها 600 كم مربع أو ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، هدفها التواصل الإقليمي والجغرافي بين تلك المستوطنات لإحكام السيطرة الكاملة على المدينة.


كما وتعتبر سياسة تهجير الفلسطينيين من مدينة القدس أحد الوسائل المعتمدة لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في مدينة القدس، وقد وضعت الحكومات المتعاقبة لدولة الاحتلال مخططات من أجل ذلك، نتبين ذلك من خلال :


التصريحات التي أعلنها رئيس الوزراء (شارون) بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لاحتلال القدس الشرقية، والتي واصل فيها أكاذيبة بالإعلان عن أن القدس ملك لإسرائيل وأنها لن تكون بعد اليوم ملكا للأجانب.


ما أعلنه شيمون بيرز بضرورة التهجير الجماعي للفلسطينيين من مدينة القدس والذين يقدر عددهم بنحو 240 ألف مواطن.


بيان صادر عن مجلس وزراء دولة الاحتلال بعنوا " خطة تنمية القدس" تضم تنفيذ مخطط استيطاني جديد يشمل هدم 68 مسكنا فلسطينيا وتشريد 200 عائلة من سكانها بحي البستان في بلدة سلوان.


كما يشمل تنشيط المنظمات اليهودية المتطرفة لجذب أموال اليهود الأمريكيين من الأثرياء لشراء ممتلكات في القدس في صفقات مشبوهة.


مشروع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يشترط الاعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية مستقبلا، بهذه الإجراءات تحاول دولة إسرائيل باستماتة فرض الأمر الواقع على الأرض، وإدخال قضية القدس هذه المرحلة الخطيرة، كما تشكل هذه الإجراءات انتهاكا صارخا للقرارات والقوانين الشرعية الدولية، حيث ينص قرار مجلس الأمن 242 على أن القدس الشرقية والضفة الغربية والقطاع، ضمن الأراضي العربية المحتلة عام 1967.


مما يقتضي عودة إسرائيل إلى حدودها، وهو ما شملته أيضا رؤية بوش وخريطة الطريق والمبادرة العربية.


كما عملت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية لشؤون القدس لعام 1973 برئاسة غولدا مائير والتي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيون في القدس 22% من المجموع العام للسكان، لذلك فقد لجأت سلطات الاحتلال إلى استخدام الكثير من الأساليب لتنفيذ هذه الوصية والتي كان آخرها سحب الهويات من السكان العرب في القدس.


E1 أخطر المشاريع الاستيطانية...


يعتبر مشروع E1 من أخطر المشاريع الاستيطانية التهويدية التي تستهدف مدينة القدس المحتلة وتواصلها مع الضفة الغربية، صادقت عليه حكومة الاحتلال اول مرة عام 1999م، يشمل مساحات للسّكن والسياحة والتجارة والخدمات المنطقية ومقبرة إقليمية، ويقع إلى الشمال من منطقة البناء في (معاليه ادوميم)، ويهدف الى خلق تواصل يهودي بين مستوطنة (معاليه ادوميم) والقدس، وسيشكل عازلا إسرائيليا في عمق الضفة الغربية ليفصل منطقة رام الله في الشمال عن بيت لحم في الجنوب، ويفصل القدس الشرقية عن باقي الأراضي الفلسطينية، وتكمن خطورته في انه سيؤدي في نهاية المطاف إلى حرمان القدس الشرقية من ا?خر المناطق المتبقية التي تكفل لها النمو والتطور الاقتصادي في المستقبل، اضافة لسيطرة إسرائيل على ملتقى الطرق الرئيس الواصل بين شمال الضفة وجنوبها، اضافة لعزل القدس الشرقية بصورة دائمة عن بقية مناطق الضفة الغربية، وتقسيم الضفة ا?لى قسمين، ناهيك عن القضاء على ا?ية فرصة لتطبيق حل الدولتين وإقامة عاصمة الدولة الفلسطينية في القدس الشرقية.


ومشروع E1 يستهدف ما يقارب 12 ألف دونم من اراض القدس والضفة الغربية، تتفرع خارطته الهيكلية رقم 420/4 لتشمل مساحات تقع شمال شارع القدس-أريحا (شارع رقم1) وأراضيَ أخرى تقع جنوب الشارع، بالقرب من تقاطع شارع رقم 1 مع شارع 417 وغربي شارع 417، حيث أنشأت إسرائيل مجموعة من المستوطنات غير القانونية في جميع ا?رجاء هذه المنطقة من ضمنها معاليه ا?دوميم، علمون، كفار ا?دوميم، ا?لون، كيدار والمستوطنة الصناعية ميشور ا?دوميم، حيث بلغ إجمالي عدد المستوطنين الإسرائيليين القاطنين في هذا التجمع الاستيطاني41,700مستوطن، ومستوطنة معاليه ا?دوميم هي المستوطنة الأكبر من بين المستوطنات المذكورة حيث يصل عدد سكانها ا?لى 36,000 مستوطن وتبلغ مساحة منطقة نفوذها 50 كيلومترا مربعا، وهو ما يعادل مساحة منطقة نفوذ مدينة تل ا?بيب.


الآثار المترتبة على الاستيطان اليهودي في القدس...


يمكن اجمال الاثار المترتبة على الاستيطان في القدس المحتلة بما يلي:


مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات.


تطويق التجمعات السكنية الفلسطينية والحد من توسعها الأفقي والعمودي لاستيعاب التزايد الطبيعي للشعب الفلسطيني.


تهديد بعض التجمعات السكانية الفلسطينية بالإزالة، وخاصة تلك التي تعترض تنفيذ المخطط الإسرائيلي الرامي إلى دمج العديد من المستوطنات المحيطة بالقدس.


إبقاء فلسطيني مدينة القدس وضواحيها في حالة خوف ورعب معزولين عن شعبهم ووطنهم بشكل دائم، من خلال الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل المستوطنين المدججين بالسلاح والمحميين من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود.


عزل مدينة القدس وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب والشرق.


فصل شمال الضفة عن جنوبها، والتحكم في حركة الفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.


قطع التواصل الجغرافي بين أنحاء الضفة الغربية وتقسيمها إلى بقع متناثرة، وبالتالي الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافيا.


تشويه النمط العمراني الرائع للقدس العتيقة والقرى الفلسطينية المحيطة، الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وذلك بإدخال النمط العمراني الحديث.


الاستيطان والقانون الدولي...


هناك إدانة منتظمة لسياسات وممارسات إسرائيل الاستيطانية من قبل الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الأوروبي باعتبارها عائقاً كبيراً أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، حيث ان هذه المخططات والمشاريع الاستيطانية تتناقض مع القانون الدولي، وخصوصاً معاهدة جنيف الرابعة حول حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، حيث تنتهك السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية المادة 49، الفقرة 6 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكّانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها. ولا يقتصر هذا البند، كما تُجادل إسرائيل، على النقل القسري بل يشمل الوضع الذي تعمل فيه القوة المحتلة بنشاط ومن خلال مجموعة من الحوافز السياسية والاقتصادية لتشجيع سكانها على الاقامة والسكن في الأراضي المحتلة، وبذلك تغيير صفتها الجغرافية والديمغرافية.


كما تنتهك إسرائيل البنود الأخرى للقانون الإنساني الدولي، وخصوصاً (1) المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصّة، إلاّ إذا اعتبرت ضرورية للعمليات العسكرية، (2) والمادة 46 من أنظمة لاهاي التي تحظر مصادرة الممتلكات الخاصّة، (3) والمادة 55 من أنظمة لاهاي التي تُجبر القوة المحتلة على إدارة الأراضي المحتلة وفقاً لقواعد حق الانتفاع (هذا البند مهم حينما يتعلق الأمر بفحص الممارسات الإسرائيلية تجاه الموارد الطبيعية للأراضي المحتلة مثل المياه).


وفي حالة القدس، فإن الضم الذي تدعيه إسرائيل للقدس الشرقية يعني حرمان سكّانها من الحماية التي توفرها لهم معاهدة جنيف الرابعة، بصورة مناقضة للمادة 47. وقد ازدادت المشكلة سوءاً عندما أضيف إلى حدود المدينة الموسّعة مناطق كبيرة من ضواحي المدينة، وبذلك تم حرمان سكّان هذه المناطق من مزايا المعاهدة حيث تم فعلياً دمج المناطق والمستوطنات داخلها في إسرائيل. إضافة إلى كون المستوطنات انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، فان السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية تخرق أيضاً عدداً من المبادئ المهمّة للقانون الدولي. فباقامة المستوطنات لغرض تعزيز الادّعاء بامتلاك مناطق في الضفة الغربية وغزة، تعمل إسرائيل بصورة مناقضة لمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة. وهذا مبدأ مهم في القانون الدولي حيث أوضحت الأمم المتحدة في قرار مجلس الأمن رقم 242 أنه ينطبق على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. كما أوضحت الأمم المتحدة بصورة منتظمة أن سياسات وممارسات الاستعمار الإسرائيلي تُشكّل عقبات خطيرة في طريق التوصّل إلى حل شامل، وعادل ودائم في الشرق الأوسط. وعلى إسرائيل واجب دولي بالامتناع عن القيام بأعمال تجعل حل النزاع الدولي أكثر صعوبة.


وتنتهك سياسات وممارسات الاستيطان الإسرائيلي المادة 31 (7) من الاتفاقية الانتقالية التي تطلب من كلا الجانبين عدم بدء أو اتخاذ أية خطوة ستعمل على تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة بانتظار نتيجة مفاوضات الوضع الدائم. وهذا يتطلّب وقف كافة النشاطات الاستيطانية، سواء كانت إقامة مستعمرات جديدة، توسيع المستوطنات الموجودة، أو بناء جديد داخل المستوطنات الموجودة.


ووفقاً للقانون الدولي، يجب على إسرائيل تقديم تعويضات عن الانتهاكات للقانون الدولي التي أحدثتها سياساتها وممارساتها الاستيطانية. وهذا يتطلّب من إسرائيل إزالة المستوطنات وسكّانها وتعويض المالكين عن مصادرة وتدمير ممتلكاتهم.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


افراسيانت - إبراهيم شرارة - ذات يوم من العام 2008، وقع بين يدي رشا سلطي بالصدفة، في أثناء عملها في بيروت، كتيّبٌ يجمع صور لوحات وأسماء فنانين شاركوا في تظاهرة فنيّة ضخمة، حملت اسم «المعرض التشكيلي الدولي من أجل فلسطين» يعود تاريخه إلى العام 1978. احتفظت القيّمة والباحثة بصورٍ عن الكتيّب في أرشيفها الخاص.


في الفترة ذاتها، تصل كريستين خوري إلى بيروت. وهي قيمة ثقافية وباحثة لبنانية الأصل، كانت قد أنهت دراسة تاريخ الفن في «جامعة شيكاغو»، وانتقلت لتعمل في عمان.


جمعت صدفة العمل المشترك في ذلك العام بين الباحثتين. ومع العمل، نشأت بينهما صداقة أضاف الشغف بتاريخ الفن في العالم العربي سحراً خاصاً إليها.


بدأت رشا سلطي وكريستين خوري بحثاً مشتركاً حول تظاهرة الأونيسكو الفنية الأولى في لبنان، التي عقدت في العام 1975، وهي مستوحاة من فكرة طرحها الكاتب الفرنسي أندريه مالرو عن الـ«متاحف بلا جدران». هذه الفكرة ستظهر مرّة أخرى في بحثهما الذي سيقررّان الانطلاق به، بعد قليل.


إذ لمّا عرضت سلطي على خوري اكتشافها الخاص، أي كتيّب المعرض، اتضح أنه سيصير بعد هذا اليوم دليلهما في رحلة اكتشاف تاريخ ما كان يُفترض أن يصير «متحف فلسطين الدائم».


وجدت الباحثتان في الكتيّب ما تسمّيانه «مجموعة ثمينة من الأدلة»، شكّلت مدخلاً للبحث: لائحة بأسماء المشاركين في المعرض، لائحة ثانية بأسماء اللوحات، وثالثة بأسماء أشخاص استحقوا الشكر.


أجرت الباحثتان مقابلة مع الفنانة الفلسطينية منى السعودي التي ورد اسمها في الكتيّب. وكانت السعودي تتولى مسؤولية إدارة قسم الفنون التشكيلية في مكتب الإعلام الموحّد في «منظمة التحرير الفلسطينية» في فترة تنظيم المعرض. لكن الباحثتين عادتا من اللقاء بقصصٍ صغيرة لا تكشف تاريخاً.


سألتا أشخاصاً آخرين، من دون نتائج تذكر.


كأن المعرض سقط من ذاكرة أهل ذاك الزمن.


في بحثٍ سابق لسلطي تناول تاريخ الملصق السياسي في العالم العربي، تردّد اسم عز الدين القلق مراراً. هذا اسمٌ محوري، سيطلّ هو أيضاً بعد قليل في حياة الباحثتين.


وفي البحث ذاته، ورد اسم كلود لازار: فنان فرنسي شهير، كان صديقاً لعز الدين القلق، وارتبط اسمه بفلسطين.


في كتيب المعرض يرد اسمه أيضاً.


لا بدّ من السفر إلى باريس، إذاً.


جمعت الباحثتان المستقلتان بعض المال وسافرتا. طلبتا موعداً من لازار. استقبلهما سريعاً، فتغيّر كل شيء. إذ أخرج الفنان الفرنسي من أرشيفه صوراً، ومقتطفات من الصحف، ووثائق قديمة، كان وزّعها في علبٍ ثلاث.


في هذا اللقاء، فتح لازار أمام الباحثتين علبه الثلاث التي ظلّت مقفلة طيلة ثلاثين عاماً.


من باريس .. إلى بيروت


ترك عز الدين القلق دمشق التي وصلها لاجئاً في العام 1948، وسافر إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا في العام 1964. انضمّ إلى «حركة فتح» في أثناء دراسته، وانتخب رئيساً لـ«اتحاد طلبة فلسطين» في فرنسا سنة 1969، في الفترة التي كان فيها التعاطف اليساري مع الثورة الفلسطينية يتبلور ويتعمّق في الأوساط الفرنسية. وبعد اغتيال المناضل محمود الهمشري في العام 1973 على يد المخابرات الإسرائيلية، عيّن القلق ممثلاً لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» في باريس.


كانت باريس في تلك الفترة تغلي. المدينة التي عاشت للتوّ ثورة العام 1968 صارت عاصمة للمناضلين الحقوقيين والمثقفين الهاربين من الاضطهاد. برزت في تلك الفترة حركات فنيّة سياسية، من بينها ما بعرف بـ«الرسامين الشباب»، أو «Jeune Peinture». مثّلت الحركة مظلّة لمجموعات مستقلة، تناضل من أجل قضايا العمال والبيئة وحقوق المرأة وضد الحرب في فييتنام.. فتشكّلت مجموعة تضمّ رسامين عرباً وأجانب قضيتهم الأساسية فلسطين. من بين هؤلاء، كان الفنان الفرنسي الشهير كلود لازار.


لم تكن مجرّد صدفة تلك التي جمعت القلق بلازار، لكون القلق اهتم بالتواصل مع المثقفين الذين اتخذوا باريس مقراً لنضالاتهم. نسج علاقات مع فنانين يساريين من العالم، وارتبط اسمه بـ«كرّاسات السينما» أو « Les Cahiers De Cinema». نظّم زيارات لسينمائيين في لبنان وسوريا والأردن، ثم في فلسطين، فصنعوا فيلماً عنها بعنوان «شجرة الزيتون». وفي العام 1973، بعدما أطاح بينوشيه بسلفادور أليندي، تعرّف القلق على مجموعة فنانين من تشيلي تنضوي تحت إطار «Jeune Peinture». قرّر هؤلاء تنظيم تظاهرة فنّية مقتبسة من فكرة «متحف بلا جدران»، تكريساً لذكرى ألندي ورفضاً للدكتاتورية الناشئة في تشيلي. قامت الفكرة على جمع لوحات من فنانين عالميين، لتشكل متحفاً يسافر حول العالم، إلى أن يسقط نظام بينوشيه، فيعود المتحف إلى حيث يفترض أن يكون: تشيلي الحرّة.


أعجب عز الدين القلق بتجربة التشيليين: هذه فكرة مناسبة تماماً لفلسطين.


هذه هي رواية كلود لازار.


روايةٌ أخرى تنقلها الباحثتان عن الفنان الفلسطيني سليم سلامة.


أنهى الشاب سلامة اللاجئ في سوريا دراسته الجامعية في العام 1972، وانتقل منها إلى بيروت. التحق بدائرة الإعلام الموحّد التابعة لـ«منظمة التحرير الفلسطينية»، وأسّس قسم الفنون التشكيلية الذي تسلّمت مسؤوليته بعده الفنانة منى السعودي. في العام 1973، شارك في مؤتمر الفنانين العرب في بغداد، الذي أسفر عن تأسيس «اتحاد الفنانين العرب».


طرح سلامة على المشاركين في المؤتمر أن تستضيف متاحف الفن الحديث في العالم العربي لوحات لفنانين فلسطينيين، كاعتراف وتأكيد على وجود فلسطين.
لم تلقَ فكرة سلامة قبولاً في المؤتمر.


بعد عام، حمل فكرته معه، وانتقل إلى فرنسا لمتابعة دراسته. في باريس، التقى بعز الدين القلق، فأعاد طرحها عليه.


روايتان من بين روايات كثيرة يلتقي معظمها عند اسم واحد: عز الدين القلق.


تبنّى الرجل الفكرة. اتصل بمنظمة التحرير، وبدأت مسيرة الإعداد للمعرض الذي تقرّر أن يكون ملحقاً بقسم الفن التشكيلي في مكتب الإعلام الموحد، بدلاً من المكتب الثقافي.

كنز فلسطين الذي اختفى
التاريخ: 21 آذار من العام 1978.
المكان: قاعة جمال عبد الناصر في «جامعة بيروت العربية».


في الخارج، أخبارٌ يتناقلها شبان وشابات عن خطوط المواجهة مع العدو الإسرائيلي الذي اجتاح جنوب لبنان، وأصوات طائرات حربية تحلّق فوق سماء بيروت. وفي جانب آخر من المدينة، مقاتلون يتجهّزون عند خطوط تماس رسمتها حرب أهلية صار عمرها الآن ثلاث سنوات.


دقائق تفصل الجمهور عن الحدث المرتقب.


يفاجئ أبو عمار الجميع بحضوره بين حشد من الفنانين والإعلاميين والمثقفين من جميع أنحاء العالم، لافتتاح «المعرض التشكيلي العالمي من أجل فلسطين».


بعد أشهر من هذا اليوم، وتحديداً في الثاني من آب 1978، ستغتال المخابرات الإسرائيلية عز الدين القلق في باريس، المدينة التي بدأ منها رحلة التحضير للمعرض، قبل أن تستكملها الفنانة منى السعودي التي تولت إدارة قسم الفن التشكيلي في العام 1977.


يتذكّر الفنان الفلسطيني ناصر السومي، في شهادة له حول المعرض، أن فنانين ونقّاداً من بلاد عربية وأجنبية حضروا للـــمشاركة في الافتتاح. يذكر من بينهم الناقد الفرنســـي ميشيل تروش، والفنان الإيطالي باولو غانا والفرنسي كلود لازار.


بحسب بطاقة الدعوة التي حملها المدعوّون، سيستمر هذا الحدث الثقافي حتى الخامس من نيسان. في السابع من نيسان، أجرت جريدة «النداء» لقاء مع كلود لازار، «أحد الفنانين التشكيليين الفرنسيين المشتركين في المعرض المقام حالياً في جامعة بيروت العربية»، ذكرت في مقدمته أن المعرض «يستمر حتى الخامس والعشرين من هذا الشهر»!
هذا تفصيل من تفاصيل كثيرة سيكون من الصعب التثبت من صحتها اليوم.


تفصيل آخر أكثر أهمية يظلّ غامضاً حتى الآن:


في كتيّب المعرض، أسماء 177 فناناً وفنانة من 28 دولة، تبرّعوا بـ194 لوحة وعدد من المنحوتات. لكن الكتيّب وحده ليس دليلاً كافياً لإحصاء عدد لوحات «متحف فلسطين». فهو طبع قبل الانتهاء من تجهيز المعرض. وفي الأسابيع التي تلت الافتتاح، أضيف إلى اللوحات التي عرضت عدداً كبيراً من الأعمال التي أحضرها أصحابها أو أرسلوها لتنضم إلى لوحاته. منها، مثلاً، 20 عملاً قدمها فنانون شاركوا في «موسم أصيلة الثقافي الأول» في المغرب خلال العام نفسه، ويذكر ناصر السومي منها أعمالاً للفنانين محمد عمر خليل ورودولفو أبولاراج.


انتهت محطة بيروت، وبدأت رحلة المعرض حول العالم.


في العام نفسه، سافرت بعض اللوحات إلى اليابان لتعرض في جناح خاص في متحف طوكيو للفن الحديث. وبعد عام، عرض جزء من اللوحات في معرض طهران للفن الحديث. وفي العامين 1981 و1982، أقيم معرضان في النروج، ضمّا لوحات لفنانين فلسطينيين شاركت في معرض بيروت.


في صيف العام 1982، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي العاصمة ودمّرتها. قصف المبنى الذي كان يضمّ مكتب الإعلام الموحد، مقابل جامعة بيروت العربية.. اختفت الوثائق الخاصة بالمعرض، أو أتلفت. ومعها، اختفى المعرض الذي كان يفترض أن يشكّل نواة «المتحف الفلسطيني الدائم».


متحف بأبواب كثيرة


تعود رشا سلطي وكريستين خوري إلى المرحلة التي سبقت افتتاح المعرض. ترويان ما توصّل إليه بحثهما في الظروف التي رافقت الإعداد له. في غياب المعلومات الوافية، توصّلتا إلى أن شبكة علاقات هائلة ومتداخلة أسهمت في تأمين مشاركة عالمية واسعة.


بحثتا في القواسم المشتركة بين أسماء الفنانين المشاركين. بعضهم كان ينتمي إلى مجموعات فنية من مختلف أنحاء العالم. مجموعات «ملتزمة» يتداخل في عملها النشاط الفني بالسياسي، توّلت مهام «التعبئة على الأرض». مستوى آخر من الاهتمام ساهم في نجاح المعرض: تفعيل نشاط ممثلي «منظمة التحرير» في عدد كبير من الدول، كما في أوروبا الشرقيّة مثلاً. بعض خيوط البحث قادت إلى اليابان (التي شارك منها عدد كبير من الفنانين)، وتحديداً إلى العلاقة الخاصة التي جمعت بين «الجيش الأحمر» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«منظمة التحرير». خيط آخر قاد إلى جمعية فنون يابانية آسيوية افريقية لاتينية، وهي جمعية فنية يابانية «عالمية» تستثني من اهتمامها أوروبا وأميركا الجنوبية.


وإلى هذه العلاقات، أدّى الأصدقاء المشتركون في هذه الشبكات دوراً في تشجيع فناني العالم على المشاركة.


هذه الشبكة هي واحدة من اهتمامات البحث الذي تجريه رشا سلطي وكريستين خوري، فهي تعيد الاعتبار للعلاقة بين الجنوب وبين الشمال، وبين الشرق وبين الغرب. تلك العلاقة التي جمعت بين مناضلين متساوين في التزامهم السياسي والإنساني.


البحث فتح باباً آخر: تعيد الباحثتان اليوم كتابة تاريخ المعرض من خلال علاقته بالمعارض والنشاطات الثقافية التي أقيمت في تلك الفترة.


هذه بعض ملامح التاريخ المشترك بينها:


في العام 1973، قرّر اتحاد الفنانين العرب، الذي تشكّل في العام نفسه، إقامة معرض كل عامين. أقيم المعرض الأول في بغداد سنة 1974، والثاني في الرباط سنة 1976. كشف البحث عن لوحات لفنانين عراقيين عرضت في بغداد وقدمت هديّة إلى متحف فلسطين. ومن الرباط أيضاً، سافرت لوحات لفنانين عرب لتستقر في معرض بيروت.


لا ينتهي البحث هنا. يقود كتيّب المعرض إلى إيطاليا. تاريخ آخر تتشابك خيوطه مع تاريخ معرض بيروت. برزت في تلك الفترة مجموعة فنانين مستقلين اهتمّت بقضيتي تشيلي وفيتنام. تعرفت المجموعة على فلسطين في مطلع السبعينيات وتبنّت قضيتها. قادتها إلى ذلك العلاقات التي جمعت بينها وبين «الرسامين الشباب» في باريس.


في العام 1976، قدّمت المجموعة عملاً في الساحات العامة بطلب من «معرض فينيسيا»، وأهدته إلى «تل الزعتر»، المجزرة التي وقعت في العام نفسه. بعض لوحات هذا العمل سنجدها بعد عامين في بيروت.


تتابع الباحثتان الإمساك بخيوط الشبكة. تنتقلان إلى تاريخ المتحف الخاص بتشيلي، ثم إلى متحف الفن ضد الفصل العنصري، ومنه إلى نشاطات ومعارض أخرى جمعت أعمال فنانين عالمين ناضلوا ضد الإمبريالية، من كوبا إلى فيتنام إلى النضال ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا.


ولهذه العلاقات امتداد آخر، فنّي هذه المرة. إذ تشرح الباحثتان باختصار عن التيارات الفنّية التي كانت سائدة في العالم في تلك الفترة. اليسار الراديكالي في أوروبا الغربية مثلاً، كان يقول إن الفن التجريدي برجوازي. وأقسى الراديكالية حينها كان يقتضي الالتزام بالفن التصويري. السريالية كان لها حيزّ خاص، وهو حيز راديكالي يساري أيضاً. وفي الجانب الخاضع للاتحاد السوفياتي من أوروبا الشرقية، كان الفن الذي يحظى بموافقة «الحزب الشيوعي» هو فن الواقعية الاجتماعية، أما التجريدي فكان يعتبر فناً برجوازياً كذلك.


في المقابل، جنوباً، كما في المغرب مثلاً، بعد الاستعمار أو في بدايات الاستقلال، كانت النظرية السائدة تقول إن الفن في هذا البلد إما فطري أو تصويري. فنانو المغرب الراديكاليون رفضوا هذا التوصيف. وخلافاً ليساريي الشمال، تبنّى يساريو المغرب الفن التجريدي، بوصفه اللغة الجديدة المستقلّة في الفن.


هذا عالمٌ آخر أتاحه معرضٌ أقيم من أجل فلسطين، جاور تيّارات الفن ومدارسه على جدران قاعة واحدة، في بيروت.


جميع هذه الأبواب وسواها، ستُفتح في قاعةٍ في متحف برشلونة للفن المعاصر، في مطلع العام المقبل. إذ تقوم فكرة المعرض الذي تنوي الباحثتان تنظيمه على اكتشاف العوالم المتداخلة التي تناولها البحث في تاريخ «المعرض التشكيلي الدولي من أجل فلسطين»، من دون الخوض في مصيره. ومن برشلونة، تأملان أن ينتقل معرضهما إلى بيروت وباريس وفلسطين.


إلى ذلك الحين، تظلّ لوحات «متحف فلسطين» مجهولة المصير. 19 لوحة منها فقط عادت إلى الحياة، كما يسجّل السومي في شهادته التي يعرض فيها مسعاه في كشف هذا المصير، مع منى السعودي وغيرها ممن تولّوا مسؤولية الحفاظ على اللوحات. وحتى لا تتلاشى الذاكرة التي راحت تفاصيل ذلك الزمن تسقط منها، هذه دعوةٌ توجّهها الباحثتان لكل من يمتلك معلومة حول المعرض الذي أقيم قبل أكثر من 35 عاماً، لمراسلتهما عبر العنوان الإلكتروني التالي:


عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


افراسيانت - نبيـل عـودة - من اشكاليات أدبنا الفلسطيني داخل اسرائيل ، محدودية الجانر الروائي في ابداعنا المحلي. لا اعني بتعبير محدودية عدم وجود اعمال روائية او غياب الجانر ألروائي انما ما اعنية ان الرواية في ادبنا الفلسطيني داخل اسرائيل لم تأخذ مكانها كلون ادبي له وزنه ومكانته ، كما هي الحال في القصة القصيرة عامة والشعر على وجه التحديد..


يمكن الإشارة الى عدد من المحاولات الروائية الجيدة في ابداعنا المحلي ... مع ذلك يبقى الفن الروائي بعيدا عن أن يشكل تيارا ثقافيا يمكن الاشارة اليه.


لفت انتباهي مقال كتبه الناقد الدكتور حبيب بولس (1948 - 2012) وانا اراجع هذا الموضوع ضمن ما كتب ونشر ، جاء في مقاله: " في رأيي أن الأسباب الرئيسية التي تقف عائقا أمام تطور هذا الجانر تنقسم إلى فئتين: أسباب عامّة، أعني بها الأسباب الخارجة عن إرادة المبدع وأخرى خاصّة نابعة عن المبدع نفسه. من الأسباب العامّة سببان هامّان هما طبيعة الظروف التي نعيشها أولا وقلّة المرجعية لهذا الجانر محليّا وفلسطينيا ثانيّا. أمّا السبب الرئيس الخاص فيعود إلى عدم قدرة المبدعين لدينا لغاية الآن الموازنة بين الخطابين: التاريخي/ الأيديولوجي/ الواقعي والخطاب الإبداعي/ الروائي/ التخييلي.."


صحيح ان الدكتور حبيب بولس حدد الإشكالية الأساسية في اطار  الخطابين التاريخي- الواقعي والأدبي - الإبداعي.


الخطابان(التاريخي والأدبي) ليسا وقفا على الجانر الروائي ، انما هم اشكالية لكل ابداع أدبي  قصصي أو شعري او فني متنوع.


صحيح تماما انه لا وجود لهذين الخطابين ، التاريخي (الأيديولوجي) والأدبي (الفني)، خارج عملية الابداع .. فهما مرتبطان ارتباطا وثيقا وجدليا بعملية الابداع نفسها.


السؤال هل التوازن بين الخطابين هو قاعدة مطلقة؟ وكيف نتعامل مع الخطابين؟ وما هي الشروط اللغوية لتطوير جانر روائي يمكن ان يرسي هذا الفن في ادبنا داخل اسرائيل؟


من البديهيات ان الخطاب الأدبي (الفني ، طبعا بما في ذلك اللغة الروائية)، او الحدث التاريخي (الأيديولوجي) يشكلان جوهر الابداع وليس شرطا عبر استيعاب المبدع لهذه ألمعادلة وهذا يبرز في ادبنا الروائي عبر عدم فهم العلاقة التفاعلية بين الخطابين لدى اوساط واسعة من المبدعين.. في معظم الحالات نجد ان الاحساس الذاتي للمبدع هو معيار التوازن بين الخطابين.


لكن التوازن النابع من الذات في الخطابين لا يفي بالمطلوب دائما.


ان التوازن او التعادل  بين الخطابين في صياغة النص ليست مطلقة، كما قد يفهم مما ورد في مقالة الناقد بولس.. او ما سبق وورد في مداخلتي.


في حديث لي معه قبل وفاته وافقني ان العلاقة بين الخطابين هي علاقة نسبية، تتعلق الى حد بعيد بقدرة المبدع نفسه في فهم نسبية هذه ألعلاقة اين يعلى خطابا على حساب خطاب وما هي محدودية كل خطاب ، أي تبقى عملية الكتابة الروائية او الإبداعية، مسالة ترتبط بالقدرات الذاتية والتجربة الذاتية والحس الذاتي.


اذن يمكن القول أننا امام حالة ابستمولوجية التي تعني باختصار شديد علم المعرفة الذي هو فرع من الفلسفة متخصص بدراسة طبيعة ألمعرفة مداها وحدودها.. ولا ابداع أدبي او فني او فكري خارح المعرفة بمفهومها الفلسفي الواسع ، وليس بشكلها كحالة من التطور الطبيعي للإنسان.


المعرفة.... هي المعيار السحري لكل ابداع أدبي في حالتنا.. وكما قال غوته:"الذي لا يعرف ان يتعلم دروس ال 3000 سنة الأخيرة يبقى في ألعتمة".


صحيح القول ان الخطاب ألتاريخي الأيديولوجي ، أي الحدث او الفكرة ، والخطاب ألأدبي الفني ،أي القدرات اللغوية، هما القاعدة لأي ابداع أدبي روائي ، قصصي ، شعري أو مسرحي أو فني  ولكنه موضوع مركب أكثر اذا تناولناه من زاوية المعرفة ، المعرفة تعني القدرة على التوازن النسبي وليس المطلق  وتطوير  قدرات المبدع في فهم هذه العلاقة ونسبيتها. بكلمات اوضح : اين يجب ان يعطي المبدع مساحة أكبر لأحد ألخطابين وما هي حدود هذه المساحة حتى لا تصبح سلبية وقاتلة للجانر الروائي او غيرة من اشكال الابداعات  الأدبية والفنية... ومدى الادراك الذاتي للواقع التاريخي ، الاجتماعي ، السياسي، الأخلاقي والثقافي بشمولية الثقافة .


قال هيغل: "ان ما هو معقول هو ما يمتلك امكانية دخول الحياة"


ان اللغة في النص تشكل مرتكزا هاما .. والموضوع ليس معرفة اللغة فقط ، معرفة اللغة امر هام ، بل القدرة على تطوير لغة مناسبة للجانر الأدبي  الروائي او القصصي او الشعري وغير ذلك وهنا نسال هل اللغة الروائية مجرد انشاء سردي؟ حسب مقولة هيغل نستنتج ان الرواية تحتاج الى  لغة روائيه بدونها مهما كانت الفكرة عبقرية تظل بعيدة عن المعقول ألروائي!


ان معرفة عرض الخطاب التاريخي قد يقود الى كتابة ريبورتاجية صحفية بغياب الخطاب اللغوي الروائي (اللغة الدرامية) ، معرفة الخطاب الأدبي قد يقود الى كتابة نص مليء بالفذلكة اللغوية والنحت الصياغي وصولا الى تركيبة جمالية لا تقول شيئا للقارئ ، إلا ان الكاتب يعرف النقش باللغة ... وربما ما ينقص الخطابين ، هو خطاب ثالث: "الخطاب ألتخيلي" القدرة على مقاربة الواقع بالنص ألروائي وخطاب رابع: "الخطاب ألدرامي" اي القدرة على بناء الأحداث المتخيلة التي تعبر عن الخطاب التاريخي ليس بشكله في الواقع اليومي ، وتغذي اللغة النص بأبعاد درامية جمالية وليس  مجرد النقش اللغوي الأقرب للرسم بالريشة. اللغة الدرامية بحد ذاتها تشد القارئ تماما كما تشده صياغة ألحدث ولكن دورها ان تعمق الناحية الدرامية ، القكرة الدرامية لوحدها هي مجرد خبر . اللغة الدرامية تحول الخبر الى حدث روائي. وهنا يحدث تفاعل هام  ومصيري بين النص الروائي واللغة الروائية . . أي اللغة الدرامية بكلمات أخرى.


ما هي اللغة الروائية ؟ هل من السهل اكتسابها بالدراسة ؟ .. وهل معرفة بحور الخليل مثلا تكفي لجعل الناظم شاعرا؟


ليس كل من يحسن النظم ومتمكن من لغة الضاد هو شاعر..  


نجد في ثقافتنا المحلية (وفي الثقافة العربية عامة) مئات ناظمي الشعر، السؤال كم عدد الناظمين الذي نجحوا بجعل نظمهم قصائد شعرية حقيقية ؟ هنا نجد ان المئات يُختصرون لأفراد قلائل.
في القصة القصيرة لدينا عشرات الناثرين ... السؤال: كم ناثر نجح بأن يصل لإنتاج قصصي فني؟


احيانا في مراجعاتنا النقدية لا نقول كل الحقيقة حول التركيبة الابداعية ، لأسباب مختلفة ، أهمها اعطاء دفعة وتفاؤلا للناثر أو الناظم لعل التجربة القادمة تكون أكثر اكتمالا.. طبعا هذا لا يمكن فصله عن مستويات الابداع العامة لمجتمعنا.. ومقياسنا لا يمكن ان يكون حسب الابداعات العربية او العالمية.. حلمنا ان نصل ، لكن الحلم يحتاج الى الكثير من العناية الغائبة من أجندة مؤسساتنا الرسمية والشعبية.


هناك لاعبون في ساحة النقد ، يرتكبون جريمة بحق المبدعين حين يوهمونهم انهم بلغوا القمة ... ولكنه موضوع آخر!!


بالطبع هناك اشكاليات أكبر في ابداع جانر روائي.


النظرية والتحليل النقدي النظري جيد  لتحليل العمل ، تقييمه ونقده ... وليس ليدرسها المبدع ويطبقها. ان عملية الابداع مركبة ومتداخلة بعناصر انسانية وعقلية ومعرفية (ابستمولوجية) وتجريبية واجتماعية واقتصادية أكثر اتساعا من مجرد فكرة تصلح لنص روائي او قصصي او شعري.


اعتقد ان مشكلة الجانر الروائي ترتبط بتطوير ألمعرفة عندها سننتقل من "غبار روائي" الى "نجوم روائية".


اني أدعي ان معظم الروايات التي ظهرت في أدبنا العربي داخل اسرائيل ، تفتقد للمركب الروائي الأساسي. وتكاد تكون خطابا تاريخيا مجردا من القدرة على القص والدهشة وجعل اللغة طيعة متدفقة مثيرة ومتفجرة. طبعا لدينا نصوص روائية جيدة لكنها من القلة بحيث لا تشكل تيارا ادبيا روائيا.


الابداع الحقيقي ، نثرا أو شعرا ، لا يعني نقل حدث تاريخي او انطباعي  بلغة سليمة. أو بديباجة مليئة بالفذلكة والألعاب الصياغية . الموضوع ليس انشاء لغويا بسيطا أو فخما جدا . هناك لغة للقص تختلف بتركيبتها عن لغة المقالة . تختلف بتركيبتها عن لغة الريبورتاج ، تختلف بتركيبتها عن لغة الشعر. لغة تفرض نفسها على كل قوانين اللغة وقيودها، ويبدو لي ان نشوء لغة عربية  حديثة يخضع في معظمه لتطور الأدب القصصي والشعري الحديث ، ويمكن رصد البدايات الثورية لهذه اللغة الحديثة في الأدب العربي الذي طوره ادباء المهجر، وبنشاط الآباء اليسوعيين في لبنان.واليوم تلعب الصحافة ولغتها ومفرداتها دورا هاما في تطوير لغة عربية سهلة ممتعة سريعة الاندماج مع المناخ الثقافي وفرضها على اللسان العربي رغم المجامع اللغوية التي لا تزال تفسر "الساندويش" ب "الشاطر والمشطور"!!


ان رواة الأساطير يستخدمون اسلوبا هو أقرب للغة الرواية اذا استبدلنا المفردات العامية . اسميها لغة تشويق وأسلوبا يعرف كيف يشد المستمع بالمفاجئات والدهشة التي تظل حتى نهاية الأسطورة.


لا اقلل من قيمة الموروث التراثي التي ارتبط بشخص ألراوي في المقاهي او السهرات. لكنه لا يشكل قاعدة للكتابة الروائية او ألقصصية انما ملهما لتنمية القدرة على التخيل وفهم عناصر الاثارة ودورها في الابداع السردي. يجب ان لا ننسى ان الرواية هي وليدة عصر تحرير ارادة الإنسان. الانسان ولد ليكون حرا، ان لم يكن اجتماعيا ففي فكره ونصوصه  وهذا ما اثبتته حركتنا الشعرية الفلسطينية داخل اسرائيل التي ولدت في ظروف تسلط قمعي وإرهابي وحصار ثقافي .. قبل ان تبدآ لأسباب لا مجال لها الآن بالتراجع (يمكن القول في مرحلة الحريات والتواصل مع الثقافة العربية بدون قيود).


رغم الانفتاح الواسع على الثقافة العربية والعالمية وما أنجزته من أعمال روائية راقية جدا إلا ان روايتنا لم تحدث تلك العاصفة التي احدثها شعرنا.


اذن أين مشكلتنا..؟!


بالطبع أرى أهمية ما طرحه الناقد الدكتور حبيب بولس...حيث كتب : " في مجتمع كمجتمعنا وفي ظروف كظروفنا نجد أن الرواية دائما تخاتل طموح كتابة التاريخ الفني للمخاض ألسياسي الاجتماعي في فلسطين إبان ألنكبة قبلها، في خضمها، بعدها ومحليا أيضا،وهذا أمر من الممكن أن يشكّل منزلقا للكتابة الروائية في ظروفها الاجتماعية المعيشة. فعلى ألكاتب - أي كاتب - أن يحذر التاريخ، وأن يعرف كيف يقيم توازنا بينه وبين الإبداع، إذا أراد فعلا كتابة رواية فنية. وكم كان محقا ذلك الكاتب المفكر ألمغربي عبد الكبير ألخطيي حين قال: "التاريخ هو الوحش المفترس للكاتب"، وهو يقصد بذلك أن صوت التاريخ – الواقع- الايدولوجيا ، حاضر على الدوام في شغاف قصصنا، يتأدى بطرائق وأساليب مختلفة متنوعة ، جهيرا حينا- خافتا حينا أخر".


أجل هذا صحيح . ولكن هل وضعنا يدنا على الوجع الأساسي ؟


الناقد استمر في تحليل "الواقع الموضوعي" ، اذا صح هذا التعبير ... الحائل بين تحول الابداع الروائي الى جانر مركزي في ثقافتنا. وهو تحليل علمي نقدي سليم تماما . ولكني ككاتب قصصي وروائي أيضا ، (اصدرت ثلاث روايات) ، اواجه مشاكل مستعصية لا تبقي في نفسي الرغبة لتجربة روائية جديدة ، بل فقط للكتابة الثقافية العامة ، وكتابة المقال الفكري والسياسي والمراجعات الثقافية ، أو النقد كما تسمى مجازا... وكتابة القصة القصيرة ، أي لا أجهد نفسي لأكتب رواية رغم توارد عشرات الأفكار الروائية الجيدة. دور النشر غائبة او تستغل الكاتب لتحلبه . لا مؤسسات ترعى المبدعين . هناك تسيب ثقافي ، الكثير من  النصوص انشائي يفتقد للغة الرواية ولأجواء الرواية ، ستجد عددا من " النقاد " ، حتى بدون بعض الفضة ، يجعلوا كل نص ابداعا لا مثيل له في الأدب العالمي  رغم انه لا يستحق القراءة.


كل واقعنا هو واقع مريض. ليس فقط ان شعب اقرأ لا يقرأ ، مؤسساتنا غائبة عن الفعل الثقافي . ثقافتنا بنيت بظروف عصيبة من التحدي البطولي ، ومن معارك الحفاظ على لغتنا وثقافتنا وانتمائنا القومي ، ضد سياسة القمع والحكم العسكري البغيض .


مع ذلك كان هناك القادة الطلائعيين الأبطال داخل الجسم السياسي ( الحزب الشيوعي ) الذين تصدوا بقوة ونجاح وربطوا بين السياسي والثقافي بوعي كامل لأهمية هذا الربط في المرحلة التاريخية التي كنا بمواجهتها، خلقوا أجيالا من المثقفين والمناضلين  شكلوا العمود الفقري لانطلاقة ثقافتنا وضرب جذورها عميقا بالأرض .. وصولا الى انبهار العالم العربي كله بما انجزناه سياسيا وثقافيا.


للأسف اليوم في ظل الحرية نتهاون بما انجزناه ونضيع ما وصلنا اليه. وهذا ينعكس سلبا على ابداعنا (وعلى واقعنا السياسي أيضا)وعلى تطوره بما في ذلك الجانر الروائي الهام جدا في كل ثقافة متحدية.


الرواية كانت تاريخيا ، معيارا لتطور المجتمعات الرأسمالية ، بل ويعزي المفكر الفلسطيني الكبير ادوارد سعيد في كتابه الهام والمثير " الثقافة والامبريالية " التطور المبكر للروايتين الفرنسية والانكليزية الى كون فرنسا وانكلترا شكلتا الدولتين الاستعمارين الأساسيتين ، وأن تطور الرواية الأمريكية تأخرت حتى بداية القرن العشرين مع بدء انطلاق الامبريالية الأمريكية الى السيطرة على العالم.


يُفهم من طرح الدكتور ادوارد سعيد أيضا ، ان الرواية شكلت أداة اعلامية لظاهرة الاستعمار.. لتبريره أخلاقيا (رواية " روبنسون كروزو" مثلا ، حيث يصل الأبيض الى جزيرة مجهولة ويجد شخصا أسود ويبدأ بتثقيفه وإعادة تربيته وجعله انسانا راقيا – أي نقل له الحضارة باستعماره لأرضه وتحويله الى خادم له ، وهي تشبه الواقع الفلسطيني مع مغتصبي وطننا) ولكن الرواية ، هذا الفن الراقي والرائع ، الذي انتجه الاستعمار المتوحش والجشع ، خلق الرواية المضادة ، أو ألأدب المقاوم بمفهوم آخر..


لوكاتش ، المفكر الماركسي التنويري الكبير يصر بأن الرواية ( الأدب القصصي ) ليست إلا ملحمة البرجوازية التي ظهرت على مسرح التاريخ في أعقاب النهضة ألأوروبية وبالتحديد بعد الثورة الصناعية التي جعلت منها الطبقة السائدة في المجتمعات ألأوروبية يمكن ان نستخلص هنا ان التطور الاجتماعي  وتطور الطبقة البرجوازية ، بكل ما يشكله ويشمله هذا التطور من مضامين هو من ضروريات انطلاقة ألرواية وهي حالة لم تقف امام تطور الشعر مثلا .. وتاريخيا لم يكن الشعر بحاجة لها.


اذن ظهور الرواية الفلسطينية داخل اسرائيل بدأ عمليا مع تطور المجتمع العربي وبدء اندماجه بالمجتمع الصناعي عملا وفكرا ... لذلك نجد ان الرواية المضادة للرواية الصهيونية كان لها السبق ("متشائل" اميل حبيبي مثلا) ، لكن الرواية بمفهومها الاجتماعي الشامل ، ما زالت تتعثر!!


عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


لا يستخدم الشاعر التلفاز في بيته، وليس لديه أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك إمعانا في العزلة .. رولاندو قطان : الأحلام تولد في رؤوس النائمين.


افراسيانت - يتحدر الشاعر الهندوراسي رولاندو قطّان، الذي يتقاسم اسمه رولاندو مع أبيه وابنه، من عائلة فلسطينية مهاجرة، فهو من الجيل الثالث لعائلته.


خرج جده عفيف قطان من بيت لحم، فلسطين عام 1910 مباشرة عقب وصول إخوته الباقين إلى الهندوراس. وكانت عادة تغيير اللقب جارية في المهاجر اللاتينية، إما أن يقوم بها الشخص المعني نفسه كي يسهل على المجتمع الجديد حفظه، أو أن موظف دائرة الأحوال المدنية كان يقوم بها.


وهكذا فإن الجيل الأول في العائلة المهاجرة التي تضم عشرة من الإخوة والأخوات، هاجر تسعة منهم إلى الهندوراس وهم (بشارة، سلمان، شكري، عفيف، ماري، إيميلي، جانيت، جوليا، ريجينا)، ولم يبق في بيت لحم سوى العمة جوليا. مات الإخوة جميعهم ما عدا إيميلي التي أصيبت بالزهايمر، والطريف أنها لم تعد تتحدث سوى العربية.


كانت كوبا محطتهم الأولى، وكانت عدّة مدن قد بدأت تنشأ في الهندوراس، الأمر الذي حملهم على الانتقال إلى مدينة بيمينتا الجديدة، لكن الأقدار ما كانت لتجعل منها وجهتهم النهائية فقد دمرت المدينة في طوفان عام 1930، لتنتقل عائلة قطان إلى سان بيدرو ثم إلى العاصمة تيغوسيغالبا.


كانت تجارة الأقمشة هي المهنة التي عمل بها معظم أفراد العائلة، ومن بين جميع الإخوة قطان، اقترن عفيف بمحاسبة هندوراسية كانت تعمل في متجر أخيه. الزوجات الأخريات كنّ من بنات العمومة، فقد كان الأمر يتم بهذه الطريقة، تزويج أبناء وبنات العمومة كي يهاجروا سويا فتحافظ العائلة على بناتها في المهجر.


توفي الجد عفيف قطان عندما كان عمر الابن رولاندو عشر سنوات، وأبقت الأم الهندوراسية (إيميليا) على علاقتها القوية بالعائلة، وعن طريقها تعرّف الأبناء على أبيهم.


كان الشاعر رولاندو يروي لي تلك التفاصيل وهو يتصل هاتفيا بوالده أو بعمه يعقوب، عندما قال له الأخير، إن الجد بكى مرتين في حياته؛ أحدها عندما شاهد الجنود الهندوراسيين حفاة في واحدة من الحروب الأهلية التي مرت بها البلاد، والأخرى يوم 15 مايو 1948 المعروف بالنكبة، ليظل ذلك التاريخ غرابا أسود عالقا في ذاكرة العائلة.


توركو.. توركو


في إجابته عن سؤالي عن كيفية ارتباطه بجذوره، قال إن كل من حوله يعيده دوما إلى جذوره، فذكريات الرحلة والظروف التي هاجرت بها العائلة، والأجداد الراحلون، وأبعد من ذلك، أن الناس في الهندوراس ما برحوا يطلقون على ذوي الأصول الشامية لقب “الأتراك”، أحيانا كوصف لهم وأحيانا كشتيمة، فكلمة “توركو” أي “تركي” بلهجة الهندوراسيين متبوعة على الأغلب بشتيمة، ويتابع: “في المدرسة كان كل واحد يدعى باسمه الأول مثل ليوناردو، دافيد، فيكتور.. الخ، أما أنا فكانوا ينادونني باسم عائلتي “قطان”. ويضيف: “لديّ أصدقاء تعود أصولهم إلى أوروبا الشرقية، لكنّ أحدا لا يُذكّرهم بذلك”.


بخمس ماكينات خياطة فقط، بدأت عائلة قطان حياتها التجارية في الهندوراس لتصبح من أغنى العائلات هناك، وربما يفسر هذا السلوك العنصري ضدهم من البعض.

 

 

 

 

صورة تذكارية للجيل الاول والثاني من عائلة الشاعر في الهندوراس

 

 

كانت حكومة اليمين الهندوراسية صنفت ذوي الأصول الشامية مواطنين من الدرجة الثانية عام 1950، ولهذا فقد حملوا السلاح ضد الرئيس خوليو لوسانو دياس، وقد التحق معظمهم بالحزب اليساري. وفي العام 1998، نجح كارلوس فلورس فقوسة في الانتخابات الرئاسية ليكون أول رئيس هندوراسي من أصل فلسطيني يحكم البلاد.


يقول الشاعر قطان إنه ولد لعائلة متوسطة الدخل، لكنه محسوب دوما على العائلة الكبرى قطان التي تسيطر على رأسمال ضخم في الهندوراس، فمجموعة قطان لوحدها تضم عشرة آلاف عامل، ولهذا، وبسبب التداخل الحاصل دوما في تلك البلاد بين الاقتصاد والسياسة، فليس مستغربا أن أصحاب رؤوس الأموال من الأصول الشامية يتدخلون بقوة في الشؤون السياسية.


شجرة "الأناناس"


عن قصيدته “شجرة الأناناس″، يقول الشاعر رولاندو قطان إن مما ترويه الجدة إيميليا أن الجد عفيف كان يأمل أن يرى شجرة أناناس فارعة ولها غصون تتدلى منها ثمار الأناناس في أميركا اللاتينية، لكنه فوجئ أن تلك النبته تنمو ثمارها على الأرض ولا تكبر كشجرة. رولاندو في قصيدته تلك يستعير خيبة الجد برؤية الشجرة ليشير إلى خيباته المتواصلة كمهاجر فلسطيني كان يحلم بحياة أسهل من تلك التي عاشها، فإذا بتلك الصور والأحلام تتساقط وتصطدم بالواقع الأليم الذي عايشه، تماما كصدمته بعدم وجود شجرة للأناناس.


تقول القصيدة:


“إنه البحث
عن شجرة غير موجودة
في رحلة بدأت
من أرض لم تعد موجودة
رحلة تتواصل
في النعال التي خلفها أجدادي
وتنتهي بصلاة
إلهي
اجعل للأناناس شجرة
وازرعها في أرض تسميها
فلسطين.
ديوان "التركي"


يعيش الشاعر التلحمي رولاندو قطان في شقة قديمة في مدينة سان بيدرو، كانت جزءا من قصر كبير بني منذ 120 عاما. لا يستخدم التلفاز في بيته، وليس لديه أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي إمعانا في العزلة. بدأ كتابة الشعر صغيرا، كان يكتب القصص القصيرة ويعرضها على والده. وفي عمر الخامسة عشرة أعطاها لأحد الشعراء الذين تمكن من التواصل معهم وقد أخبره الأخير أن ما يكتب ليس شعرا، وأن عليه دراسة الأوزان والقوافي. عكف الشاعر على دراستها ليكتب ديوانه الأول “تسرّب الظلال”، وقد اطلع على الديوان في حينها وزير الثقافة وكان شاعرا وصحفيا، وهو من شجعه على النشر وقدّم له ليخرج الكتاب إلى النور عام 2000 عندما كان في العشرين من عمره.


رولاندو قطان:


شاعر هندوراسي من أصل فلسطيني، ولد في العاصمة تيغوسيغالبا عام 1979. أسس مع مجموعة من أصدقائه الشعراء الحركة الشعرية المعروفة باسم (أرض ممكنة للشعر). أقيمت له عدة أمسيات شعرية في الهندوراس وفي أميركا الوسطى وحضر عدداً من المهرجانات كمهرجان غرانادا للشعر العالمي في نيكاراغوا سنة 2005.


نشر عدة أعمال شعرية منها: “تسرُّب الظلال، 2000"، “ما لا ينتهي داخلي، 2002"، “الكشف عن بيت النمل، 2004" وديوانه الأخير “حيوان دون هوية، 2013".


ورغم شهرته الممتازة، اليوم، فقد لقي ديوانه الأول نقداً شديدا من معظم الشعراء والنقاد، فاتهموه بأنه يكتب شعرا تقليديا، وأن من سمى ذلك شعرا ليس سوى شاعر ضعيف لا زال يفكر في الأوزان والقوافي التي أكل عليها الدهر وشرب.


الأدهى من ذلك أن من ضمن النقد ذاته كانت تتكرر كلمة (التركي)، فتبدأ المقالات بـ “كتب (التركي)”، و”قصيدة (التركي)”..الخ. وبالرغم من أن رولاندو قطان يؤكد أن الديوان يستحق كل ذلك النقد لأنه كان تقليدا لما سبقه من الشعراء، وهو عمليا يتبرأ منه ويحاول إخفاءه، لكنه يشير فقط إلى أن النقد لم يذكره كشاعر سيء فقط، بل كشاعر تركي سيء.


يعتقد قطان أن بإمكان الشعر أن يغير العالم، ولذلك أقام مشروعه الثقافي (بلاد ممكنة للشعر)، فالخير الذي يمنحه الشعر للعالم لا بد أن يؤتي أكله يوما، فيقول “إن العالم يحتفظ بالشعر في ذاكرته. الموت هو موت الأنا، أنا حاصل ذكرياتي، والخوف من الموت ليس خوفا من فقدان المستقبل، بل خوف من فقدان الماضي”. ولهذا ففي كتابه الأخير يتحدث عن الذاكرة والماضي معتبرا أن النص المقدس تتوارثه الأجيال.


ومن هذا الديوان نقرأ القصية التالية:


مفاوضات حول الشَّعر
كل الأشياء الكبيرة
تبدأ بفكرة في رأس غير مصفف الشعر
كيف تمكّن الرب- كي أقوله بهذه الطريقة - من خلق كون ورأسه ملبد الشعر
ماذا كان بوسع نوح أن يفعل في سفينته مع كبير الخدم
أو المسيح في الجبل إن لم تكن شعورهم شعثاء في الريح


***


خرج هرقل من النهر منكوش الشعر
كما خرج أرخميدس من حوض الاستحمام
أما سقراط وأفلاطون
فقد نبتت شعرة مخبولة في صلعاتهم
من المعروف أن هوميروس مات وهو يحك شعر اليأس
وأن سرفانتس، كيفيدو، وجونجورا كانوا يطلقون شواربهم فقط كشكسبير
وفي سالف الزمن، أحرقوا جان دارك بسبب شعرها الشرس


***


أول الرجال الذين زرعوا القهوة والذرة
كهنة الهنود الحمر والقساوسة
الذين بنوا بالحجارة القصية قصائدهم الأولى
جميعهم جزء من مشعثي الشعر المجهولين
وبعد ذلك
نكشت تفاحة شعر نيوتن
وجعلت الكهرباء من شعر أديسون نقاطا واقفة
باخ أخفى شعره الطويل بباروكة
دافنشي أطلق لحيته


***


جميع ملائكة السماء،
ملهمات الشعر،
حوريات البحر والنساء اللاتي يعرفن الطيران لديهن شعر كثيف مضفر
مع التاريخ الحديث
أينشتاين كان أكثرهم شعثا
لكن الأشياء العظيمة هي الأكثر بساطة
كأولئك الذين يصلون للبيت على عجلة كي يطلقوا شعرهم
أو كالأطفال الذين يتعلمون الحب
وهم ينكشون شعر أمهاتهم
من الواضح أن الأحلام تولد في الرؤوس النائمة
فهي منكوشة الشعر دوما
وفوق هذا فالعاشقون يقبلون بعضهم ويتحابون
بشعر منكوش
ولهذا أقول:
لا تثق بحب غير مشعّث

 

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


بأية أدوات يفرك الشاعر حجارة اللغة ليبني قصيدته، بأية راحة يخطف ماء اللغة وضوءها ليختطف الوجود؟


افراسيانت - نوري الجراح - آخر مرَّة سئلت فيها حول مسألة في الشعر كان سؤالا يتعلق بالقاموس اللغويِّ للشاعر. بداية لم يبد لي السؤال مريحاً فكيف لشاعر أن يمدِّدَ قصيدته على مشرحة ويحصي أعضاءها؟


لم يبد لي مغرياً أن يتكلم شاعر بطريقة عالمة على قاموسه اللغوي، على مفرداته التي يؤْثِر، وتلك التي يمكن له أن يهمل أو يستبعد، مادامت العلاقة مع الكلمات لشاعر متغيرة، باستمرار، وعامرة بالمفاجآتِ كاسرةِ القواعد. ومع ذلك من المثير لشاعر أن يعود، في مرات، ليستكشف قاموسه من الكلمات.


***

 

مع كل تجربة فريدة، في العلاقة مع الكلمات، يوسِّع الشاعر في اللغة، وعبر اللغة، لابتكارٍ في الشعر من علاماته صورٌ وتراكيبُ مفاجئة.


كل علاقة جديدة للشاعر مع الكلمات إيذان بولادة جديدة لمفردات قرأناها مراراً، وها نحن نقرأها كما لو كنا نفعل للمرة الأولى.


وإذا كانت الكتابة مصهراً للغة، فإن الشعر لا يقوم إلا على غسل الكلمات. بعد ذلك يمكن القول إن ما قد يؤثِره شاعر من مفردات اللغة في قصيدة، لسوف يؤثره سواه في قصيدة غيرها. وما قد يستبعده في قصيدة، قد يتوهج في أخرى. وما كان ينبغي أن يهجر من الكلام، لكونه لا ينفع أبداً في وقت، أو مقام، لسوف يتحول في وقت آخر إلى ضرورة قصوى.


فللمفردة حالات وإمكانات وحيوات شتى، تشع تحت نظر الشاعر، كما حجر الكريستال.


إن حساسية الشعراء نحو مفردات اللغة يكتنفها الغموض، فكيف بالآثار الشعرية نفسها، التي ليس من شأنها أن تكشف أسرار عمل الشاعر في اللغة، بمقدار ما تضاعف منها.


وعليه ليس ثمة كلام واحد يقال، ولا حتى في تجربة شاعر واحد، فكيف بتجارب شعراء لكل منهم ميل، وإيثار، وطريقة، تاريخ شخصي مع اللغة.


ثمة أسرار في طبيعة الدوافع والاستعدادات التي تتسبب لشاعرٍ في تَرْكٍ وأَخْذٍ من القاموس.


والأهم، باستمرار، ليس فقط طبيعة العلاقة مع اللغة، أهي فاتنة، أهي مبدعة، وإنما الكيفية التي تتجلى فيها هذه العلاقة.


***


بأية أدوات يفرك الشاعر حجارة اللغة ليبني قصيدته، بأية راحة يخطف ماء اللغة وضوءها ليختطف الوجود؟ بأية نار يصهر، وبأية أدوات يسقي فولاذ اللغة، ليفوز بالشعر؟ بأية فتنة يقبل على الكلمات؟


ذلك، على الأرجح، ورغم العلم المبين في صنعة الشعر، سرّ الأسرار، وهو سرّ أنطولوجي.


وما مقاربات النقاد الذين يقرأون الشعر، سوى حذاقةِ أهل منطقٍ يأتي خارجا ويقصد اللباب، يكسر السطح ويريد أن يغوص، ليلمس أثراً لغزه أنه هبة المغامرة، لشاعرٍ شطح بعيدا مع اللغة في خروجٍ على منطقٍ قرّ وصار عرفاً وتقليداً في الشعر، وقبلاً في التجربة، ولكنه الآن كيان في قصيدة.


بإزاء حدث كهذا لا يمكن لقراءة تستعير التاريخ والفلسفة وعلم اللغة أن تخترق باسلحتها فيزياء التمرُّدَ على كل علم، في قصيدة كل ما يمنحه حبل سرتها المقصوص أن ليس فيها من العلم إلا اللغز، ومن الخبر غير الأحجية.


فهي الصورة الموهِمة للحلم وقد بات أثراً في كلمات، وشبكة عصيّة من التراكيب المواربة.


***


كل انتخاب للكلمات في كتابة شعرية إفصاح عن استبعاد من نوع ما لمفردات أخرى.


بهذا المعنى، فإن كل إفصاح عن مقول بمثابة صمت ما عن غيره. هنا خطورة في الشعر قلما تُلحظ، قلما تكون موضوعاً للتأمل.


***


في فرادة التجربة تغتسل اللغة ويتحول الكيف، في علاقات مفاجئة، إلى مصدر للطاقة المشعة، للابتكار، فلا يعود الكم، أو ما اعتاد النقاد تسميته "ثراء القاموس اللغوي" أو محدوديته هذا القاموس مصدراً لقيمة الشعر أو لماهية التجربة.


إنما القيمة في العلاقات الخلاقة، في ولادةُ الأجنحة وانهيار قفص اللغة.


***


كتب مالارميه شعره بمفردات قليلة جداً. وكتب مئات غيره ممن أهملهم تاريخ الشعر بقواميس باهظة المفردات. والنتيجة أننا مولعون بمالارميه.


***


بعض قراء شاعر يمتدحون قاموسه اللغوي الوفير. هذه بشرى سارَّة للشاعر، لكن كيف يمكن لشاعر أن يملك فرصة فحص هذا الزعم.


لست أفضل، في أية حال، أن يستدل قراءٌ على قيمة الشعر من حجم القاموس، لكنني متأكد من شيء أظنه مهما، هو الطبيعة الشخصية في العلاقة مع اللغة، وحساسية خاصة نحو الكلمات، من علاماتها ربما إفراط في التأني، وقلق لا يقرّ نحو ما يمكن أن تمنح المفردات من دلالات، وما ترميه من ظلال.


***


"قاموس الشاعر" لابد أن يكون في طريقته، المبنية من مفردات وتراكيب على نحو ما، قنص صور، وتوليد استعارات، بحث في نضارة المفردة، في طاقتها، في علاقات الاشياء بالاشياء، في ضوء الكلمة، في موسيقى الكلام، في ما يكتنه من المفردة، ومايستعصي اكتناهه، وعمل للميول والإيثارات.


قد يكون "الاختيار" و"الاستنساب" في المغامرة مع اللغة كلمتين غريبتين على جموح حالة الشاعر، بينما هو يغامر في المناطق الأخطر من حواسه، ليكتب ذاته ويكتب اللغة على نحو ما. هذا حدس أقرب إلى السؤال.


حاشية ضد اليقين:


في مرات كثيرة أفرح بـ"الانطباعات" الصادرة عن قراءة للقصيدة، يولدها الشعور الحر. لذلك أشعر ببهجة لا مثيل لها عندما أقرأ شعراء يكتبون عن شعراء.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


إطلالة جديدة على الواقع الفلسطيني تحمل الكثير من الجرأة، وتحاول التماهي مع الواقع الصعب والمعقد والمليء بالدراما والأحداث.


افراسيانت - ثبات فيلم “عُمر” للمخرج الفلسطيني هاني أبو سعد بعد تصفية أولى للمرشحين بقائمة جائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي في مارس المقبل، يجعله واحدا من ضمن 9 أفلام بعد أن كان واحدا من بين 76 فيلما روائيا طويلا، وهو ما يعتبر حدثا رمزيا يشير إلى حكاية الفيلم ذاتها والقضية التي ينحاز إليها.


فالعمل الذي يعدّ إطلالة جديدة على الواقع الفلسطيني تحمل الكثير من الجرأة هذه المرة من ناحية القصة التي يناقشها، وتحاول التماهي مع ذلك الواقع الصعب والمعقد والمليء بالدراما والأحداث، وفق حبكة بوليسية أبطالها ثلاثة شبان وفتاة يحاولون العيش بكرامة، لكن الاحتلال الذي يعيشون في كنفه لا يرحم أحلامهم البسيطة ولا يوفر لهم فرصة للحب.


المخرج “أبو أسعد” لم يبتعد كثيرا في فيلمه الجديد عن منجزه السابق “الجنة الآن” (2005)، بدا مخلصا لذات “الثيمة” التي انطلق منها، لكنه هذه المرة يغوص عميقا في إدانة الاحتلال من ناحية وتفكيك عمق تأثيره على الفلسطيني في محاولته منعه من الحب والعيش في كرامة، ويقترب كذلك من المقاومة الفلسطينية، وهو الموضوع الذي غاب حضوره كثيرا في الأعمال الفنية، إلا بصفته بطولة وقيمة مركزية.


في “عمر” دخل أبو أسعد (المخرج وكاتب السيناريو) عميقا في عالم العلاقة مع المحتل ونقد المقاومة الفلسطينية، وهو ما يجعل الفيلم حاملا لقصة مختلفة وجديدة عما عوّدتنا عليه الأفلام الفلسطينية طوال تاريخها، فقد اعتادت أن تقدّم للمشاهد ثنائية الاحتلال والمقاومة بشكل نمطي تقليدي، غير أن الحال هذه المرة جاء مختلفا ويفتح مساحة كبيرة من الجدل داخل العقل الفلسطيني، وتحديدا عندما يمعن الاحتلال في تفكيك واستغلال أرقى ما في الإنسان، وهو قيمة الحب لتلعب دورا كبيرا في تصفيته، ودخوله في مستنقع العمالة، فاتحا زاوية أخرى لإدانة الاحتلال وممعنا في فضحه.


هنا لا يخفى على أحد أن المخرج الذي أعلن في مهرجان دبي السينمائي قبل شهر تقريبا أنه “ضدّ الاحتلال، داخل الفيلم وخارجه” في موقف متسق بين قناعاته وخطابه السينمائي، وهو ذلك الموقف الملتزم قد انعكس في فيلمه وعلى طريقته الخاصة، حيث قدم فيلما مهموما بالفلسطيني الإنسان من ناحية، ووفق معايير احترافية عالية جعلته يعرض في مهرجان “كان” في فعالية “نظرة ما” ويترشح للأوسكار من ناحية ثانية، ووفق معايير تجارية جعلته يعرض في مجموعة كبيرة من دور العرض العالمية والعربية، والفلسطينية أيضا من ناحية ثالثة، ليكون فيلما فلسطينيا مثاليا.

 

 

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم


مجلد في ثلاثة أجزاء من إصدار مغربي، يحتوي على الأعمال الكاملة للشاعر عزالدين المناصرة أحد أهم الأعلام في الساحة الشعرية العربية.


افراسيانت - “مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة” الإلكترونية خصّصت باكورة منشوراتها للعام 2014 للاحتفاء بالشعر الفلسطيني وذلك بإصدار “الأعمال الكاملة” للشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، وهو مجلّد جاء في 325 صفحة، وتوزّع على ثلاثة أجزاء تضمّ أحد عشر ديوانا تمثل حاصل تجربة المناصرة على مدى ما يقارب خمسة عقود من الإبداع الشعري.


تميّز إصدار الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة، بعد 13 عاما من الإصدار الذي أطلقته “المؤسسة العربية للدراسات والنشر” في عمّان وبيروت عام 2001، بكونه يتضمن دواوين جديدة نشرها الشاعر في مرحلة لاحقة، منها “لا سقف للسماء”، إضافة إلى أنه أدخل المناصرة في تجربة الإصدار الرقمي الذي بات يمثّل سبيلا سريعة وسهلة لنشر الآداب والفنون.


والأجزاء الثلاثة التي صمم غلافها الكاتب المغربي عبده حقي، تمّ اختيار الدواوين التي احتواها كل واحد منها بناء على التسلسل التاريخي للنشر بحيث يشمل الجزء الأول ثلاثة دواوين هي “يا عنب الخليل” (1968) و”الخروج من البحر الميت”(1969) و”مذكرات البحر الميت”، أما الجزء الثاني فيضمّ أربعة دواوين هي على التوالي “قمر جرش كان حزينا” (1974) و”بالأخضر كفناه” (1976) و”جفرا” (1981) و”كنعان يا ذا” (1983) وأخيرا الجزء الثالث المتضمن أربعة دواوين هي “لالا.. حيزية ” (1990) و”رعويات كنعانية ” (1992) و”لا أثق بطائر الوقواق” (2000) و”لا سقف للسماء” (2009).


والشاعر عزالدين المناصرة، المولود بمحافظة الخليل عام 1946، يعتبر أحد أهمّ الأعلام في الساحة الشعرية العربية، صاحب مسيرة ثقافية وإعلامية حافلة بالنشاط، متحصل على شهادة الدكتوراه في النقد الحديث والأدب المقارن وشهادة التخصص في الأدب البلغاري الحديث، عاش متنقلا بين عدة دول عربية.


ويعدّ المناصرة أحد رموز الحداثة الشعرية، اختار لنفسه مسارا في الكتابة الشعرية متفرّدا، مقدّما إضافات للشعر العربي الحديث، أبرزها طريقة طرحه للموروث وكيفية التعامل معه. وقد فتح الشاعر طيلة مسيرته الشعرية آفاقا تخييلية جديدة مثلت من تجربته فضاءات تتحاور فيها مفاهيم الأصالة والهوية والوطنية مع مفهوم التجديد الشعري، مع تأكيده في خلال ذلك عدم الإيغال في الترميز والاكتفاء بصفاء الفكرة وخلوصها لواقعها. صدر له في غير الشعر كتب منها “الثقافة والنقد المقارن” و”جمرة النص الشعري”.

 

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology