افراسيانت - يوماً بعد يوم، تؤكد الإطلالات الإعلامية لزعيم "هيئة تحرير الشام" الارهابية (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني، بأنه ليس سوى أداة تنفيذية بيد مموليه وداعميه في تركيا وقطر، وايضاً في الولايات المتحدة الامريكية.
فالأخيرة تدعي بأنه مطلوب وملاحق لها، وقد وضعت لقاء الإدلاء عن معلومات توصله اليه جائزة قيمتها 10 ملايين دولار. فكيف تفسر تجوله يومها بطريقة استعراضية قرب الحدود السورية التركية، وبقائه في منطقة مكشوفة لمدة تتجاوز 23 دقيقة، بالتزامن مع تحليق استثنائي للطائرات المسيرة الأمريكية.
فكان هذا الحدث مصدراً لتندر الكثير من المتابعين، بأن الطائرات الأمريكية عملت على تأمين حماية له حتى الانتهاء من جولته هذه.
نتحدث هنا عن المشروع الذي افتتحه الجولاني والذي هو طريق يربط ما بين مدينة ومعبر باب الهوى، تم إعادة تعبيده وتوسيعه وإنارته، بتكلفة بلغت حوالي مليوني دولار، بطول يبلغ حوالي 3 كم.
يكثّف الجولاني خلال الأشهر الماضية من مشاركاته الإعلامية، في سعي منه للظهور كـ"رجل دولة". بحيث يظهر في إطلالاته مرتدياً البدلات المدنية، ويعقد اجتماعات مع الحكومة التي قام بتشكيلها في المدينة وسماها بحكومة الإنقاذ، ومقدماً خلال الاجتماع أطروحاته في الشأن الاقتصادي.
حيث ناقش الوضع في المدينة والمناطق التي يسيطر عليها تنظيمه، مركزاً على أزمة الخبز في منطقة الشمال السوري، متحدثاً عن مشكلة الأمن الغذائي، واوعداً بتحسن الأوضاع المعيشية للسكان، ودعم مادة الخبز بشكل عاجل، من خلال توفير مبالغ من الإيرادات لذلك.
وفي هذا السياق أيضاً، شرع الجولاني منذ أكثر من ثلاثة أعوام، الى القبض على المفاصل الاقتصادية في مناطق سيطرته. منها معبر باب الهوى الحدودي ما بين تركيا وسوريا، حيث فرض الخوات على إدخال كافة أشكال البضائع، حتى على المساعدات الغذائية التي تأتي من مؤسسات الإغاثة الدولية.
كما أنشأ زعيم التنظيم الذي نفذ أولى العمليات الانتحارية في البلد، عدداً كبيراً من الشركات ذلت الأنشطة المختلفة، والتي احتكرت سلعاً وخدمات حيوية، منها الشركات العقارية التي تقوم بتنفيذ مشاريع بدعم مالي تركي وقطري، إضافة إلى للشركات التي تدير قطاعات النفط (ثل شركة وتد للبترول)، والمداجن والحوالات المالي وغيرها.
حكومة الإنقاذ
_ حكومة تتبع "هيئة تحرير الشام" في ادلب، وقد تشكلت في أوائل تشرين الثاني من العام 2017، بعد إلغاء المجالس المحلية.
_ يقودها حالياً "علي كده" منذ تشرين الثاني من العام 2019، وهو الذي يظهر مع الجولاني في افتتاح المشروع الأخير، وقدب تم انتخابه من قبل هيئة تشريعية تسمى مجلس الشورى العام.
_ تقوم هذه "الحكومة" بجباية الضرائب وإدارة العديد من القطاعات، وقد أدت زياداتها الضريبية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والاتهامات بوجود احتكارات على سلع رئيسية مثل الوقود، إلى احتجاجات واسعة وقعت بين تشرين الأول والثاني من العام 2019، المناهضة للجولاني ولقوات الامن التابعة لهذه الحكومة غير الشرعية.
أعلن "أبو محمد الجولاني" القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام" في مقطع فيديو مصور ، رفض المباحثات التي تجري بين سوريا، مع الجانب التركي، مؤكداً أنها تعد انحرافاً خطيراً يمس أهداف الثورة السورية.
وشدد "الجولاني" في كلمته على رفض مبدأ المصالحة الرئيس الأسد وتوعد بمواصلة الثورة حتى إسقاط النظام وتحرير دمشق، معتبراً أن المعركة مع النظام معركة حق وباطل، داعياً جميع السوريين إلى "مواجهة التحديات التي تمر بها الثورة السورية".
الجولاني الذي غازل الولايات المتحدة والغرب أكثر من مرة وعرض على امريكا الشراكة في إدلب السورية لتشاركهم العداء للدولة السورية، سبق وان قدم أوراق اعتماده كإرهابي في خدمة أمريكا وضد روسيا في منطقة حساسة جدا جدا لموسكو بيان قوات الأمن الروسية قال بأنها أحبطت هجوما إرهابيا في سيمفروبول، واحتجزت اثنين من أنصار “تحرير الشام”، “كانا يخططان لتفجير إحدى المؤسسات التعليمية في المدينة، ومن ثم الهرب عبر اوكرانيا و تركيا الى سوريا، وفي حال صحّت هذه المعلومات فإن الجولاني أدخل نفسه في صراع بين الكبار ومن غير المتوقع ان يخرج منه سالما خاصة وأنه مازال على القائمة الامريكية للارهابيين.
النقطة المهمة في هذا الحدث تكمن في ان النقطة المشتركة بين جماعات المعارضة السورية على اختلاف عناوينها هي "العمالة"، فإن كانت خلافاتهم سياسية مع التيار الحاكم فهل هذا يمنحهم حق الارتزاق للدول الأخرى؟،
وهل يخدم هذا "إدعاءهم" حول الديمقراطية التي يقولون ابتغاءها (مع العلم ان النصرة ليست في وارد الحديث عن الديمقراطية، وسجونها ملأى بمعتقلي الرأي)، وهل يجعلهم هذا الارتزاق لحساب
الدول، ليس في سوريا فحسب بل في اذربيجان وليبيا واليمن ؟
رغم تصنيف “تحرير الشام” على لوائح “الإرهاب”، ركّز التحالف الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، على استهداف “جهاديين” منضوين في تنظيم “حراس الدين” شمال غربي سوريا، إضافة إلى آخرين يتبعون لتنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” أو اعتقالهم، دون التعرض لقيادات في “تحرير الشام”.
لقد سعت “تحرير الشام” التي يقودها “أبو محمد الجولاني” لتأمين قبول إقليمي ودولي بسلطة الأمر الواقع التي تفرضها شمال غربي سوريا، وسخرت خطابها ومقابلاتها مع صحفيين أجانب لذلك.
أن “بروباغندا الهيئة ورسائلها خارجيًا” اتجهت نحو تركيا والدول الغربية، في تحوّل خطابي واضح تضمن تلطيف اللهجة وتبني الدبلوماسية ولغة السياسة الواقعية والمصالح .
لكن الواقع ان هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني تضع نقسها في موقع الاحتياط الامريكي فيما لو تطورت اية مشكلات امريكية مع تركيا وهذا هو المؤكد فلا حدود لتطلعات مثل هذه التنظيمات التي يمكن ان تتخلى عن اية تحالفات مقابل تحالفات افضل تؤمن لها الثروة والبقاء .